أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


عبدو سعد: لبنان دائرة واحدة وفق النسبية، يختار الشريك المسيحي نوابه الـ64

يرفض مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات عبدو سعد الدخول في سجالات الأخذ والردّ حول مشاريع القوانين الإنتخابية،

المقدمّة من قبل القوى السياسية المختلفة. يشير سعد في مقابلة خصّها لموقع “Agoraleaks.com الى أنّ القوانين المختلطة (الأكثري والنسبي) ذات مفعول القانون الأكثري.

يقول: أتفهّم طرح الوزير جبران باسيل حول اقتراح قانون الإنتخابات، المبنيّ على أساس مُختلط أكثري ونسبي، (69 مقعد أكثري وفق القواعد الطائفية، و59 مقعداً على اساس النسبي ضمن الدوائر المتوسطة.

هذا الإقتراح جاء نتيجة شعور بالغبن والمعاناة من قبل المسيحيين الذين هُمشوّا من قبل متزعمي المسلمين، بسبب استيلائهم على مواقع مسيحية سياسية (وزارية ونيابية وإدارية وأمنية)، إنطلاقاً من مبدأ المناصفة التي ينصّ بها الدستور، والتي نادى بها التيار الوطني الحرّ منذ عام 2005 وحتى يومنا هذا.

يعقّب سعد على الطرح المُقدّم من قبل التيار الوطني الحرّ: هل هذا المشروع يبني دولة؟ هل زعماء المسلمين الذين يحظون بـ64 مقعداً مسلم بقوتهم الذاتية، جلب الخير على المسلمين. فهم رغم استيلائهم على نواب مسيحيين آخرين (حوالي 24 مقعداً نيابياً، ومساهمتهم  في انتاج 20 نائباً مسيحياً آخر) لم يحقّقوا العدالة الإجتماعية لا للمسلمين شيعة ولا للسنّة ولا للدروز؟

يعقّب سعد في حدثيه لموقعنا: المسيحيون قبل الطائف، قبل الحرب، كانوا ينتجون بقوتهم الذاتية 54 مقعداً من أصل 99 نائباً، هل استطاعوا منع الحرب الأهلية؟ هل استطاعوا بناء دولة؟

لو استطاعوا بناء دولة، لما حصل ما حصل من حرب أهلية؟ أثناء اقرار اتفاق الطائف، اضطر المسيحيون التنازل عن صلاحيات رئاسة الجمهورية. وبالتالي لم تحمهم الكتلة النيابية المسيحية المنتجة باصوات المسيحيين.

أملنا بالتيار في بناء الدولة

برأي عبدو سعد، من يحمي الجميع هو الدولة العادلة. على اللبنانيين أن يتساعدوا في بنائها، ونحن نتمنّى على التيار الوطني الحرّ صاحب مشروع التغيير والإصلاح أن يكون عرّاب مشروع بناء الدولة بالفعل. واليوم المسيحي يشعر مع وصول الرئيس ميشال عون أنّهم عبروا الى مشروع الدولة . وهذا الكلام صحيح، كونهم كانوا في السابق مهمشين، وكان يُعيّن لهم الوزراء واليوم باتوا هم من يعينّوا وزراءهم. وهذا السبب ليس لقدرات نوابهم، بل لسبب مجيء رئيس للجمهورية قوي الإرادة، ولأنه يمارس صلاحياته بشكل واسع جداً، ولأنه لديه اكبر حزب  مسيحي -وطني منتشر على كافة الأراضي اللبنانية. وهو يقول لمتزعمي المسلمين، لماذا انتم تريدون تسمية النواب والمواقع  للمسيحيين . وهم لا يستطيعوا مواجهته.

يضيف سعد: منذ اتفاق الطائف وحتى يومنا هذا، لم تحصل تعيينات ادارية لقادة مسيحيين بالشكل الذي فرضه وصول الرئيس عون الى سدّة الرئاسة الأولى، وهذا التغيير مما لا شك فيه هو للأفضل.

عبدو سعد يطرح “النسبية ضمن الدائرة الواحدة”، وهذا الأمر برأيه هو أفضل قانون للمسيحيين، لأنه من خلالها فقط يمكن بناء الدولة الفعلية التي ينشدها المسيحيون، يقول: بهكذا قانون كل مواطن لبناني بغضّ النظر عن طائفته يمكن له أن يحصل على حقّه. كل الاقليات السياسية أو الطائفية تشعر بالإطمئنان المطلوب، وهي تعطي للمسيحيين 64 نائباً.

كيف؟

يؤكد سعد، أنّ الـ64 نائباً مسيحياً في انتخابات على قاعدة النسبية ضمن الدائرة الواحدة، من شأنها انتاج 64 نائباً مسيحياً إنطلاقاً من الأحزاب المسيحية الكبرى، لأنّ ذلك سيفرض بالتأكيد واجب تأمين الشراكة بين المسيحيين والمسلمين.

ويقول سعد مفصلاً: منذ 1943 الى يومنا هذا، لم تُخض إنتخابات نيابية ضمن دوائر صغيرة نسبياً (الأقضية، وحتى المحافظات) الاّ بمشاركة اسلامية مسيحية، فاللوائح المنافسة هي دائماً تشمل مسيحيين ومسلمين، وبالتالي الشراكة مضمونة على الدوام. يتابع سعد حديثه: عندما يكون هناك انتخاب على مستوى لبنان، الشريك المسيحي هو من يختار مرشحيه وليس المسلم، وعلى سبيل المثال في انتخابات 2009 في بعلبك الهرمل، رغم قوة حزب الله الخارقة (110 آلاف صوت) وعدم حاجته لأي صوت مسلم شيعي ولا سنّي ولا حتى مسيحي، ورغم ذلك، شعور حزب الله بأهمية شراكة الجنرال عون وتمثيله للمسيحيين، اوجب الحزب القول: نحن الشيعة لدينا 4 مقاعد نيابية مسيحية ضمن دوائرنا: 2 بالجنوب أحدهما للحزب القومي السوري الإجتماعي (لا علاقة للثنائية الشيعية به)، وآخر في الزهراني تمّ إجراء استطلاع للرأي فيه، بين السيدين ميشال موسى وفوزي أبو فرحات، وبقية الشخصيات المسيحية، وقد حاز ميشال موسى بنسبة 50.5 % من أصوات المسيحيين.. وأبو فرحات حاز على نسبة 33%، والمقعدين الآخرين المسيحيين أعطى حزب الله  الحزب السوري القومي الإجتماعي حق تسمية مرشح على لائحته، والآخر طُلب من العماد عون تسميته، وكانت التسمية في حينه للنائب اميل رحمة.

يُعطي سعد هذا المثل ليؤكد أنّه في دوائر كبرى، مجبر المسلم ايجاد شريك مسيحي له، فكيف بالحريّ إذا كان لبنان دائرة واحدة.. يعقّب سعد على هواجس بعض المسيحيين: لنفترض أنّ عدد المسيحيين تضاءل ليُصبح عددهم 10 % من سكان البلاد، في بلد كلبنان حزب الله مضطر لتأمين حماية  سياسية له ببعده الوطني من قبل التيار الوطني الحر الممثل الأكبر للمسيحيين، حاجة المسيحيين للمسلمين والمسلمين للمسيحيين ضرورية. حتى تيار المستقبل مجبر على التفتيش عن شريك مسيحي أصيل، لأنه سيفقد شرعيته الوطنية. ويصبح تيارالمستقبل أو حزب الله مكشوفان وطنياً، وحتى مشرقياً ودولياً، لأنهما سيُتهمان بالهيمنة.

العرف أقوى من القانون

ولتفسير مقاربته أكثر، يشير عبدو سعد الى انّ العرف في لبنان اقوى من القانون.. يقول: ذلك الأمر جليّ بانتخاب شخص رئيس الجمهورية من الموارنة بدءاً من ما قبل 1943 وحتى يومنا هذا، فرغم شجون الحرب الأهلية، وقصف قصر بعبدا في عهد الرئيس فرنجية وأجباره مغادرته بالتوجه الى كسروان، انتهت ولايته بانتخاب الرئيس الياس سركيس المسيحي.. كما أنه في عام 2007 رغم التظاهرة المليونية واستمرارها على مدى سنتين كاملتين بالحشود بالآلاف اسبوعياً، هل استطاع الشيعة والمسيحيون مسّ جدار السرايا الحكومية؟

يستذكر سعد أحداث 7 أيار أيضاً، ليشير الى أنّ حزب الله رغم انتصاره ميدانياً بحسب ما يدعّيه البعض، بماذا طالب الحزب بغير أمرين: دخول التيار للحكومات، وبقانون انتخابي جديد… هكذا عاد الرئيس السنيورة رئيساً للوزراء في لبنان.

في عام 2009، الم تسعى كافة قوى 14 آذار(السنة والمسيحيين) تغيير رئيس المجلس النيابي نبيه بري، هل استطاعوا ذلك.. الم يكن اجماع موقف حزب الله والقيادات الرسمية الشيعية في هذا المجال عاملاً لإستمرار نبيه بري رئيساً لمجلس النواب، ما اضطرّ الجميع الرضوح بذلك.

ينطلق سعد من تلك الأحداث المتعلقة بالمسيحيين والسنة والشيعة، ليؤكد مدى قوة الأعراف في لبنان، يقول معقباً: واقع المسيحي ان يختار ممثليه لا يُمكن المسّ به.

ويعتبر سعد أنّ محاسن اجراء انتخابات لبنان دائرة واحدة وفق النسبية، من شأنها تمثيل جميع الطوائف والشرائح المجتمعية والقوى السياسية بشكل سليم، يقول: كل الأقليات السياسية والطائفية تتمثّل. المُختلط برأيي له نفس مفاعيل القانون الأكثري. ولن يأتي نائباً واحداً من خارج الإصطفافات الكبيرة. على سبيل المثال، ان تحالف حزب السوري القومي الإجتماعي مع الحزب الشيوعي وحتى حزب الكتائب اللبنانية مع بعضهم، هم لا يستطيعون الإتيان بنائب واحد في ظلّ قانون انتخابي مختلط.

اشكالية التيار المناصفة

الإشكالية التي يطرحها اليوم التيار الوطني الحرّ بحسب عبدو سعد، أنّه يسعى تحقيق المناصفة فيما يخصّ المسيحيين كونهم كانوا مهمشين، ولكن الإشكالية الأفضل برأيي أنّه يجب تأمين العدالة والإنصاف ليس فيما يختص المسيحيين فقط، بل اللبنانيين جميعاً. لهذا السبب بمعنى من المعاني طرح باسيل للقانون الإنتخابي يحقّق المناصفة للمسيحيين. نعم، ولكن؛

هل هذا هو هدف اللبنانيين جميعا؟ اليس بتحقيق النسبية الوطنية الشاملة تحقق المناصفة والانصاف  لجميع اللبنانيين.

الوزير باسيل يشعر بغبن المسيحيين الذي طال، ولكن السؤال المطروح: هل توجد عدالة للمسلمين.. لنترك جانباً متزعمي المسلمين.. يجب التمييز بين المسلمين ومتزعميهم… نعم متزعمي المسلمين يحتكرون الدولة مع ازلامهم، ومن مصلحتهم ابقاء القانون على حاله. ومن دون الولوج بالأسماء، المدرسة في مناطق معينة مديرها ينتمي الى حزب الطائفة، كما المستشفى الحكومي مديرها ينتمي الى التيار السياسي المتزعم لطائفته، اذا توجهنا الى شركة كهرباء لبنان والمياه وكافة موظفي الدولة، من يُعين المسؤولون  والموظفين  فيها هم من زعماء القادة السنة والشيعة والدروز. اليوم ما نخشاه أن ينضّم المسيحيون الى تلك المنظومة السائدة…

التيار هو الأمل

يقول عبدو سعد: المسيحيون يجب أن يكونوا شركاء في بناء الدولة. وهم اليوم يُجسدون الأمل، وتحديداً التيار الوطني الحرّ هو الأمل الوحيد في عملية بناء الدولة.. لهذا السبب اليوم المستفيد من هذا القانون المختلط هم الجماعات الطائفية لا الوطنية..

لماذا لا للمحافظات!

نسأل سعد عن النسبية الكاملة ضمن المحافظات الست، يقول: لا أحبذّها ولا أوافق عليها. الجميع يشكو من الطائفية السياسية، ولكن بعد قراءات معمقة حول الطائفية في لبنان، ثبت لي أنّ الطائفية السياسية لا تكمن في البنى السياسية للنظام اللبناني، فالنائب الماروني ليس نائباً للموارنة، هو نائب من الموارنة. الطائفية السياسية لا تكمن بالقيد الطائفي. الطائفية السياسية تكمن في نظام المحاصصة. في نظام الزبائنية السياسية المستمرّ منذ 100 عام.

وبرأيي المتواضع نظام الزبائنية السياسية هو احتلال للدولة من الداخل، يقول: هم يحتلون مفاصل الدولة بأسرها، وهذا ما يمنع بناء الدولة الحقيقية. لهذا السبب قانون وفق القاعدة النسبية ولبنان بدائرة واحدة، يمكن ابراز طبقة سياسية جديدة، قد تكون من حوالي 12-15 نائباً، على شاكلة الوزيرالسابق شربل نحاس، ونجاح واكيم، وحنا غريب، واسامة سعد.. هؤلاء الأشخاص يمكن ان يصلوا وفق النسبية الدائرة الواحدة فقط، لا وفق النسبية ضمن دوائرالمحافظات.

يتمنى سعد على الوطنيين في البلد، العمل لإنتاج طبقة سياسية من غير الطائفيين، يقول: برأيي 50% من اللبنانيين ليسوا طائفيين، ولكن شبكة المصالح من السياسيين تستغل الجهلة والذين يصفقون وأصحاب المصالح للحفاظ على مكتسباتهم داخل الدولة. وبصريح العبارة هل النواب المسلمون الذين جاءوا منذ 25 عاماً جلبوا المنّ والسلوى للمسلمين!