– تاريخ الأيقونة وعلاقتها بفاطيما والكنيسة الكاثوليكية (الحركة المريمية في الأراضي المقدسة)
***
قبل مائة عام، ظهرت السيدة العذراء لثلاثة رعاة في البرتغال، وطلبت تكريس روسيا لقلبها الطاهر.
بعد سنوات، أصبحت أيقونة أرثودكسية شهيرة ومحبوبة، المعروفة باسم “سيّدة قازان” وأيضاً “حماية روسيا”، مرتبطة بموقع ظهورات فاطيما، حيث تنبّأت العذراء القديسة بأن تكريس روسيا وارتدادها سوف يمنح العالم فترة من السلام.
في الواقع، قبل ثورة عام 1917 التي أطاحت بالإمبراطورية الروسية وأدت إلى تأسيس الاتحاد السوفياتي، كانت روسيا تعرف بالعامية باسم “بيت مريم”، حيث كانت هناك الكثير من الكنائس والمعابد المخصصة للسيدة العذراء أكثر من أي بلد آخر في ذلك الوقت.
وفقا لمحلل الفاتيكان المخضرم روبرت موينيهان، الذي لديه معرفة واسعة عن الثقافة الروسية، فإن غالبية الأيقونات الروسية تصوّر مريم مع الطفل يسوع. وأوضح أنه “رمز مقدس، وهو ما يسمح لواقع الشخص المصور أن ينظر إليه في الصلاة والتأمل. بواسطة هذه الأيقونات بنى الشعب الروسي علاقة روحية عميقة مع مريم العذراء”.
لا جدل أن هناك أنواع كثيرة من الأيقونات الروسية التي تصوّر مريم العذراء أكثر من أي شخصية أخرى. وتنقسم معظم الأيقونات الروسية التي تصوّر مريم إلى أربع مجموعات واسعة:
- إليوسا the Eleusa اي الحنان،
- أوديجيتريا Odigitria الدليل،
- أورانتا the Oranta العلامة،
- أكاثيست the Akathist الترنيمة.
العديد من الأيقونات الأكثر شهرة في العالم اليوم هي صور للعذراء مريم والتي وجدت أنها عجائبية، بما في ذلك أيقونات: فلاديمير، سمولينسك، قازان والمادونا السوداء (Czastochowa ). ما عدا أيقونة المادونا السوداء (موجودة في بولندا) كل من هذه الأيقونات هي من روسيا أو موجودة في روسيا.
سيدة قازان هي إحدى الأيقونات الأكثر شهرة في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، ولها تاريخ فريد يربطها بالكنيسة الكاثوليكية وبظهورات فاطيما.
الأيقونة نفسها تعود إلى عام 1569 على الأقل، عندما تم العثور عليها في مدينة قازان، وتقع على بعد حوالي 500 ميل شرق موسكو. في ذلك الوقت، كانت المنطقة تقع في صراع بين التتار الفولغا وقيصرية روسيا.
حسب التقليد،
- حلمت فتاة صغيرة في إحدى الليالي أن السيدة العذراء ظهرت لها وطلبت منها أن تذهب إلى أنقاض الكنيسة التي تم حرقها، و”هناك سوف تجدين صورتي”.
- رفضت أم الفتاة السماح لها بالخروج، بحجة أن الوضع خطير جدا. ومع ذلك، بعد أن عاد الحلم على ليلتين متتاليتين، قالت السيدة العذراء للفتاة إنها ستحزن إذا لم تذهب.
- في صباح اليوم التالي، رافقت والدة الفتاة ابنتها إلى الكنيسة، حيث رأتا نور ذهبي وسط رماد. وعندما أبعدتا الرماد والحطام، أدركتا أنهما كانتا تحملان صورة العذراء مريم والطفل يسوع، وكانت الصورة تتوهّج.
- بينما هما عائدتان بها مرّ بالقرب منهما رجل أعمى فعاد إليه البصر في الحال. فأصبحت الأيقونة تُعرف باسم “الصورة العجائبية”. انتشر خبر الأيقونة بسرعة ووصلت أخبارها الى قيصر روسيا الذي أمر بجلبها الى العاصمة.
قال موينيهان “على مر القرون أصبحت الأيقونة تعرف باسم “حماية روسيا”، موضحاً أنه كلما دخلت روسيا في الحرب، فإن القيصر كان يستدعي بطريرك الكنيسة الروسية، ثم يرفع البطريرك الأيقونة أمام الجيش، ويصلي من أجل حماية روسيا، وعلى الرغم من أن البلاد عانت من خسارة كبيرة، فإن “روسيا لم يتم غزوها أبدا”.
تم وضع الأيقونة في نهاية المطاف في كاتدرائية سيدة قازان في موسكو، والتي تقع مباشرة عبر الشارع مقابل الكرملين. في عام 1918، بعد وصول البلاشفة إلى السلطة، أخذت الأيقونة من الكنيسة وبيعت لتاجر فن في وارسو، وانتهى بها الأمر بحوزة رجل من نبلاء بريطانيا الذي علّق الأيقونة على جدار منزله في لندن.
في عام 1950، صدف أن كان الأسقف الروسي يزور المنزل وتعرّف على الأيقونة، وقال للنبيل انه يمتلك “حماية روسيا”.
بعد وفاته، في عام 1960 اشترى الأيقونة “جيش فاطيما الأزرق” (منظمة دولية مكرسة لنشر رسالة سيدة فاطيما). في عام 1970 تم بناء كابيلا لإيواء الأيقونة في معبد فاطيما في البرتغال.
وهكذا، فإن أيقونة كازان انتهت في نفس المكان الذي طلبت فيه السيدة العذراء في عام 1917 من الأطفال الرعاة الثلاثة الصلاة من أجل روسيا، وتكريسها لقلبها الطاهر، وتنبّات عن ارتدادها.
عندما تم انتخاب القديس البابا يوحنا بولس الثاني للسدة الرسولية في عام 1978، أراد إعادة الأيقونة إلى روسيا، لكنه كان أمراً مستحيلاً طالما كانت البلاد تحت الحكم الشيوعي.
لذلك عندما سقط الستار الحديدي في عام 1991، في غضون أيام قليلة دعا البابا البولندي سفير الفاتيكان في البرتغال، وطلب أن يحضر أيقونة قازان إلى روما، حتى يتمكن من حملها مرة أخرى إلى روسيا.
لكن الكنيسة الأرثودكسية الروسية لم ترِد أن تستردّ الأيقونة خلال زيارة بابوية خوفا من أن يبدو الأمر وكأنه عودة منتصرة للكنيسة الكاثوليكية.
في نهاية الأمر تم تسليم الأيقونة عام 2004، بواسطة الكاردينال والتر كاسبر، ثم رئيس المجمع البابوي لتعزيز الوحدة المسيحية، والكردينال تيودور مكاريك، الذي كان حينها رئيس اساقفة واشنطن، الذان سافرا إلى موسكو ووضعا الأيقونة في أيدي البطريرك اليكسي الثاني.
لقراءة الخبر من المصدر (إضغط هنا)