🇱🇧 العناية لن تترك لُبنان أَبدًا 🇱🇧
الصّدّيق كالنّخل يُزهر، وكأَرز لبنان ينمو (مز 91، 13)
أَنوي زيارة لبنان في أَقرب فُرصةٍ مُمكنة
دخل لُبنان اليوم الخميس، عطلة عيد الميلاد المجيد، فيما برزت في الشّأن الدّاخليّ الرّسالة الّتي وجّهها قداسة البابا فرنسيس إِلى اللُبنانيّين في المُناسبة، عبر البطريرك المارونيّ مار بشارة بُطرس الرّاعي، ونصّت على ما يأتي:
“إِلى صاحب الغبطة، الكاردينال مار بشارة بُطرس الرّاعي، بطريرك إِنطاكية للموارنة، ورئيس مجلس البطاركة والأَساقفة الكاثوليك في لبنان،
إِليكم يا صاحب الغبطة، ومِن خلالكم إِلى جميع اللُبنانيّين، مِن دون تمييزٍ بين الطّوائف أَو على أَساس الإِنتماء الدّينيّ، أَوّد أَن أُوجّه بعض كلمات التّعزية والتّشجيع، في مُناسبة الاحتفال بميلاد ربّنا يسوع المسيح، أَمير السّلام.
أَيّها الأَحبّاء أَبناء لبنان وبناته،
كبيرٌ أَلمي عندما أَرى الوجع والقلق الّذي يخنق روح الإِقدام والحيويّة الّتي فُطرت عليها بلاد الأَرز. وما يُؤلم أَكثر، هو تيقُّن اختطاف كُلّ الآمال الغالية بالعيش في سلامٍ، وفي البقاء، للتّاريخ وللعالم، رسالة حُريّةٍ وشهادةً للعيش الجيّد معًا.
وأَنا، الّذي أُشارككم، بقلبٍ صادقٍ، كُلّ فرحٍ، كما أُشارككم كُلّ خيبةٍ، أَشعر اليوم، في عُمق نفسي، بهَوْل خساراتكم، وبخاصّةٍ عندما أُفكّر بالكثير مِن الشّباب الّذين انتُزع منهم كُلُّ رجاءٍ بمستقبلٍ أَفضل.
ولكن، في يوم الميلاد هذا، (الشّعب السّائر في الظُّلمة أَبصر نورًا عظيمًا” (أَش 9: 1). إِنّه النُّور الّذي يُهدِّئ المخاوف، ويسكُب في كُلّ فردٍ الرّجاء الأَكيد، أَنّ العناية لن تترك لُبنان أَبدًا، وتعرف كيف تُحوّل هذا الحُزن أَيضًا إِلى خيرٍ.
يذكر الكتاب المُقدّس لُبنان مرّاتٍ كثيرةً، لكن تتفوّق عليها كُلّها الصّورة الّتي يُقدّمها لنا صاحب المزامير: الصّدّيق كالنّخل يُزهر، وكأَرز لبنان ينمو (مز 91، 13).
إِنّ عظمة الأَرز في الكتاب المُقدّس هي رمز الثّبات والاستقرار والحماية. الأَرز هو رمز الصِّدِّيق الّذي، مِن خلال تجذُّره بالرّب، يعكس جمالًا وهناءً، والّذي، أَيضًا في الشّيخوخة، يرتفع عاليًا ويُعطي ثمارًا وفيرةً. في هذه الأَيّام، يُصبح عمانوئيل، الله معنا، قريبًا لنا، ويسير إِلى جانبنا. ثِقوا بحُضوره، وبأَمانته. ومثل الأَرز، استقوا مِن أَعماق جُذور عيشكم المُشترك، لكي تصيروا مُجدّدًا شعبًا مُتضامنًا؛ ومِثل الأَرز، الّذي لا تقهره العواصف، هلا استطعتم الاستفادة من تقلُّبات الظُّروف الرّاهنة لإِعادة اكتشاف هُويّتكم، هُويّة الّذين يحملون إِلى العالم بأَسره شذا الاحترام، والعيش معًا والتّعدُّديّة. إِنّها هُويّة شعبٍ لا يترك بيوته وميراثه؛ إِنّها هُويّة شعبٍ لا يتنازل عن حُلم الّذين آمنوا بمستقبل بلدٍ جميلٍ ومُزدهرٍ.
مِن هذا المُنطلق، أُناشد الزُّعماء السّياسيّين والقادة الرُّوحيّين، مُستعيرًا هذا المقطع مِن إِحدى الرّسائل الرّاعويّة للبطريرك الياس الحويّك: أَنتُم أَيُّها المُسلطون (…)، أَنتُم يا قُضاة الأَرض، أَنتُم يا نُوّاب الشّعب، الّذين تعيشون نيابةً عن الشّعب، (…)، أَنتُم مُلزمون، بصفتكم الرّسميّة ووَفقًا لمسؤُوليّاتكم، أَن تسعَوا وراء المصلحة العامّة. وقتُكم ليس مُكرّسًا لمصالحكم، وشغلُكم ليس لكُم، بل للدّولة والوطن الّذي تُمثّلونه.
ختامًا، إِنّ محبّتي للشّعب اللُبنانيّ الغالي، الّذي أَنوي زيارته في أَقرب فُرصةٍ مُمكنة، إِضافةً إِلى الاهتمام الدّائم الّذي حرّك عمل أَسلافي وعمل الكُرسيّ الرّسوليّ، تدفعُني إِلى التوجُّه مُجدّدًا إِلى المُجتمع الدّوليّ. فلنُساعد لُبنان على البقاء خارج الصّراعات والتّوتُّرات الإِقليميّة. فلنُساعده على الخروج مِن الأَزمة الحادّة وعلى التّعافي.
أَيُّها الأَحبّاء أَبناء لُبنان وبناته،
ارفعوا نظركم في ظلام الليل. ولتكُن لكُم نجمة بيت لحم دليلًا ومُشجّعًا للدُّخول في منطق الله، وحتّى لا تضلّوا الطّريق ولا تفقدوا الرّجاء”.