أيّها الفيلسوف ديكارت Descartes (1596~1650) فكّر ما شئت، والتفكير قد يجعلك تدرك أنّك موجود لكن لن يجعلك تشعر أنّك موجود. ولن تعي معنى وحقيقة وغاية وجودك إن لم تؤمن أنّ الله موجود، وأنّه خلقك لأنّه يحبّك، وأنّك موجود لأنّك محبوب ومحبوب لأنّك موجود، وأنَّ خلْقَ الله لك هو أعظم فعل حبّ عمله تجاهك، وهذا الأمر هو ما يعطي قيمة ومعنى وغاية لحياتك. ومن دون هذه لا فائدة من ان تدرك أنك موحود.
الله الذي “في البدء خلق السموات والأرض” أوجدك ولست بحاجة لأن تبرهن لنفسك أنّك موجود. وبقولك “أنا أفكّر إذن أنا موجود” أرجعتَ نفسكَ إلى ما قبل كشف الله عن نفسه أنّه الإله الحقيقيّ الوحيد والخالق (تك 1:1)، أرجعتَ نفسك إلى عصور الظلام والجهل بالإله الحقيقيّ، عصر التنجيم والسحر والأساطير والخرافات وعبادة الأوثان (أش 2:9؛ مت 16:4).
فكّر ما شئت وأكِّد لنفسك أنّك موجود، لكنّ ذلك لن يكفيك، فأين أصل وجودك وما قيمة ومعنى وغاية وجودك؟ أما أنا فأؤمن أنّني موجود لأنّي أومن أنّ الله أوجدني، وهو أوجدني لأنّه يحبّني. وأنا لذلك أحبّه بالمقابل، وأنا في علاقة جدليّة من الحبّ المتبادل معه: أنا موجود لأنّني محبوب، وبقدر ما أحبّ الله بالمقابل أعي أنّني موجود، وبقدر ما أعي أنّني موجود أحبّ الله أكثر فأكثر وأعي أنّني محبوب.
ما يعطي حياتي قيمةً ومعنى وغايةً أنّني أعيش في زمن محبّة إلهيّة لا تحدّ، تكشّفت لي بالمسيح في الزّمن الأخير (عب 2؛1). وبالأكثر، ما يعطي حياتي قيمة معنى وغاية أنّني أعيش على “الرجاء بخلاص سوف ينكشف في اليوم الأخير” (1 بط 5:1)، وعَدَنا به الله في البدء، في سفر التّكوين (15:3)، وهو خلاص يتخطّى الزّمن الراهن إلى الأبديّة، حيث تنتظرنا خيراتٌ سماويّة لا حدّ لها.
* الكتابة على الصورة أدناه: “أنا أفكر فإذن أنا موجود”.