نشكر الله بداية، أن الوعي الشعبي ارتقى عند معظم اللبنانيين، الى مستوى أرقى من سياسيين حاولوا الإستثمار في الشحن الرخيص، من حادثة انقلاب شاحنة على طريقٍ دولية وليس في زاروب أو شارع داخلي من بلدة الكحالة.
وبصرف النظر عن نتائج التحقيقات حول مَن البادىء بإطلاق النار، فإنه من الطبيعي أن شاحنة نقل تابعة للمقاومة تأمين مواكبة لها بصرف النظر عن حمولتها، تماماً كما من الطبيعي أن يهرول مدنيون لمحاولة إنقاذ على كوعٍ يشهد حوادثاً وانقلاب شاحنات على مدار السنة، والمسألة لا يُمكن تناولها سوى من قبيل الحادثة الأليمة التي ذهب ضحيتها لبنانيَان، والباقي ليس فقط بعهدة الجيش والقضاء، بل بعهدة الحكماء الذين منعوا الجَهَلة من قطف الفرص كلما حانت لهم فرصة حتى ولو رقصوا على الأضرحة!
البيان الذي أصدرته عائلة المرحوم فادي بجاني، استبقت فيه كل الكلام الفارغ الذي بدأ ينفثه الإعلام التجاري الدنيء على ألسُن سياسيين وميليشيويين، تاقوا لرائحة الدماء المجانية، ولذلك، نسأل الرحمة لرُوحيّ الضحيتين، ونتقدم من ذويهما بوافر العزاء، وجزيل الإمتنان على الحسّ الوطني العظيم الذي كان كفيلاً بمنع الصغار من كل الشرائح السياسية والميليشيوية والإعلامية من تحويل الشاحنة الى بوسطة، بعد مرور 48 عاماً على الذكرى التي “تنذكر وما تنعاد”.
نعم، ليس غريباً على قيادة المقاومة الاحتواء في كل أمرٍ جلل، هي التي خاضت معموديات وطنية جليلة، لكن الغرابة في مواقف مجموعات ميليشيوية سواء كان حجمها كبيراً وشعارها على يافطات الشوارع “بدنا وفينا”، أو كان حجمها “بيتين وتنور” وما زالت تحفر في الصخر، فليس من حق أحد التفرُّد والحديث بإسم المسيحيين في كل مناسبة، لأن مسيرة البعض هي في عهدة الذاكرة المسيحية قبل اللبنانية، والمعركة الوجودية متى فُرضت على المسيحيين لن تكون ذخيرتها الكلام الفارغ والخرطوش الفارغ.
نحن من عُمق الأسى ننزف الكلمات، ومن حقنا أن نرى في ظلمة النفق الوطني قبساً من نور، نستلهمه من بيان أسرة المرحوم فادي بجاني الكريمة، ولنا العزاء فقط بوجود الحكماء على المستويات السياسية والعسكرية والشعبية، وبمواقف الكبار التي تضبط وقوع الكبائر…