موعدٌ نحتاجه كل عام أمام مغارة ملك المحبة والخير والسلام، حاجتنا للعودة الى ذواتنا، بعيداً عن صخب عالمٍ يُتقن صناعة الشرّ ولا يُجيد رسالة الخير..
نحتاج يسوع ونطلب رحمته كما دفء المِزود، ولسنا نطلب زينةً وبذخاً ولا “سانتا كلوز” يقرع أبواب القادرين المُقتدرين يوزِّع عليهم هداياه ويدوس في طريقه أحلام المحتاجين.
وقد نكون نحن أبناء هذا الشرق أولَى من سوانا بالإحتفاء والإحتفال، لأننا ننتمي الى الأرض التي وُلِدت فيها بركة الكون بميلاد يسوع، الذي أردناه رحمة سماوية وصرخة كرامتنا الإنسانية، ونور العالم الذي تسطع له كل أنوار الدنيا ولكن.. بعض المؤتمنين على مقدراتنا، قلوبهم لا تُشبه مغارة يسوع، ولا تعيشُك يا ملك المجد، وبلغنا معهم زمن الشرِّ والحقدِ والحروب الكافرة، ونحن الذين على دينك في شرق الشياطين هذا، دفعنا وندفع الأثمان من وجودنا وكرامتنا وأرزاقنا وأعراضنا وما زلنا نُردِّد عبارة “لأجل إسمك يا يسوع”…
نحن نحتاج من يُشبهك سيدي، يُشبه تواضعك ويُشبه زُهدنا، ورسولاً يُشبه بولس، نرى فيه قبساً من نورِك، أملاً في إصلاح حالنا ولكن، كيف له يا سيدي أن يخلع الصلبان الذهبية الدنيوية عن صدور الأساقفة ويأمرهم بصليبِ من خَشَب من عودِ صليبك؟
كيف له أن يرسِم لهم المزود الحقير بدلاً من المِفرَش الوثير؟
وكيف له أن يجعلهم رُسُلاً بالفعل لا بالقول يا سيدي، وهُم على عروشِ هذه الدنيا مُتربِّعون، وعن هموم رعاياهم غافلون؟
عن قداسة البابا فرنسيس ننقُل الوجع على العائلة المسيحية المؤمنة، التي لها حاجاتها البديهية كي تعيش بكرامة في آخرٍ وطنٍ في هذا الشرق، وطنٌ، هو حق المسيحي فيه قبل أي آخر أن يعيش إيمانه، وأن يرفع صليبه ويقرع جرس كنيسته، ونسألك يا طفل المغارة، أن تُبارك أجراسنا وأن يتردَّد صداها ليس في آذاننا وقلوبنا فقط، بل في ضمائر الشركاء الذين يدركون قيمة رسالتنا الحضارية، وفي آذان وقلوب من يعتلُون المذابح ويُلقون العِظَات في التواضع وهُم علينا مُكابرون..
وأمام مغارة ميلادك نعترف يا سيدي، أننا لا نراهم في عرق لُقمتنا، ولا في صراخ جياعنا، ولا في حبَّة الدواء، لا نراهُم في قلقنا على مستقبل أولادنا، ولا في أحلامهم بعملٍ شريف ولا بسقفٍ يأويهم في أرضهم، ولسنا نُطالب هؤلاء بأن يتبنُّوا أولادنا ولكن، “فِلسُ الأرملة” الذي أضاء فيه المسيحيون شمعة على مذبح مجدِكَ، واعتلت بفضلِه صروح الأديار والكنائس ومراكز الإرساليات والمدارس والمستشفيات وتوسَّعت الأرزاق، آن له أن يُنبِتَ في قلوبهم رحمة يسوع، وأن يلتفتوا الى حامِلِي صليبك عبر “فلس أرملة”، وأن يستثمروا بنا وبعرق جبيننا عبر مؤسساتٍ مُنتِجَة، ليبقى في هذا الشرق حَمَلة صُلبان يسيرون على خُطاك ويسلكون دروب بولس، وهذا لن يحصل ما لم يُولَد في معظمهم يسوع كما وُلِدَ فينا…