لا شك ان عودة الشيخ البشير، وانشقاقه عن المعارضة وعودته الى دمشق، تشكل الهدية الادسم للرئيس الأسد جاءت في توقيت على درجة كبيرة من الأهمية، أي قبل أسبوعين تقريبا من موعد انعقاد مؤتمر الآستانة الذي من المفترض ان يدشن مفاوضات بين وفد الحكومة السورية وعشرة فصائل مسلحة لها وجود على الأرض، ومقربة من السلطات التركية، ولم توجه الدعوة لحضوره لا للائتلاف الوطني، ولا هيئة المفاوضات العليا ومقرها الرياض.
نقطة البداية الرئيسية في سيل هذه الانتقادات وحالة الجدل في صفوف المعارضة السورية حول أسباب ما وصلت اليه من تفكك وضعف، تجسدت في الشريط المسرب “عمدا” للقاء جرى مع ميشيل كيلو، الكاتب والسياسي المعارض، ووجه خلاله انتقادات لاذعة للمملكة العربية السعودية الداعم الرئيسي للمعارضة السورية، وقال “ان جماعة السعودية ليس لهم أي حسن وطني، ولا حس تاريخي، ولا عروبي، ولا إسلامي”، واتهمها بأنها “تريد تفشي الفوضى في سوريا”، كاشفا انه قال لمسؤول سعودي “ان كل سوري يموت هنا فإنه يوفر موت 5 سعوديين في الحرب القادمة مع ايران”.
عندما تقارن السيدة المسالمة بين النظام والائتلاف الوطني على صعيد مصادرة الحريات، وتقول في مذكرة بعثت بها الى رئيس اللجنة القانونية هيثم المالح انها مستعدة للمثول الى التحقيق لكشف الفساد والفاسدين، وتؤكد ان النظام اقالها من منصبها (رئيسة تحرير تشرين) على خلفية تصريحاتها المساندة للثورة، وحق المواطنين في التعبير، فإن هذا يعني ان الكثير من هيئات المعارضة واحزابها، وفي المنفى خاصة، ضلت الطريق، وتآكل الكثير من مصداقيتها وصفتها التمثيلية، لان الثورة انطلقت من اجل الحريات بالدرجة الأولى، واولها حرية التعبير والنقد والحق في الاختلاف.
العام الجديد، الذي بدأ لتوة، سيشهد مفاجآت عديدة، ربما تكون اكثر أهمية من عودة الشيخ البشير الى دمشق التي أحدثت صدمة في أوساط المعارضة والمعارضين، ولا يمكن انكار الدور الكبير الذي لعبته هزيمة المعارضة المسلحة في حلب، بعد تخلي حلفائها العرب والأتراك عنها في هذا الاطار، وانضمام تركيا الى المعسكر الروسي السوري الإيراني، في تشجيع شخصيات معارضة اما الى الاعتزال، او العودة الى سوريا.
من هي الشخصية الثانية التي ستطرق أبواب دمشق وتعقد مؤتمرا صحافيا في مطارها؟ العلم عند الله وحده.. ولكن الانتظار قد لا يطول لمعرفة هويتها.
المصدر : راي اليوم