عَ مدار الساعة


محامي الأموات وظهورات الأنفس المطهرية.. (مثال)

١- هل يسمح الله للأنفس المطهريّة العودة إلى الأرض؟

أحد أصدقاء القدّيس أغسطين ، مطران أوزال ، يسأله يوماً : “ماذا تظنّ في ظهورات بعض الأشخاص بعد موتهم ، يجيئون ويروحون في منازلهم كسابق عهدهم ؟ ماذا تظنّ أيضاً حيث بعض المدافن يسمع ضجيجاً في ساعة متأخّرة من الليل ؟”

فأجاب المعلّم الكبير : “أعتقد أن هذه الظهورات متكرّرة وطبيعيّة بالنسبة للأموات . وإذا كان ذلك متعلّقاً بهم فلا شكّ سأرى والدتي التقيّة تظهر لي دائماً . لأنّها لم تكن تفارقني في حياتها أبداً . لقد كانت تتبعني في البرّ كما في البحر وصولاً إلى المدن البعيدة . لكنّي مقتنع أنّ القدرة الإلهيّة تستطيع أن تسمح لهم أو تسمح لهم بالظهور لحكمة ما وواجبنا أن نحترم ذلك”.
لماذا لا يسمح الله للأنفس الراجية العزيزة علينا بالظهور ؟ ما زالت تتألّم فتخبرنا بحالها وبعذاباتها وتطلب منّا الرحمة ؟
حقيقة إن الكتاب المقدّس وحياة القدّيسين ، تخبرنا قصصاً بظهورات ملحوظة في كلّ زمن وفي كلّ مكان وأمام العديد من الشهود .
لا شكّ يجب الإنتباه من بعض الأشخاص السذّج الذين يظنّون أنّهم يشاهدون دائماً عودة الأموات ويعتبرون رؤية بعض الأشباح واقعيّة جرّاء مخيّلة منفلتة أو آلام أو ذكريات .
لكن إحذر أن تنكر إمكانيّة الظهورات إذ إن العقل يقول أنّ الله قادر على أمرها . وقد أظهر الإختبار أن الله سمح بذلك أكثر من مرّة . إنّها نادرة ولكنّها ممكنة .

٢- لماذا يسمح الله بالظهورات:

يعلمنا الكتاب المقدّس (التوراة) أن صموئيل قد ظهر بعد موته لشاوول يؤنّبه تأنيباً قاسياً . أنا لا أخشى القول بصوت مرتفع أن من الأسباب المنطقيّة القويّة التي يعتبرها الله حقّاً للأموات هي نكران الجميل من قِبل الأحياء لهم . لأنّهم نَسوهم وشغلوا عنهم بجمع الثروات التي تركوها على الأرض . لقد أهملوهم في عذاباتهم وتخلّوا عن التفكير في خلاصهم من نار المطهر . لذلك تظهر هذه الأنفس للأحياء بحال تثير شفقتهم ، وجوههم حزينة ، ألسنة اللهب تحيط بهم . يطلقون تنهّدات عميقة وصراخاً وأنيناً مؤلماً ويؤنّبون الأحياء . أحياناً يعبّرون عن وجودهم بضجيج قويّ وبإرشادات غير مألوفة . إنّها إشارات ماديّة تثير فينا العجب وتوقظ فينا ذكراهم للصلاة بحرارة من أجل خلاصهم .

مثال:

أحد الشبّان ، من عائلة مسيحيّة ، مؤمنة وحريص على التقوى ، إلاّ أنّه أهمل الصلاة من أجل الموتى مدّعياً ضرورة القيام بفعل المحبّة في مكان آخر أكثر جدوى . وكان يسعى إلى إقناع الآخرين بذلك تحت عنوان “فعل المحبّة حيث يجب”. وكان يقول : “لماذا الإهتمام بالأموات ؟ فهم أمّنوا على سلامهم ، لا يستطيعون رفض الله ولا فقدانه”. كما أنّه أنكر الظهورات وإعتبرها أمراً سخيفاً .

من أجل إعادته إلى صوابه ، سمح الله تعالى للأنفس المعذّبة ، الخروج من سجنها والظهور للشاب الذي أساء إليهم ، بحالات مرعبة . كانت تطوّقه في كلّ مكان وفي كلّ لحظة مطلقة صراخاً مخيفاً . ملأت عينيه بالأشباح الغريبة . جمّدت روحه من الرعب ولم تتركه يرتاح لا ليلاً ولا نهاراً.

لقد كان هذا الأسلوب فعّالاً . لقد غيّر هذا الشاب تصرّفاته وأقواله وترك العالم المادّي وإلتحق برهبنة القدّيس دومينيك وأصبح كاهناً . وضع هذا الكاهن نظاماً مقنعاً من أجل الموتى ، أعطى العديد من الناس الرغبة في مساعدة الأموات وكان يسمّى : محامي الأموات . وهكذا كان حقّاً . لقد كانت آراؤه قويّة ومقنعة وكثيرة ومؤكّدة على أن الصلاة من أجل الأموات هي من أعظم أفعال المحبّة التي يمكن أن نقوم بها تجاه القريب في هذا العالم .

لقد توفّي هذا الكاهن في رائحة القداسة وصعدت روحه إلى السماء إلى جانب تلك الأنفس الذي ساهم في خلاصها وعذاباتها . فليكن فعل المحبّة هذا مثالاً لنا .

لنصلِّ:

يا ربّ ! أنت قادر ومحبّ لترسل إلينا رسلاً فائقي الطبيعة فتذكّرنا بالمؤمنين في الكنيسة المتألّمة وبحاجاتهم . أنت ترغب أن نأتي إلى مساعدتهم .

يا ربّ ، كن عوناً لهم وأدعُ أبناءك إلى الراحة الأبديّة . ونورك الأزليّ يغمرهم ! وليرقدوا بسلام ! آمين .