عَ مدار الساعة


القديس باييسيوس: الشيطان يعمل ولكن الله يعمل أيضًا وينتج من الشرّ صلاحًا.. والله يطرح جانبًا كل ما هو غير نافع..


الأمور لا تستقيم لأنها بحاجة الى تدخّل الهي..


من أقوال الشيخ باييسيوس. الهدوء الذي يسود يُقلقني. ثمّة شيء يُحضّر. لم نفهم جيدًا بعد في أيّ سنة نعيش ولا نفكّر بالموت. مصير العالم معلّق بين أيدي البعض ولكن الله لم يتخلّ عن المكابح.. الحياة التي نعيشها صعبةٌ جدًا، فقد تكاثر الرماد والقمامة واللامبالاة وصرنا بحاجة الى ما يُشبه العاصفة من أجل التخلص منها.

الأمور لا تستقيم لأنها بحاجة الى تدخّل الهي.

رغم كل ذلك فإني أحسّ بداخلي بالطمأنينة والتعزية… سوف يعيد الأمور مجددًا الى نصابها الصحيح.. هؤلاء الذين يصلون يمنحوننا الرجاء. علينا أن نُصلّي ليزداد عدد الصالحين في الأرض.

سوف يطرحُ الله جانبًا كل ما هو غير نافع ومستقيم.. الشيطان يعمل ولكن الله يعمل أيضًا وينتج من الشرّ صلاحًا. يكسرون الرخام فيجعل الله منه فسيفساء جملة. الله فوق كل شيء.

يحاولون اليوم تدمير الإيمان ونزع بعض الحجارة من الجدران لينهار بيت الإيمان. الجميع يتحمّلون المسؤولية، ليس فقط الذين ينزعون الحجارة، وإنما الذين يتفرجون ولا يحاولون منع نزع الحجارة..

الوحوش لا تخيف لأنها تفتقر الى العقل فلا تستطيع القيام بعمل شرير خطير. أمّا الإنسان الذي يبتعد عن الله فيُصبح أخطر من الحيوان وأكثر شراسة ويرتكب أفعالاً شريرة خطيرة… ما يدعو للخوف تحالف الشيطان مع إنسان منحرف..

اللعنة

دأب الكثيرون على هدم وتفكيك كل شيء بدءًا من العائلات وصولاً الى الكنيسة… الدولة تحارب ناموس الله وتسنّ القوانين ضدّه.. سمعت بعض الأباء الروحيين يقولون: “أيها الرهبان! لا تنشغلوا بهذه الأمور”، لو وصل هؤلاء الى درجةٍ عالية من القداسة بحيث لم يعُد يهمّهم شيءٌ من أمور العالم لوافقتهم وقبَّلت أرجلهم. ولكنهم يريدون أن يعيشوا حياة سهلةً وتكون علاقتهم جيدّة مع الجميع، ولذلك تراهم غير مبالين.

الروحاني الشريف لا يحقّ له أن يكون لا مباليًا ومن هنا قول أرميا “ملعون من عمِل عمَل الرب باسترخاء”.

في مجموعة من 10 أشخاص كنا نلاحظ – قديمًا – أن 6 منهم يخافون الله و2 أقل حماسة و2 يُبديان لا مبالاةً واضحة. اليوم تغيّرت الأحوال ولا أحد يعلم الى أين ستؤول الأمور.

فلنحاول الآن مساعدة الناس روحيًا ولنستعدّ ما حصل زمن الطوفان مع نوح لكي ينجو البعض. وهذا يتطلب إحتراسًا كبيرًأ ومقاربة للأمور من جوانبها المختلفة. هل يُريحني إجتماع الناس في القلّاية؟ هل أود مشاهدة هذه الكثافة من الزوار؟ كلا! البؤساء يطلبون المساعدة، وأنا لم أصبح كاهنًا لأتحاشى التعاطي مع الناس، على العكس لقد ازداد إنشغالي بالعالم، ولكن الله يعرف نيتّي ويمنحني نعمة أكثر مما كان سيمنحني لو فعلت ما يُريحني.

كم من مرّة توسلت الى العذراء أن تُدبّر لي مكانًا بعيدًا هادئًا لا أرى فيه إنساناً ولا أسمع شيئًا ولكنها لم تستجب لي قط..

وضعت في القلاية برنامجًا للناس. أتلو المزامير في الداخل وأسمع الطرَقَ على الباب في الخارج. وعندما أطلبُ منهم الإنتظار لدقائق كانوا يُصيحون: “توقّف، أيها الأب عن الصلاة، فالله لن يسيء فهمك”. أرأيت أين وصلوا؟؟.. كان بامكاني الرحيل وطلب مكان هادئ أستريح فيه… ولكن الجنديّ يُسرّح عند إنتهاء الحرب. والحرب الروحية التي أخوض غمارها لم تنتهِ بعد. لذلك يتوجّب عليّ البقاء في الخطوط الأمامية للجبهة لمحاربة الماركسيين والماسونيين والمتعاملين مع الشيطان ومساعدة الضالين والثائرين والممسوسين الذين يأتون الى القلّاية..

لذا أحسب إنسحابي ومغادرتي بمثابة خيانة أرتكبها… هل أسكتُ عن تدمير الكنيسة؟ هل أتملّق الآخرين من أجل الشعور بالراحة؟ والراحة من نتاج الشيطان! الهدف هو أن أعمل ما يُريح الآخرين لا ما يُريحني.

المصدر: الناسك المغبوط باييسيس الآثوسي – اليقظة الروحية – دير الشفيعة الحارة الحرش بدبا – الكورة (مقدمة من أقوال الشيخ باييسيوس ص: 17 – 25)