ال 15% للأساتذة المسيحيين مقابل 85% (سحر القبرصي)
قال الفرنسي مونتسكيو:” لا بد لكل انسان يتمتع بسلطة أن يميل الى الإساءة في استعمالها˓ و هو يظل متجها نحو الإساءة إلى أن يجد حدودا أمامه”. طالما عاش اللبنانيون على أمل رسم تلك الحدود و أوجعتهم التجارب فلم يعودوا يكترثوا إن سادت المساواة بفعل القوانين المدنية التي تفعلها الطوائف˓ المناطق˓ الأحزاب أو أية موازين أخرى فقد يأسوا من الايمان بكفاءاتهم وحدها و بدأوا على مضض يسيرون وراء قاعدة شهادة زائد محسوبية تساوي وظيفة في القطاع العام. و هذه هي حال بعض القرارات العشوائية التي بدأت تضرب بفسادها معتقدات و ركائز حكومة العهد الأولى التي بنيت على وعد إعادة ثقة المواطنين باداراتهم العامة.
صبيحة 08/11/2016 أصدرت وزارة التربية – المديرية العامة للتعليم العالي و المهني إعلانا رقمه 6/11134 يحدد حاجات المعاهد و المدارس الفنية اللبنانية الى أساتذة متعاقدين بالساعة مفندة الإختصاصات و كيفية توزعها على المحافظات إضافة إلى المستندات و المعايير المطلوبة لهذه الوظيفة. و أخيرا و بعد مخاض طويل تفاجأ مقدمو الطلبات البارحة بصدور لائحة بأسماء المقبولين التي تزيد عن الألف و سبعمئة أستاذ بدون الأخذ بعين الإعتبار لا التوزيع الطائفي للمرشحين و لا أصول التوظيف . ليست الطائفية محور إهتمامنا و لن نسمح لمن سيزايد علينا بالانتماء للوطن و ليس للطائفة فنحن من دعا و ناضل و حارب للعلمانية و لكن أن يهدر حق طائفة على حساب الطوائف الأخرى هو بالأمر الغير مقبول ˓ فأساس لبنان كان و ما يزال العدالة بين مواطنيه و العدالة بتعريفها النسبي هي 50% تقابلها 50%. أي أن نسبة لا تتعدى ال 15% للأساتذة المسيحيين مقابل 85% لباقي الطوائف هي بالفضيحة الوطنية التي تدمر مسارا كاملا من العمل و السعي لحفظ التوازن الذي يشكل منبع الحياة و الإستقرار في وطن ديمقراطي كلبنان. و لكن حين يدرك المرء أن السيد مدير عام التعليم المهني هو ممر هذا القرار و هو اليد المسيطرة على الأماكن الشاغرة في معاهد لبنان-فلا حاملو الشهادات العليا قدرت دراساتهم و أخذت خبراتهم بعين الإعتبار و لا تم احترام أسس تقديم الطلبات فلسوء الحظ تم تعيين من لم يكلف نفسه عناء السير بأصول التقدم للوظيفة و لا حتى تأمين المستندات المطلوبة أقله على عين الرأي العام- تبدأ بالسؤال عن دور الوزير و هو من يجدر به أن يكون على رأس الهرم و الراعي الرسمي لكل قرار ضمن حدود وزارته . فإن وافق على نسف التمثيل المسيحي فهي مصيبة و إن وثق و مرر التعميم دون الإطلاع على حيثاته فهي بالمصيبة الأكبر خاصة و أنه هو من أعطى المدير العام نفسه كامل الصلاحيات في تعميم سابق و في سابقة تدل على التهرب من المسؤوليات.
لم يصدر يوما قرارا فاسدا و تم تعديله و لم نكن يوما أمام اعتراف بخطأ في ادارة عامة و لكننا اليوم في ظل تجربة العهد النظيف و نراهن على التزام الجميع بالتغيير للخروج من بؤرة الفساد التي سادت لفترات طويلة˓ فهل سيصدر الوزير في الغد تعميما منقحا معدلا يعيد للأساتذة المسيحيين حقوقهم و يعتمد فقط على المعايير المهنية أو في أسوأ الحالات سيقوم بالاعلان عن ملحق يتم من خلاله رفع نسبة ال15% لحد النصف و هنا نكون أمام معضلة الفائض الذي سيسيطر على مهنيات لبنان و نعود لأزمة البطالة المقنعة و هدر المال العام.
هي حالة ليست بجديدة و لكن حين نكون أمام مفترق التغيير و الاصلاح و أمام وعود بالإبحار نحو المساواة و تطبيق مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب تكون صرختنا عالية النبض و صوتنا يهدر في ﺂذان و ضمائر كل نظيف الكف و نحن اليوم و في صدد الإحتفال بإقرار قانون الحق في الوصول إلى المعلومات ندعو للإستفادة منه و التثبت من التصحيح في حال وجد ﺂملين بتحقق الخطوة الأولى من مسيرة ايمان المواطن اللبناني بدولته بجميع مؤسساتها و بذلك يعود ليكسب لقمة عيشه بعرقه و كرامته و يعود ولاءه لأرزته أولا و أخيرا.