حسان الحسن-
رغم التقدم الذي يحققه كل من الجيشين السوري والعراقي وحلفائهما في الميدان، خصوصاً الإنجازات الأخيرة في الموصل، وريف حمص الشرقي، لايزال تنظيم داعش الارهابي يتمتع بهامش من المناورة الميدانية ، غريب ولافت في احيان معينة او في امكنة معينة ، وهذا ما ظهر من فترة في سيطرته الصاعقة على مدينة تدمر ، وبالامس في تقدمه في نقاط حساسة في مدينة دير الزور ، ليس اقلها فصل المطار عن اماكن سيطرة الجيش العربي السوري في احياء المدينة.
مبدئيا ، لم تنته بعد فصول مشروع تقسيم المنطقة أو تفتيتها، هذا المشروع المفتوح دائما و الذي بدأ يتبلور عملياً في سورية ، اولا من خلال الدعم الأميركي للأكراد بإنشاء “كوريدور” كردي في المنطقة الشمالية- الشرقية والذي يعرف اليوم بالإدارة الذاتية الديمقراطية في غرب كردستان ، وثانيا ما بدأ يظهرمن خيوط كانت خفية في هذا المشروع ، و ذلك من خلال محاولة إعادة تكريس معادلة “شرق نهر الفرات وغربه”، ولهذه الغاية شن تنظيم “داعش” هجوماً كبيراً على مطار دير الزور العسكري والمناطق المحيطة به، لإزالة آخر معالم وجود السيادة السورية عن محافظة دير الزور بأكملها، ثم إخراج الدولة السورية من المنطقة الشرقية، ومعها النفوذ الروسي في شكلٍ نهائيٍ، ليصبح على تماسٍ مباشرٍ مع المشروع المتناقض كلياً مع التوجه الروسي في المنطقة .
وفي التفاصيل الميدانية، فقد تمثلت عملية التنظيم الارهابي الاخيرة من خلال تنفيذه عدة هجمات على مواقع جديدة قرب المطار المذكور، سيطر عبرها على منطقة المقابر ومعمل البلوك، مما ساهم عمليا في عزل أحياء المدينة التى يسيطر عليها الجيش السورى عن المطار، بحسب مصادر متابعة ، والتي اشارت الى أن عناصر “داعش” شنت الهجوم من محورين الأول، من شارع بورسعيد باتجاه سرية جنيد والثانى، من جهة الثردة – المهندسين، ليلتقى بعد ذلك المسلحون مع بعض، ما أدى إلى قطع الطريق العسكرى من اتجاه منطقة المقابر .
يأتي هذا الهجوم الداعشي من خلال حشود ضخمة، استطاع التنظيم تحضيرها و سحبها بطريقة سلسة وسهلة دون اية صعوبات او ضغوطات جوية ، وحيث ان هذه الصعوبات كان من المفترض ان تكون موجودة في ظل الحرب التي تشن ضده من قبل تحالف دولي بقيادة اميركية ، تحالف يمسك كافة اجواء شرق سوريا وغرب العراق على الاقل ، فقد استطاع التنظيم تنفيذ حشد كامل لوحداته من مواقع مختلفة في تدمر والرقة وارياف دير الزور واماكن تواجده في البو كمال وغيرها على الحدود العراقية السورية على ضفاف الفرات .
هذا الدعم الاميركي الخفي ، والذي تمثل على الاقل في غض النظر عن حشود التنظيم ، هو بالحقيقة ما يمثل النقطة الرابحة للتنظيم والتي كان دائما يستفيد منها في كامل معارك سيطرته في العراق او في سوريا ، وحيث ان الكونتون الكردي لا يؤّمن التوزان المطلوب أميركيا في مواجهة النفوذ الإيراني المتصاعد في العراق ، خاصة في ظل تقهقر داعش على حساب الجيش العراقي وعلى حساب وحدات الحشد الشعبي التي فرضت نفسها عنصرا فاعلا واساسيا في المعادلة العراقية والشرق اوسطية ، فان الولايات المتحدة تنظر بعين التخطيط والتصميم الى محاولة فرض واقع ميداني مختلف في مناطق دير الزور ، يشكل حاجزا يفصل الترابط العراقي السوري المدعوم ايرانيا ، تبنيه لاحقا على مجموعات عشائرية ، تعارض الدولة السورية بالاساس ، وتخاصم داعش مبدئيا ، ولكنها ايضا بعيدة عن المحور( العراقي – الايراني – السوري ) الذي ، لا بد انه سيقوى مع خسارة تنظيم داعش لمواقعه ومع افول نجمه كما اصبح معلوما ومطلوبا دوليا واقليميا .
واخيرا … يبقى لصمود الجيش العربي السوري ووحدات الدفاع الوطني في دير الزور دورا اساسيا ومحوريا في مواجهة التنظيم الارهابي اولا ، وفي افشال ما يتم التخطيط له اميركيا واقليميا ثانيا ، ويبقى ايضا للوحدات الجوية الروسية دور مهم في تثبيت هذا الصمود في دير الزور ، وفي حماية ما يشكله مطار دير الزور واحياء المدينة كقاعدة قوية ، تشكل مستقبلا
نقطة انطلاق واسعة لاستعادة الجيش العربي السوري سيطرته على اكبر مساحة ممكنة من الشرق السوري في دير الزور وامتدادا الى الحدود العراقية في القائم ، ومنها التاسيس لتحرير كامل الشرق السوري واعادة التوازن الى خارطة سورية بالكامل .
– موقع المرده-