الناشط السياسي إيلي حنا – يحكى أنّ إتصالاً هاتفيّاً جرى بين الرّئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكيّة جو بايدن والرّئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون تخلّله تقارب كبير في وجهات النّظر بشأن القضايا الدّوليّة الرّئيسيّة، والملفّات “الدسمة” كالملف النووي الإيراني والوضع في لبنان.
فهلّ عادت المياه إلى مجاريها بين البيت الأبيض والإيليزيه مع عودة ترامب إلى منزله ؟
فور وصوله إلى البيت الأبيض ودخوله المكتب البيضاوي، وقّع الرّئيس السادس والأربعون سلسلة قرارات معاكسة لسياسة ترامب في إدارة الملفّات، أهمّها عودة واشنطن إلى إتفاق باريس للمناخ وإلى عضويّة منظمة الصحة العالمية.
فأتى الرّد سريعاً من الرّئيس الفرنسي قائلاً لبايدن “مرحباً بعودتك” للإتفاق.
يعلم بايدن جيدًا، أن ما يهمّ نظيره الفرنسي ليس مجرّد إتفاق مناخ، بلّ سيذهب أبعد من ذلك للطلب منه مساحة أكبر للحسم في الملف اللّبناني الذي يُعتَبَر من الأولويّات في أجندة ماكرون، لموقعه الإستراتيجي على شاطئ البحر المتوسِّط، (الشيء الذي لم يلمسه جديّاً مع ترامب)، وذلك لتعزيز موقفه أمام تركيا التي يخوض بوجهها حرباً جيوسياسيّة للسيطرة على المتوسِّط ونفطه وغازه.
إلى حدّ الآن كلّ المؤشرات توحي بأن الأمور ذاهبة نحو الحلحلة في الملفّ اللّبناني، ولكن بايدن الذي زار لبنان من قبل، والذي يعرفه حقّ المعرفة وتربطهُ علاقة جيّدة مع عدّة أفرقاء لبنانيّين، لن “يوقِّع شكّاً على بياض” للرئيس الفرنسي، خوفاً من فقدان نفوذه في لبنان والمتوسِّط.
من ناحية أخرى ومن باب أوسع، الملفّ “الأدسم” الذي ينتظر أمريكا وأوروبا وإيران والعالم من حولهم، هو الملف النووي.
فكان قد أعلن جو بايدن أن إدارته تعتزم العودة إلى الإتفاق النّووي(٥+١) ولكن بشروط جديدة، كما حثّ الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره الأمريكي على العودة إلى الإتفاق ورفع العقوبات المشدّدة المفروضة على بلاده.
فالإتفاق الجديد يُعتبر حاجة إقتصاديّة لأوروبا وإيران، نظراً للمكتسبات الإقتصاديّة التي كانت قد حصلت عليها الدّول الأوروبيّة المفاوضة في الإتفاق الأوّل، ولأنّه يرفع الحصار الإقتصادي المفروض على إيران، كذلك يُعتبر نصراً سياسيّاً للرئيس الأمريكي الجديد، يسجَّل لهُ مع بداية عهده.
ولكنّ الأهم من ذلك كلّه، فإنّ إعادة تفعيل الإتفاق النووي، سيعزِّز شعبيّة الحزب الحاكم في إيران (الذي يُعتبر معتدِلاً) مع قرب موعد الإنتخابات الرِّئاسيّة الإيرانيّة في شهر حزيران من هذا العام.
من هنا نرى أنّه ما من مصلحة لأي طرف مفاوض، عرقلة المفاوضات وتأخيرها.
فهل سنرى بلورة سريعة لإتفاق جديد، في الأشهر القليلة المقبلة ؟
وهل ستنعكس نتائجه إيجاباً على مفتاح المتوسِّط… لبنان ؟