سحر القبرصي –
منذ أكثر من ثلاثين عاما و لبنان يرزح تحت وطأة الفساد ˓ فصار زمننا زمن فاسدين و مسؤولونا فاسدين ووزاراتنا و هيئاتنا العامة و مرافقنا فاسدة و حتى عقول مواطنينا فاسدة.
لم أرد أن أبدأ كلماتي بنظرة سلبية و لا بفكر متشائم و لكن أن يصدم المرء بانهيار أحد أركز العواميد الوطنية و التي تشكل مصنع رجالات المستقبل و الكفاءات و النوابغ و التي من شأنها الارتقاء بالمجتمع ˓ تكاد تكون نهاية الايمان فكيف اذا كان فيلماً طويلا تدور أحداثه في الجامعة اللبنانية ˓ دهاليز تقشعر لها الأبدان و خفايا تبكي الانسان و تجعله يسأل بجدية ان صار الشواذ قاعدة و تربع الفساد على عرش المناصب العليا و دار الانحطاط شؤون الطلاب و الأساتذة و لعب هو نفسه بمستقبل تلاميذ لا بل بمستقبل مواطنين فمن كان مثابرا منهم هاجر و حقق ما نشتهي أن نستفيد من انجازاته و من لم تحالفه الظروف و أثقلت المسؤوليات حمله و منعته من الطيران عمل بشهادته في أحد شركات الوطن و حدت طموحاته.
و كان للشيطان يوم عيد ˓ فهو قطع الطريق على كل من يحمل بذوراً قد تنافسه في المستقل القريب أو البعيد فمناصبهم تدوم و تدوم و تدوم، و رحمة على المداورة و المساءلة و نخب طلاب مكافحين و الله أعلم بما عانوه قبل تخرجهم.
الجامعة اللبنانية ، كلية العلوم الاقتصادية و على سبيل المعرفة بمكوناتها لا الحصر هي الغابة التي و لسوء الحظ تعصى على القوانين و المراسيم و تتحدى بقوة فلتانها الوزارات و المجالس المتعاقبة و ذلك لغايات شخصية و ﻣﺂرب فردية في نفوس جد ذكية الا أنها مريضة . فكيف لكعب الهرم أن يعمل بضمير و مسؤولية و أمانة طالما رأسه هو معقل سطو على الحريات و دهس للكفاءات.
امبرطور و حاشيته و أهل ذمة تعطل سفراتهم و حتى مستحقاتهم المالية و أحيانا يوقفون عن العمل اذا خالفوا أو حاولوا ايصال الصوت بأن القانون ليس وجهة نظر بل هو ميثاق و كلام جوهري من البديهي احترامه .
السلسلة طويلة˓ و لعلنا نبدأها بما هو دامغ و غير قابل للنقاش و ليس ملعبا لوجهات النظر : كيف لمسؤول أحد أهم الأقسام أن يتبوأ هذا المنصب لست عشرة سنة متتالية ضاربا بعرض الحائط القوانين التي لا تمنحه الحق بالترشح لأكثر من دورتين متتالية. و لكن حين تعلم أن في هذه الكلية لا مجالس أقسام قد تبدأ الصورة بالتبلور في مخيلتك فالقرار مزاجي فردي يتأثر فقط بالاعتبارات الشخصية ناسفا المصلحة الحقيقية .
و لكن المفارقة التي تجعلك تبحث عن نقاط التلاقي بين زعامات هذه المزرعة و تتساءل عن مصالحهم و خفاياهم المشتركة هي انتخاب المدعو السابق نفسه عميدا للجامعة بفروعها الخمسة و هو من رفعت ضده العديد من الدعوات التأديبية من زملاء و طالبات طويت أدراج مديري الجامعة لحقبات عديدة و حتى وزراء و عمداء سابقون. لا نشك بكفاءته العلمية و لكن أين المناقبية ˓ ألا مثيل له بين كل اللبنانيين و لا نبوغا مثل نبوغه و لماذا الموارنة الخمسة أساتذة هذا الفرع مقطوعة طرقاتهم ˓ فهم لا حول لهم و لا قوة لمنع البطش الذين هم شهودا عليه في قضايا اجرام أخلاقي كما ستظهر لاحقا تفاصيل قضية أحد الدكاترة المتبوئين أهم المراكز في وزارة المالية .
و أيضا كيف لخريجة العلوم النفسية أن تكون ممثلة الأساتذة في كلية العلوم الاقتصادية .
أضف لذلك العديد من التلاميذ الذين توجهوا في هذا العهد أو سابقه لنيل شهادات الدكتوراه فيما لم ينتهوا من مواد الماستر بفضيحة علمية و أخلاقية تدمر ليس فقط مصداقية الجامعة انما تاريخ العراقة و مثال النجاح. و هو ليس بالسبق الصحفي بل حقيقة عملية عمدت العديد من وسائل الاعلام الى الحديث عنها دون اذن تسمع و لا عين ترى و لا يد تشطب الفساد˓ ففي غابة الكلية لابنة امينة سر امتياز الدكتورا بلا تعب الماستر و الله أعلم بالأثمان.
سأترك لك يا عزيزي القارئ التمعن بالكلمات أعلاه و النهوض من تحت صدمة هذه الحقائق قبل المباشرة بالغوص و بالتفاصيل بقضيتين على اختلاف أسسهما الا أنهما ينطويان تحت عباءة منافاة أخلاقيات المهنة و تطالان من سيطرا على أهم قسمين في الكلية لسنوات عديدة ˓ فالاتي أعظم و الوثائق و الاثباتات برهن كل من دغدغه ضميره المهني و الوطني و كل مسؤول انتدب نفسه لحماية المواطنين و حمل مشعل الاصلاح.