أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


عند أقدام المصلوب، نصُوم عن الباطل ونفطر على الحق – أمين أبوراشد

من حقنا نحن في هذا الشرق أن نعيش أسبوع آلام السيد المسيح بكل طقوسه ومراحل جلجلته، لأنه ربما الأقرب الى أحوال ذواتنا، نحن الذين نتوارث الجلاجل لمجد إسمه، ونحمل إيماننا المسيحي أيقونة أزلية أبدية عبر العصور، لا امتلكت من إرادتنا ظلامية المماليك، ولا زعزعت من قوتنا كل قوى الشر السابقة لهم واللاحقة، ربما لأننا ارتضينا لأنفسنا حمل الصليب والسير به على خطى بولس، وهذه الأرض التي مشاها ملك السلام هي أرضنا، مهما حاولت أقدام الكُفر وأرواح الشياطين إرهابنا، وعندما نسمع في بداية الصوم عبارة “أذكر يا إنسان أنك تراب والى التراب تعود”، نستنشق عفوياً عطر ترابنا الذي يُحييه في وجداننا رذاذ نعمة السماء، ونشكر الله على نعمة صمودنا في أرضنا.

وإذا كنا نبوح بالمكنونات علانيةً في أسبوع آلام سيدنا يسوع المسيح، فنحن لا نتعمَّد مخالفة سرّ الإعتراف، لكن الألم بات يأبى الصمت، وصرخة الوجع من واقعنا تكاد توقعنا في التجربة لا سمح الله، وننكر على القيِّمين علينا حقَّهم في الرعاية، لولا أن رمزية الرسالة التي حملها قبلهم رجال دينٍ تُقاة من أزمنة رهبان المغاور، تمنعنا من نكران تاريخنا وبدايات كتابة سيرة حضارتنا المسيحية العظيمة التي كان لها الفضل في بناء إنسان وأوطان هذا الشرق.

لكننا ننشُد الإنخطاف يوم الجمعة العظيمة الى حيث الفداء الإلهي، وأن ننعتق ولو لبعض الوقت من تفاهة المُكابرين على النعمة، ومن وصاية أهل الدنيا والدين علينا، فلا الدنيا أولدت لنا حفيداً لسمعان القيرواني يعيننا على حمل صليبنا، ولا وصاية رجال الدين بلسمت جراحنا، لا بل أهل الدنيا يتناوبون علينا كما أحفاد يهوذا، وأهل الدين نكاد نقول أنهم بلا دين لو جعلنا الوصايا العشر بيننا وبينهم للحكم بالحق.


نعم يا سيدي، نحن نحتكم الى الوصايا العشر بيننا وبينهم، ونتأمل بحضرتك مشهدية اللِّصين عن يمينك ويسارك على الصليب ونعترف، أننا جميعنا خطأة ولكن، نحاول أن نتَّعظ من لصّ اليمين، وهُم على مسلك لصّ الشمال سائرون، نحن نخاف الخطايا العرضية وهُم كل الخطايا المميتة يرتكبون، نحن في تلاوة فعل الندامة فاعلون وهُم عن كل ندامةٍ غافلون.

نحن يا سيدي في يوم مجدك وارتفاعك على الصليب نُعاهدك، أن نصوم عن الباطل ونفطر على الحق، وأن نرتفع عنهم وعن دناءة هذه الدنيا، ونرتقي الى حيث رحمتك ونعمة محاكاتك بلا وسطاء، ليكون لنا معك العهد والوعد، بأن نبقى مسيحيين قولاً وفعلاً، وأن نعيشك في حياتنا من المزود الى الجلجلة الى حيث عُلِّقتَ على خشبة، وفي عقولنا رؤية إيمانية لمصيرنا وفي ضمائرنا أقوالك والأفعال، واغفر لنا يا سيدي واغفر لهم، عسى أن ينال كل خاطىء نعمة المطهر على الأرض ويعود الى الإيمان الحقيقي ليستحق في الآخرة رحمة السماء..