أخبار عالنار- لا نجِد ما يوجب الإستنكار، بعد احتلال إرهابيي جبهة النصرة، المُنسحبين من عرسال، بيوت المسيحيين في دير الزورالسورية،لأن هذه البيوت خاوية وهجرها أهلها من زمان، ولا عتب على إرهابيين بلا دين، لأن بعض البيئات الشعبية التي تدَّعي التديًّن هي أخطر على القِيَم الإنسانية من كل المنظمات الإرهابية، ولا نجِد أنفسنا أسفين على الحجر طالما لم يعُد تحت سقفه بشر!
في أيلول من العام 2013، تزامنت مجزرة ذبح 130 مسيحي أرمني في حلب على أيدي إرهابيي النصرة، مع هُجرة أبناء حيّ مسيحي من الموصل العراقية قبل دخول داعش إليها، ووقفت إمرأة مسيحية تنتظر مع عائلتها الباص على الطريق مقابل منزلها وهي تنتحب، وعندما حاول أحد الصحفيين مؤاساتها بأسئلته أجابت: أنا لا أبكي لأني أغادر الموصل، ولا أنا أفكِّر متى تصل داعش إلينا، لكني أبكي الجيرة والخبز والملح، وأنا أشاهد جيراني يتقاسمون مقتنيات بيتنا لا بل يتقاتلون فيما بينهم عليها، هذا يريد الثلاجة وهذا يريد الغسَّالة، ولم ينتظروا ركوبنا الباص ورحيلنا لينهبوا جنى عمرنا بل يفعلون ذلك أمام عيوننا، فكيف آسف على الحيّ والجيرة والموصل وكل العراق بعد اليوم؟!
نحن ضد الشمولية والتعميم في الإتهامات، لكننا أمام معضلة مدارس تكفيرية، تلامذتها ومريدوها من فئة الجَهَلة، وهي تُعَمِّم الحقد وتكفير الآخر قبل أن يبدأ هذا الذي يسمُّونه “الربيع العربي”، ومِن قبل أن تظهر القاعدة وداعش والنصرة.
أقباط مصر يتعرضون للتنكيل والتهجير والقتل منذ زمن جمال عبد الناصر وحتى اليوم، وعند تأميمه قناة السويس ومصانع النسيج، كان هناك 300 ألف يوناني يعيشون في مصر في خمسينات القرن الماضي، وهُم الذين بنوا مصر الحديثة، وعندما سُئل عبد الناصر عن مصير الأجانب بعد تأميم مصانعهم أجاب: “ليغادروا مصر إذا مش عاجبهم”، وفعلاً، غادر اليونانيون مصر تباعاً، ولم يبقَ عام 2016 وفق هيئة الإذاعة البريطانية سوى 1000 يوناني في مصر من أصل 300 ألف، وما زال التنكيل بالمسيحيين مستمراً، رغم أن الإقتصاد المصري اليوم، يعتمد على الأقباط الذين يساهمون بـ 35% من الدخل القومي ولا يُشكِّلون أكثر من 8% من إجمالي السكان، ومع ذلك، لا يُسمح لهم ببناء كنيسة في قريةٍ ما نتيجة تزمَّت سكان القرية، وكل أديرة الرهبان ومدارس الراهبات يستفيد منها غير المسيحيين، ويحرق الجهلة “المتديِّنون” حضارة من يُذيبون أنفسهم كما الشموع على مذبح القِيَم الإنسانية والمواطَنة الصالحة، في شرقٍ تُعشِّش فيه الشياطين، وقدرُ المسيحيين فيه، أن يسلكوا دروب “جلجلة ما بتخلص”… ويُتبع!