سأل رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني إذا كانت بلاده ستكون هي من أدخلت إيران وتركيا إلى المنطقة إذا ما استدعتهما من أجل أن تدافع عن نفسها. وتابع “هل هذا ما يريدون دفع قطر إليه؟ السيادة هي أهم شيء بالنسبة لنا. وهذا ما سندافع عنه حتى الدقيقة الأخيرة”.
وخلال مقابلة مع قناة “PBS” الأميركية، قال بن جاسم إن القطريين تفاجأوا بأنه بعد مشاركة الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني في قمة الرياض الأخيرة التي حضرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، انتهى الكلام عن عزل إيران بالعمل على عزل قطر، والقول إن علاقاتها مع إيران مميزة وإنها تدعم الإرهاب وتموّله.
وأشار بن جاسم إلى أنه من الناحية التجارية، فإن تعامل قطر مع إيران لا يساوي سوى نسبة واحد بالألف مقارنة مع علاقات بقية دول الخليج مع إيران.
وفي نفس السياق، قال بن جاسم إنّ قطر تقف في سوريا في موقع مختلف مع إيران، مضيفاً “نعم واصلنا العمل على علاقات جيدة مع إيران، لأنها جارة ونتشارك سويّاً حقل غاز وهذا أمر طبيعي .. لكن هل علاقتنا مع إيران موجّهة ضد دول مجلس التعاون الخليجي؟ هذا بالطبع غير صحيح”.
ثم سأل بن جاسم “من يحاول في الخليج أن يعزل إيران؟ هل قطعوا العلاقات الدبلوماسية مع هذا البلد أو اقترحوا ذلك في مجلس التعاون الخليجي وعارضنا نحن ذلك؟ فليأتوا بهذا الاقتراح إلى المجلس وسنكون جزءاً منه. لكن هذا لا يحصل اليوم، لقد فعلوا ذلك مع قطر”.
وردأ على سؤال بشأن دعم قطر لإيران، أجاب بن جاسم “القول إنّ قطر تدعم إيران هي مزحة كبيرة .. لا يوجد أي حدث دعمنا خلاله إيران .. لدينا علاقات طبيعية مع هذا البلد لكننا لسنا على رأس سلّم لائحة من لديهم علاقات جيدة مع إيران. لو كنّا كذلك لما كنا نواجه الإيرانيين في سوريا .. ليست هذه المشكلة، المشكلة أنّ هناك بعض الدول تريد إملاء سياساتها على دول أخرى، لكننا دولة ذات سيادة، ولدينا الحق في ممارسة سياستنا الخاصة إذا لم تتعارض مع القانون الدولي”.
وبشأن اتهام قطر بدعم الإرهاب، ذكّر بن جاسم أنّ بلاده كانت شريكة للأميركيين منذ ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر 2001، قائلاً إنّ الجيش الأميركي أتى إلى قطر واستخدم كل التسهيلات الخاصة بالقطريين.
وأضاف رئيس الوزراء القطري السابق أنّ بلاده منذ ذلك الوقت شاركت الولايات المتحدة القتال في أفغانستان والعراق واليمن.
وأكد بن جاسم أنه لا يوجد أساس صلب للاتهامات بحق قطر، وقال “نريد حالات محددة. لا أحد يقول فلان موّل فلاناً”.
وبخصوص لائحة الإرهاب الأخيرة التي أعلنت عنها الدول المقاطعة لقطر مؤخراً وقالت إنها مرتبطة بالدوحة، سأل المسؤول القطري السابق “هل أرسلوها لنا ورفضنا التعامل مع الأمر؟ لم نرَ هذه اللائحة سابقاً. ربما بعض الذين ذُكرت أسماؤهم يجب فعلاً متابعتهم، لكن هل هذه هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع الأمر؟ أين القانون الدولي”؟ وتابع “منعوا عنا الغذاء، منعوا لقاء العائلات المتواجدة في البلدَيْن .. منعوا الطيران المدني والسفن .. هذا الحصار تم تطبيقه على غزة، أنت وآخرون كنتم تقولون حينها إنّ هذا ليس جيّداً”.
أما بشأن سوريا، أكد بن جاسم أنّ “الجميع ارتكب الأخطاء هناك بعد انطلاق “الثورة السورية”، بمن فيهم الأميركيون”، وأضاف “عملنا في غرفتَيْ عمليّات. واحدة في الأردن والثانية في تركيا. شارك العديد من الجهات في هاتين الغرفتَيْن، كالسعودية والإمارات والولايات المتحدة وحلفاء آخرين. في تركيا نفس الشيء”.
وتابع بن جاسم “مع الوقت، اكتشفنا أنّ بعض الجماعات لديها أجندات مختلفة وقمنا باستبعادها واحدة تلو الأخرى”، وتوجّه بن جاسم إلى المذيع الأميركي قائلاً “أنتم دعمتم المجموعات الخطأ أحياناً”، ثم قال “لكن هل فعلنا هذا عمداً؟ هذا ليس صحيحاً”.
وفي هذا الإطار، رأى بن جاسم أنه لو نجح الإرهابيون في سوريا لأتوا إلى دول الخليج ، مشدداً على أنّ هذه الدول لم تكن خارج خطر الإرهابيين أبداً.
وعن الإخوان المسلمين، قال رئيس الوزراء القطري السابق “إنّ (الإخوان المسلمون) هو اسم كبير، ويشمل جماعات مختلفة. بعضهم جزء من مكوّن البلد الذي يتواجدون فيه، ويشاركون في البرلمان في بعض البلدان. بعضهم يستخدمون العنف ونحن لا نتفق مع هؤلاء. بعضهم سلميّون”.
وتابع بن جاسم “أنت تعرف أنني شخصياً ضد كل هذه الجماعات. لكن بالنسبة لقطر، كيف ندعمهم نحن؟ الشعب المصري انتخبهم في مصر. السيسي والجيش المصري طردوهم خارجاً. حسناً، ألم يكن الأمير القطري أوّل من دعم السيسي؟ لكنهم كانوا بحاجة لأن يوجّهوا اللوم لأحد ما بسبب كثرة مشاكلهم الداخلية”.
بن جاسم سأل “هل تعتقد أنّ قطر تستطيع أن تدفع مصر إلى الحالة الاقتصادية التي تعاني منها اليوم بالرغم من مليارات الدولارات التي أعطيت لهذا البلد”؟
وذكّر بن جاسم أنّ بلاده هي أكبر داعم اليوم لتونس مع أنّ حكومتها ليست من الأخوان المسلمين.
وبشأن العلاقة بين قطر وحركة “حماس”، قال بن جاسم “ساعدنا حماس في غزة في ملف الكهرباء وهذا أمر مُعلن، الجميع يعلم ذلك بمن فيهم الإسرائيليون. ساعدنا في بناء بعض البيوت التي تهدّمت عام 2005 وبناء مستشفيات”، لافتاً إلى أنه في تلك الفترة قامت دول خليجية وعربية أخرى برصد الأموال لأجل غزة أيضاً.
وتابع بن جاسم “قبل إجراء الانتخابات الأولى في فلسطين، طلب منا الأميركيون أن نتحدث إلى حماس لدفعها باتجاه المشاركة في الانتخابات”.
أما بخصوص استضافة الدوحة لعناصر من حركة “طالبان”، فأشار بن جاسم إلى أنّ الولايات المتحدة طلبت من قطر استضافة خمسة عناصر من الحركة لكي يقوموا بمفاوضات، وتابع “شعبنا سيكون سعيداً إذا أرادت الولايات المتحدة استرجاعهم”.
ورأى رئيس الوزراء القطري السابق أنّ الشعب القطري بات اليوم يدعم أمير البلاد بشكل كامل، لأنه بات يعلم أنه كان صادقاً وحاول أن يبني علاقات مميّزة مع جيران قطر منذ أن أتى إلى الحكم، مؤكداً أنّ الدول المقاطعة لقطر أحبطت الشعب القطري وغالبية الشعب الخليجي التي رأى بن جاسم أنّها لا توافق على الإجراءات التي تم اتخاذها بحق بلاده.
وسأل بن جاسم “هناك ميثاق لمجلس التعاون .. هل اجتمع هذا المجلس واتهم قطر بشيء ما؟ لم يحصل أي شيء من هذا”.
ورأى بن جاسم أنه لن يُعوَّل على مستقبل مجلس التعاون الخليجي إذا كانت أكبر دول هذا المجلس تفعل ما تريد من دون العودة إليه.
وتابع بن جاسم “هذا التصرّف بحق قطر سيغيّر الكثير من الأوضاع داخل دول مجلس التعاون الخليجي، لأنّ ما يحصل مع قطر اليوم يمكن أن يحصل مع أية دولة خليجية أخرى. هذا يعني أنّ أي قائد من الدول الخليجية يمكن أن يستيقط في الصباح ويقرّر أن يغلق الحدود مع طرف آخر بسبب أو بدون سبب. هذا يعني أنه لا يوجد تماسك بين هذه الدول الست”.
واعتبر بن جاسم أنّ المشكلة الأهم اليوم هي أنّ الولايات المتحدة التي تُعَدُّ حليفاً للجهتَيْن، ليست واضحة بكيفية عملها على معالجة الأزمة المستجدة، وقال “يجب أن يكونوا أكثر عدلاً في نظرتهم للأزمة”.
ووجه بن جاسم نقداً لترامب بقوله إنّ الأخير يصدر أحكاماً على قطر بدون الوقوف على الأدلّة الصحيحة، مضيفاً “نتوقع من حلفائنا أن يكونوا عادلين لا أن يساعدوننا”. لكن بن جاسم أعرب عن ثقته بأنّ الولايات المتحدة ستتخذ في النهاية الموقف الصحيح.
وقال بن جاسم إنه من خلال وساطة الكويت والولايات المتحدة سيظهر أن الاتهامات بحق قطر ليس لها أساس.
وعندما سأله المذيع عن المكان الذي سيتوجه إليه بعد المقابلة، أجانب بن جاسم أنه في واشنطن لزيارة بعض الأصدقاء، ثم سيعود بعدها إلى بلده.
المصدر: قناة “PBS” الأميركية