عَ مدار الساعة


جهّال العالم لخزيَ الحكماء..


♱ ﴿ إِنْجِيل الۤقِدِّيس متى الۤبَشِير ﴾ ٤: ( ١٨ – ٢٣ )

التلاميذ الأولون

١٨ وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ مَاشِياً عَلَى شَاطِىءِ بَحرِ ٱلْجَلِيلِ، رَأَى أَخَوَيْنِ وَهُمَا سِمْعَانُ ٱلْمَدْعُو بُطْرُسْ وَأُنْدْرَاوُسُ أَخُوهُ، يُلْقِيانِ شَبَكَةً فِي ٱلْبَحْرِ لأَنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ.
١٩ فَقَالَ لَهُمَا: “إتْبَعَانِي، فَأَجْعَلَكُما صَيَّادِي ٱلنَّاسِ”.
٢٠ فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا ٱلشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ.

الجموع حول يسوع.
٢١ وَجَازَ مِنْ هُنَاكَ فَرَأَى أَخَوَيْنِ آخَرَيْنِ، وَهُمَا يَعْقُوبَ بِنْ زَبَدَى وَيُوحَنَّا أَخُوهُ فِي سَفِينَةٍ مَعْ أَبِيهِمَا زَبَدى، يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا، فَدَعاهُمَا.
٢٢ وَلِلْوَقْتِ، تَرَكَا ٱلسَّفِينَةَ وَأَبَاهُمَا وَتَبِعَاهُ.
٢٣ وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ ٱلْجَلِيلَ كُلَّهُ، يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَضُعْفٍ فِي ٱلشَّعْبِ.


عند بحر الجليل دعا السيّد الأخوين سمعان بطرس وأندراوس، وأيضًا الأخوين يعقوب ابن زبدي ويوحنا.
بحر الجليل هو بحيرة عذبة يبلغ طولها 13 ميلاً، يحدّها الجليل غربًا ويصب فيها نهر الأردن من الشمال. ويُسمّى بحيرة جنيسارت وبحر طبرية، وهو يستمد أسماءه من البلاد التي يتصل بها من جهات متعدّدة.

من منطقة الجليل حيث الظلام الدامس، وحيث المكان المُزدرى به، دعا السيّد أربعة من تلاميذه، كانوا صيادي سمك، وكما يقول الرسول بولس: “يختار جهّال العالم ليخزى الحكماء” (1 كو 1: 27).

يقول العلاّمة أوريجينوس: [يبدو لي أنه لو كان يسوع قد اختار بعضًا ممن هم حكماء في أعين الجموع، ذوي قدرة على الفكر والتكلم بما يتّفق مع الجماهير، واستخدمهم كوسائل لنشر تعليمه، لشك البعض كثيرًا في أنه استخدم طرقًا مماثلة لطرق الفلاسفة الذين هم قادة لشيعة معيّنة، ولما ظهر تعليمه إلهيًا.]

ويقول القدّيس جيروم: [كان أول المدعوّين لتبعيّة المخلّص صيّادين أميّين أرسلهم للكرازة حتى لا يقدر أحد أن ينسب تحوّل المؤمنين، إلى الفصاحة والعلم بل إلى عمل الله.]

الكرازة والعمل

إذ دعا السيّد المسيح تلاميذه للعمل في ملكوته أراد توضيح رسالته أنه لم يأتِ لملكوت أرضي وخلاص من نير الرومان السياسي كما ظنّ اليهود، وإنما لتحرير القلب من سلطان الخطيّة ليملك هو عليه.

  • تعليق على الإنجيل المُقَدَّس
    من القديس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 – 407)،
    بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة
    ( عظات حول إنجيل القديس يوحنّا، العظة 19 )

«وَجَدْنا المَشيح ومَعناهُ المسيح»
“أَلا ما أَطيَبَ، ما أَحْلى أَن يَسكُنَ الإِخوَةُ مَعًا!” (مز 133[132]: 1). بعد أن أقام القديس أندراوس مع الرّب يسوع (راجع يو 1: 39) وتعلّم الكثير منه، لم يحتفظ بهذا الكنز لنفسه: بل انطلق مسرعًا إلى أخيه سمعان بطرس ليشاركه بالخيرات التي نالها. فكّر فيما قاله لأخيه: “وَجَدْنا المَشيح ومَعناهُ المسيح” (يو 1: 41). هل أدركت ثمار ما تعلّمه خلال هذه الفترة القصيرة؟ هذا يدلّ في الوقت نفسه على سلطة المعلّم الذي علّم تلاميذه، ومنذ البداية، على حماسهم للتعرّف عليه.

إنّ مسارعة أندراوس واندفاعه لنشر هذه البشرى السارّة، تفترض نفسًا متشوّقة لرؤية تحقّق هذا العدد الكبير من النبوءات المتعلّقة بالرّب يسوع المسيح. إنّ تبادل هذا الغنى الرُّوحي يشير إلى صداقة أخويّة فعليّة، إلى محبّة عميقة وإلى الكثير من الصدق…
. قال: “وجدنا المشيح”؛ ليس أيّ “مشيح” بل الرّب يسوع المسيح الذي كنّا ننتظره.

  • تعليق ثان على الإنجيل المُقَدَّس
    من أقوال القدّيس نعمة الله كسّاب الحرديني
    ( حديث )

لِكُلِّ واحدٍ دعوته
إنّ الذين يجاهدون في العيشة الديريّة المشتركة، لهم أكبر فَضل؛ هناكَ الاحتمال، والصبر، وكَسر الإرادة، واحتمال ضعف الضعفاء؛ وإنّ العيشة الديريّة المشتركة تُعَدّ، عند آباء الرُّوح، مثل استشهادٍ دائم، إذ لا يجوز للراهب أن يعمل ما يلائم ذوقَه وطبعَه وأخلاقَه، بل عليه أن يسهرَ دائمًا وينتبهَ لئلاّ يُشكِّكَ الغَير. هذه هي واجبات الراهب في الدير.

وأمّا الحبيس، يا أخي، فهو وحدَه، ولا مُجرِّبَ له من الخارج، يقضي أوقاتَه بصلاتِه، وبإتقانِ العملِ في هذا الكَرْم (كَرْم المحبسة). ومع ذلك، أقول لكَ، يا أخي، لِكُلِّ واحدٍ دعوتُه، وليس كلُّ الناسِ سَواء. فهذا للخَلْوة، وذاك للعيشة الديريّة المشتركة. أمّا أنا، فهذه دعوتي، وقد اعتَنَقتُها منذ زمن طويل.