أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


لإظهار الحقيقة والكلمة إمّا تفعل للخلاص وإما أنها تزني.. الحريري يتمسكن ليتمكّن.. ومراوغاته “الحريري رايح والحريري جاي”


(بقلم جورج عبيد)

سعد الحريري هل لك أن تجيب ماذا تريد من لبنان، ومن العهد تحديدًا؟


آن الوقت لكشف المكنونات والمستورات والغامضات.

آن الوقت لإظهار الحقيقة وعدم الخوف من قولها لأنها تنجّي، والكلمة إمّا تفعل فعلها بعمل الخلاص وإما أنها تزني، وقد أبينا الزنى والعربدة والمجون والفسق، لنواجه أهل من استطابوا تلك الوسائل بعفّة الحقيقة وصدق العقل وطهارة الموقف.

أيها اللبنانيون الشرفاء،

حبري يسيل بدم قلبي، وعقلي ينفجر بفكري، وأنا العارف بأنني لا بدّ ونحن في زمن ميلاديّ خلاصيّ من الشهادة للحقّ، برؤية يوحنّائيّة دامجة بين لاهوت يوحنّا الحبيب وصرخة يوحنّا المعمدان، لأنّ الكلمة المتجسّد في المسيحيّة خرج من بطن مريم ليمحو آثام الكون، ونحن نمعن بترسيخها والاستلذاذ بانسيابها، وهي بدورها تعمي عيوننا من البصر، وتغشي البصيرة بالسّكر، وترمي بنا في البطر.

هل تعلمون ماذا يحدث في لبنان؟ سأقولها لا كإعلاميّ كاتب بل كمواطن مكتوٍ من لسعات الأفاعي وعقصات العقارب، ومتألّم من تواجدنا معًا في غابات لا تسكنها سوى وحوش مرعبة، تستنزف دمائنا وتقتات من أجسادنا وتميت طموحنا. مات الغد مثلما مات التاريخ، فبتنا بلا تاريخ ولا غد، وأسرنا في حنين الماضي، وسأروي لكم من فعل لكم هذا.

المستفيد الأوّل من هذا الإجرام، رجل غير مسؤول وعديم الوفاء اسمه سعد الحريري. هذا شاب يتمسكن ليتمكّن، يحاول تحويل الوهم إلى واقع وتزييف الواقع وجعله وهمًا. هذا، زرعه الأميركيون والسعوديون في محطات سابقة كوريث لأبيه، وقد سبق لهم وخبروا عقله، ووجدوه خفيفًا ورأوا منطقه سخيفًا. هل يعقل لرجل بذّر أمواله بل أموال أبيه التي ورثها بعد اغتياله وبدّدها في اللذات المتعددة، وغدا مفلسًا أن يصير رئيس حكومة للبنان، ويتحكّم بمصير البلد وكأنه مشاع له أو ملك لأبيه؟

لقد حاول أبوه قبله استملاك البلد من منطلق استملاكه لوسط بيروت بشركة سوليدير. رفيق الحريري القاتل الاقتصاديّ الأوّل والشريك لمجموعة قتلة اقتصاديين تشاركوا في تدمير لبنان عبر تدمير كيان الدولة وتحطيم هيكل النظام. وكان معه نبيه برّي وليد جنبلاط كزعماء للإسلام السياسيّ الداخليّ الموصول بالخارج. مات رفيق الحريري وترك سعد في عهدة النبيه والوليد والفؤاد، فتعدد الرجال المستفيدون والمتعيّشون من حوله، وأكملوا رسالة الرفيق بقتل لبنان يعاونهم في ذلك فؤاد السنيورة، ورياض سلامة حاكم مصرف لبنان، وجمعيّة المصارف، ونقابة الصرّافين، ومعظم القطاعات. ورأينا أشخاصًا كجهاد العرب وعلاء الخواجا والأخوين رحمة يقتسمون مع الطبقة السياسيّة الخيرات على حساب خزينة الدولة، والهندسات المالية، وبدلاً من أن تستفيد منها خزينة الدولة أفادت منها المصارف.

سعد الحريري، هل لك أن تجيب على سؤال واحد ماذا تريد من لبنان، وماذا تريد من العهد تحديدًا؟ إخلع القناع عن وجهك وأجب على سؤالي. ألم ترَ أمام عينيك موج الفقراء قد بدأ يهدر ويعلو، فيما أنت لا تزال تقفز فوقه بلا رأفة ولا مبالاة، وبكذب كبير تقول بأنك تريد حكومة من اختصاصيين. من هم الاختصاصيون الذين ستأتي بهم؟ لماذا لا تصارح الناس؟ أو أنك، وعذرًا على التعبير، وهو مستعار من زميل، تعمل على الإتيان بالأرانب ليكونوا تحت ذئبيّتك وذئبيّة شركائك، متعمّدًا تجاهل الوجود المسيحيّ التكوينيّ للبلد والكيان والسلطة، والممثّل بأكثريّة أعادت الحياة لهذا الوجدان ليكون متلاقيًا مع الوجدانات الطائفيّة الأخرى في الصلاح والعدل، وليس في السطو على لبنان بماليّته وممتلكاته، ليكون متلاقيًا مع الوجدانات الطائفية الأخرى في تكوين لبنان وبناء الدولة الحقيقيّة والعادلة.

دعني أقول لك يا سعد، أنت لم تأت للدولة لتتعاون مع جبل بعبدا الصامد والشامخ بوجه الأعاصير وأنت واحد ممن أطلقوها. لم يكن بناء البلد هدفك السامي وهاجسك الراقي. بل على العكس تمامًا فإنّ انقضاضك عليه هو الهدف الأثبت والأرسخ، وأوهمت فخامة الرئيس الذي تعاطى معك كابن له، وأشدّد كابن له، بأنك لن تخذله، ولن تبتعد عنه. أوهمته وأوهمتنا بأنّك تخليت عن ربقة الطائفيّة السياسيّة لصالح الفلسفة الميثاقيّة، وجعلتنا نظنّ بأنّ لبنان في عقلك وقلبك لا يزال أوّلاً، فيما كاتب هذه السطور كان قد كشفك منذ سنة 2007 حين عاين جوهر حقدك على رئيس سوريا، والمراد عندك خلف غيوم الحقد الداكنة، فقرأ بأنّ لبنان أوّلاً ليس سوى حجاب وستار هشّ، وأنت غير عازم على الثبات فيه لأنّ هدفك قد ظهر فيما بعد في الحرب على سوريا، وهو ربط سوريا بالخليج، وإعادة لبنان إلى مفاعيل مؤتمريّ الساحل المنعقدين سنة 1932 و1936 بين بيروت وطرابلس، واعتبر أهلك بأن الشام هي المدى وسوريا هي الوطن، فيستعيد الإسلام السياسيّ متانته وقوته في المشرق العربيّ.

وجودك على رأس الحكومة لم ينتم يومًا إلى الفلسفة الميثاقيّة ولا إلى الهالة الوطنيّة. بل إلى زوايا طائفيّة معلّبة. قل لي بربّك، ماذا حقّقت من أهداف وإنجازات خلال وجودك على رأس الحكومتين اللتين ترأستهما في هذا العهد؟ الجواب لا شيء. حارب حليفك الحاليّ التيار الوطنيّ الحرّ، الذي انطلقت معه بتسوية ووقفت متفرّجًا. منعوه من استكمال النهضة في القطاعات التي عني بها، وأنت وقفت متفرّجًا ولم تنبثّ ببنت شفة، حاول التيار الوطنيّ الحرّ ترسيم خريطة النهضة في الكهرباء وأنت طربت لقول علي حسن خليل لي الشرف بمنعهم، فتعرقلت حكومتك ومضيت وأقبلت على سياسة الصفقات والسمسرات، ولم تسأل عن وجع المواطنين وآلامهم، لأنك أحد القتلة الاقتصاديين الممعنين بإنهاء البلد وبتوجيهات خارجيّة حتمًا.

خلال صيف 2019، بدأ لبنان يغلي بمجموعة اضطرابات كانت قصّة قبرشمون قمتها، ولم تقل شيئًا. قال لك مايك بومبيو إبق متفرّجًا على المشهد الذي كانت تشتدّ رياحه حتى حدثت العاصفة في 17 تشرين 2019، فدفعك الأميركيون لتقديم استقالتك. ما أهون فعلك، فبدلاً من الوقوف إلى جانب الرئيس أمعنت بهتك الرؤى المباركة إلى أن قدمت استقالتك بطريقة صلفة ولا أخلاقيّة ومن دون التشاور مع فخامة الرئيس. وكاتب هذه السطور كان في زيارة إلى فخامة الرئيس مع مجموعة من الزملاء، حتى تفاجأنا جميعنا بهذه الطريقة المباغتة، والرئيس بدا مزعوجًا.

أيها اللبنانيون، سعد الحريري قدّم استقالته، ثمّ أحرق معظم الشخصيات السنيّة القديرة، ومنع من تأليف الحكومة. وحين قفز الرجل الراقي الدكتور حسان دياب فوق الحريق وألّف حكومته، حاربه هو والرئيس نبيه برّي ووليد جنبلاط، ومنعه من خوض معاركه الإصلاحيّة وحموا حاكم مصرف لبنان هم والبطريرك المارونيّ مار بشارة الراعي، وخشيوا من انكشافهم بل انكشاف فسادهم وسرقاتهم. هل أيها اللبنانيون تصدّقون بأن سعد الحريري يريد إعمار مرفأ بيروت؟ كيف له أن يشيّد المرفأ وما هي طرائقه وهو المفلس الذي فقد شركة الاتصالات التي يمتلكها في تركيا، وخسر سعودي-أوجيه في “مملكة الخير”، ومعظم شركاته في أوروبا؟ فليدلّني على طرائقه، أو أنه متواطئ مع علاء الخواجا وجهاد العرب ليدخلوا شركاء بالامتلاك أو الاستملاك؟؟؟ أو أن الفرنسيين والأتراك رموا له طعمًا فاستلذّ مذاقه؟ هل نسيتم بأن المحكمة الدوليّة كلّفت لبنان مليار دولار حتى وصلت إلى نتيجة بأن من اغتال رفيق الحريري هو “العياش”، تلفن عيّاش يمكن بعد ما تلفن…

طفح الكيل من سعد الحريري ومن مراوغاته، “الحريري رايح والحريري جاي” على طريقة بابوري رايح بابوري جاي.

أيها اللبنانيون هل انتبهتم بأنّ الحريري في زيارته لفخامة الرئيس قبل عيد الميلاد بيومين أعلن بأنّ الحكومة ستولد قبل العيد، هبط سعر صرف الدولار 450 ليرة لبنانيّة. وفي الزيارة الثانية أعلن بأنّ الحكومة ستولد بعد الأعياد حتى عاد وارتفع ليبلغ اليوم بحدود ال8500 ل.ل.

هل انتبهتم بأنّ من أنزل سعره ثمّ رفعه ارتبط به، وبشريكه وحليفه نبيه برّي. كان نبيه برّي يخرج الأرانب من تحت أكمامه وطرابيشه، أمّا الآن فقد سكت شهريار عن الكلام المباح، وخلد إلى النوم الطويل وشهرزاد ضجرت من الانتظارات مع عدمية الحلول وتعقيدها واستبدالها بالحروب على رئيس صامد وصابر ولكن إلى حين…

الحرب الداخلية وجهها خارجيّ، والهدف، ضرب حزب الله، وبتر العلاقة بينه وبين العهد. أمّا حزب الله فقد فهم القصد وعاين الملتبسين حوله، المتأمركين من “حلفائه”، وهو يعلم بأنّ الحليف الأقرب إلى قلبه وعقله ميشال عون والتيار الوطنيّ الحرّ، والحرب عليه هي على حليفه الصابر والعكس أيضًا.

أيها اللبنانيون إفهموا ومع اقترابنا لوداع سنة واستقبالنا لسنة جديدة مطلّة من هو المتلاعب بكم وبأموالكم وأعصابكم ورزقكم، إكتشفوا من أحرقوا بلادكم ورموها في الخراب. آن لكم أن تكتشفوا الحقيقة وتتوجهوا بها لكي تواجههوا تلك الطغمة الفاسدة والملتوية وتثوروا عليها ثورة الأنبياء في بهاء الحقّ، فتربحوا أنفسكم وتربحوا لبنان.
بالمشبرح طفح الكيل…

المصدر: tayyar.org