يتطلَّع “التجّدد للروم الكاثوليك” بتهيُّب إلى الإستِحقاق الذي يَنتَظِره أبناء طائِفَة الروم الملكيّين الكاثوليك في لبنان وبلدان المشرق العربي والانتشار، والمتمثّل بانعِقاد السينودوس المقدّس في 19 الشّهر الجاري والمدعو لإنتخاب بطريرك جديد على رأس كنيسَةٍ تتوق إلى التجدّد والى نَهضَةٍ اكليركية ومدَنيَّةٍ تسترجع إلى ابناء الطائفة دَورَهَم الرائد في وَطَنٍ كانوا وما زالوا من أركانِه الاساسيين وتحافظ عليهم في أوطان أخرى عزيزة وتصون وحدتهم اينما وٌجدوا.
وإننا إذ نطوي حقبَةً شهدت مَحطات مضيئَة وأخرَى ملتَبِسَة، ونَودع عَهداً بَطريركياً أعطَى للكَنيسَةِ الملكيّة الكاثوليكيَّة بُعدَها المَشرِقي الواسِع، بقيادَةِ صاحِب الغِبطَة البطريرك غريغوريوس الثالث لَحّام، فإننا نتطلّعُ إلى انعقاد هذا السينودوس على أنه حَدثٌ مِفصَلي في تاريخ طائِفَتِنا الحديث ينقل الطائفة من التخبّط الحالي على كافة المستويات إلى كنيسة فاعلة وحاضرة على مساحة الوطن والمنطقة.
لذلك نناشد آباء السينودوس الاجلاء بأن يَضعوا نُصبَ أعُيِنِهم أنَّ أبناءَهم لا يَصبونَ إلا إلى إصلاحِ أمورِهم وشؤونِ طائِفَتِهِم ليسَ إلا، وهم متعففونَ عن فتاتِ السلطَة أو التنافس على رَمادِ المناصِبِ الزائِلَة أو تَحقيق المآرِب الخاصَّة أو الفئويِّة. وإننا نتمنى على غبطة البطريرك العتيد أن يسهِمَ قَولاً وفِعلاً في استِعادَةِ دور الطائفة وفعالية تواجدها في هذه المنطقة وأن يَكونَ عاملا لالتئامِ جراحِهاالمَعنويَّة، فتَعودُ إلى لَعبِ دَورٍ رياديٍّ في الحياةِ العامِّة اللبنانيَّة حيثُ سجّلت تراجعات كبيرة فانكَفأت عَما بَرَعت فيه في الماضي ألا وهوَ إصلاحُ ذاتِ البَينِ بين المُتخاصِمين ما أكسَبَها صِفاتَ تَوفيقيَّة كرّسَت إعتِدالَها وحفظَت لَها مَواقِع رياديَّة ليسَ في الوَظائِفِ العامّةِ والتمثيلِ السياسي فَحَسب بَل في قناعة الطوائِف الأخرى أن الروم الملكيين الكاثوليك هم قيمَة وَطنيَّة ومؤسِّسون للفرَادَة اللبنانيّة وأن حضورَهَم هو في صلب الصيغَةِ اللبنانيَّة نفسَها.
هذه الهُموم يقابِلُها تحدّياتٌ جِسام، ليسَ أقلُّها الهموم الإقتصادية والإجتماعية والمَعيشيَّة التي تَكادُ تَقضي على الطبَقَةِ الوسطى في لبنان، حيثُ غاب تَكافؤ الفُرَص، ونَدُرَت الوَظائِف المُتاحَة، وكَثُرَت هجرَةُ الأدمِغَةِ والشباب إلى حيثُ الحَياةُ الكَريمَةُ، وازدادَ شَبَحُ العَوزِ حتّى وَصَلَ إلى ما دون خَطِّ الفَقر في بعض المناطِق، واضمحّلَت الإنتاجيَّة، وسطَ غِيابٍ للتّخطيط المنتِج إجتِماعيّاَ وإقتِصاديّاً.
هذه القضايا نتمنى أن تكون مصدر إلهام أساسي في اختيار بطريرك يدخل كنيستنا في عصرٍ جديدٍ، عصر التجدّد والحداثة مواكبةً للمسيرة التي أطلقها قداسة البابا فرنسيس بحيث تكون كما كانت دوما القدوة في المجتمع والوطن.