أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


قلمي عاصف بالغضب، والمحبّة تغضب، لأنها قرينة الحقّ وتبوح به.. (بقلم جورج عبيد)


الويل لكم يا مافيا السياسيين المتحالفة مع مافيا التجار… لكن انتبهوا

سياسيون يحرّكون وتجار يتحرّكون.. قلمي يتقيأكم، والناس يلفظونكم لأنهم قرفوا من تلاوة أسمائكم على الوسائل الإعلاميّة..

نحصد ما زرعنا. لنعترف بالحقيقة. هل ترضى الجوع المجانيّ أيها المواطن وودائعك في المصارف مسلوبة؟


الميلاد يقبل الأسبوع القادم والناس أسرى الجور الكبير الممارَس عليهم من طبقة سياسيّة أدمنت عليه بفسادها وإفسادها، وتتصرّف وكأنها حرّة من أيّة محاكمة ومحاسبة.

سيكون قلمي عاصفًا بالغضب، والمحبّة تغضب، لأنها قرينة الحقّ وتبوح به. لا ينفجر الغضب من فعل الجور وأساليب الفاقة فقط، بل من استهتار القضاء بهذا الواقع المرير، واستهزاء الطبقة السياسيّة الفاسدة ببسطاء شعبنا، وقد مارست بجملتها السرقة وسلبت الدولة واستحلبتها، ثمّ أتت المصارف بعد 17 تشرين الأول سنة 2019 لتهرّب أموالنا وتتصرّف بها بإغفال وتصميم مسبق على أنها نتيجة لتعبنا وجهادنا. المصارف سلبت هويتنا وحقّنا، وهي كالطبقة السياسيّة الفاسدة حرّة طليقة فوق المساءلة والمحاكمة.

ما حدث وما يطرح إذلال حقيقيّ لنا. لا يحقّ لا للدولة ولا للسياسيين تغيير أنماط حياتنا لأجل ديمومة فسادهم وإفسادهم. من حقوقنا المشروعة التصدّي لهذا البغاء، المعبّر عنه اقتصاديًّا وسياسيًّا وماليًّا. من سمح للمصارف بأن تتصرف بالودائع بلا تبرير ولا تسويغ؟ كيف لنا أن نقبل بأن يستمرّ السياسيون الفاسدون في حكمنا من دون مواجهتهم بالحقّ؟ كيف نسمح للتجار والقطاعات باستغلال مرارة الواقع للشروع برفع الأسعار بجنون فائق، وكأنهم مبرمجون على تجويع الناس وتشريدهم بفعل فاعل، والفاعل هو مصرف لبنان، والمصارف، والصرافون، والسياسيون المتآزرون معهم؟ كيف يعقل أن يصل كيلو البندورة إلى 6 أو 7000ل.ل، ويتمّ تهديد الناس برفع الدعم عن الطحين والبنزين والمازوت والحليب، أو برفع سعر رغيف المنقوشة من ال2000 ل.ل إلى 8000 ل.ل؟ أو يتمّ التهديد بوصول سعر صرف الدولار إلى 20000 ل.ل؟

إنها مافيا السياسيين المتحالفة مع مافيا التجار. السياسيون يحرّكون والتجار يتحرّكون، والسبب لأن لنا رئيسًا يجب بنظرهم أن يحشر كمقدمة للانقلاب عليه. إنهم يتحركون لتطويقه وتطويق رؤيته السياسيّة؟ وضعوا سعد الحريري في الواجهة، واستلذّ سعد اللعبة بممارسة سياسة النكد على الرئيس. الرئيس نبيه برّي زرعه، وكان بعضهم ينظر إليه كساحر سياسيّ يدوّر الزوايا ويستخرج من كمّه الأرانب، فإذ به يزرع العصيّ في وجه الحلول ودرب الحقول، لأنّه شريك في هذا الانقلاب ومعانيه على العهد. أتى بالحريري ورماه في وسط تلك البقعة، وهو معه ومع وليد جنبلاط وفؤاد السنيورة متآزرون في لعبة الدولار وغلاء الأسعار. ويتصرّفون وكأنّ لا قدرة للسلطة على محاكمتهم، لكونها مدخلاً إلى الفتنة الطائفية.

يستهلكون الفتنة مادة إرهاب وترهيب، نبيه برّي خطّ أحمر في الدائرة الشيعيّة، فؤاد السنيورة وسعد الحريري خطّان أحمران في الدائرة السنيّة، وليد جنبلاط خطّ أحمر في الدائرة الدرزيّة، ورياض سلامة خطّ مارونيّ بطريركيّ أحمر متلاق مع خطوط الحمر المخطوطة والمرسومة ممن استهلكوا الخطوط لأنفسهم، فكيف تستقيم الحياة في لبنان وهؤلاء المتقاسمون للبلد “أعلى من الحقّ”، ترى على أيّ حقّ نتكلم؟

لقد بتنا على يقين كامل بأن فساد النظام السياسيّ ناتج من فسادهم. السؤال الموجع ليس حول سقوط النظام، بل حول البديل وممن سيتكوّن؟ القضيّة ليست متمحورة عند “أرباب” تلك الطبقة، بل للأسف عند شعب يحصد ما زرع. يقول بولس الرسول “إن من يزرع شحيحًا فشحيحًا يحصد”، هل من أحد منّا انتبه إلى أننا زرعنا الشحيح فتحول لبنان بخزينته إلى صحراء بالكامل؟ قبل لوم الطبقة السياسية، أنا ألوم نفسي وقومي، على قاعدة “أيها الإنسان إعرف نفسك” كما قال الفيلسوف الإغريقيّ العظيم سقراط. أيها الشعب إعرف نفسك ومصلحتك ووطنك.

أمّا الآن فقد سبق السيف العذل كما يقولون. نحن نعيش في دائرة فرضناها على أنفسنا ولم نأبه لما يمكن أن يصير لنا بإصرارنا على ثقافة الاستتباع الأعمى، وعلى عدم المواجهة الصارمة.

سيقول بعضكم لقد كانت لنا فرصة في 17 تشرين الأول مع ثورة عارمة. كان لنا رجاء بثورة حقيقيّة، ولكنّها استهلكت من الخارج والداخل. لا نزال مدمنين على شعار بالروح والدم نفديك يا زعيم، نعلّي الزعماء الفاسدين والساقطين بالمعنى الأخلاقيّ والقيميّ، الذين يستطيبون العمالة شريطة أن تكون العمولة كبيرة، وننسى الصقور الأقوياء بتاريخهم الأبيض ونخوتهم الصادقة بنضالهم الكبير والمجيد. ما أسخف شعبًا يردّد شعارات كاذبة من أجل حفنة من المال، وينسى أنّ “من يفديه” كذبًا هو من اشتراه ليس من “لعنة الناموس” بل من الحياة الكريمة ليرميه في اللعنة والجوع والوجع.

نعم نحن نحصد ما زرعنا. آن الوقت لنعترف بالحقيقة. هل ترضى الجوع المجانيّ أيها المواطن وودائعك في المصارف مسلوبة؟ هل ترضى بطبقة سياسيّة متآلفة من تجّار فجّار يستغلّون لقمة عيشك وميدان تعبك ليرهقوك بالغلاء المجنون ويزهقوا روحك بسلب تعبك وجهادك وضنكك في سبيل رفاههم ومجدهم؟ هل تقبل بأن يقودوك إلى مجاعة وفتنة من دون أن تكون لك كلمة؟ وكثيرون منّا قد لا يستطيعون شراء قالب جبنة بسبب الغلاء وأسعار الأجبان المحليّة واللحوم أمست خياليّة، لماذا يحرم الفقير من عشاء العيد والثريّ يتنعّم بما هو فاخر ورفيه؟

أيها السياسيون لمذا تذلّون الناس؟ من أنتم لتذلّوا وطناً وشعبًا بكامله والوطن يبقى أكبر منكم؟ ألا تخجلون من أنفسكم فيما قلمي يتقيأكم، والناس يلفظونكم لأنهم قرفوا من تلاوة أسمائكم على الوسائل الإعلاميّة وتمرمر بإجرامكم وسلبكم. “الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون”، الويل لكم أيها السياسيون الفاسدون لأنكم تنغصّون حياتنا وهي ليست ملكًا لكم بل للواهب الكريم، الويل لكم لأنكم تحرمون أولادنا من مستقبلهم في وطنهم، وتحرمونهم من حقّ التعلّم الكامل في المدارس والجامعات، الويل لكم لأنكم حولتم وطننا إلى مزرعة محشوّة بالفساد فسادكم، الويل لكم لأنكم ذبحتم اقتصادنا وأفرغتم الخزينة من مالنا، نعم مالنا، الويل لكم لأنك تعشّرون الشبث والكمون أي المال على حساب من ليس لهم مال، “ونسيتم بأنكم عظام مجرّدة ومأكل للدود ورائحة كريهة”، الويل لكم لأنكم تسفكون الدماء لأجل السلطة، فيما أنتم مجرّد عملاء خسيسيين. تستكبرون على شعبكم ووطنكم، وضابط وصاية برتبة صغيرة كان ينفث النيران بوجوهكم بكلمات نابية وأنتم تتأهّلون به وتفرحون بسبابه وبصاقه كأنه العسل الحلو المذاق في حلوقكم وعلى حساب كرامتكم.

آن الوقت لتعرفوا أنفسكم ولترحلوا عنّا.

ما نريده، استعادة أموالنا السليبة من المصارف، وعدم اللعب بالأسعار، ومن يتلاعب بها يجب أن ينتهي إلى السجن، إعادة الأموال المنهوبة من الدولة إلى الخزينة، وإن بتسوية، نرضى بالتسوية، وإن لم ترضوا بالتسوية المعقولة فمن حقّ الناس مهاجمتكم ومواجهتكم، لأن الدولة نحن ونحن الدولة. حجم المسألة هنا. إمّا تسيرون بتسوية معقولة، تعيدون فيها ثلاثة أرباع نهبكم وتنعّموا أو تنغصّوا بالربع الباقي، أو لنا القضاء بوجهكم ونحن لداعمون توجّه الرئيس بالمحاكمة العادلة، على أن تعصموا أنفسكم عن الحياة السياسيّة لأننا اكتفينا من أمثالكم ومن نصبكم.

فخامة الرئيس العظيم، جمعت في قلمي أصوات الناس الطيبين العاقدين الآمال عليكم. في مقال سابق بعد انفجار بيروت دوعتك بأن تضرب عدوّك، هؤلاء هم أعداؤك، لا تسمح لهم بأن يزأروا كالأسود. أمام شعوبهم يظهرون كالأسود فيما هم على أعتاب السفارات قطط تموء وتفتش عن قطع لحم.

إضرب يا فخامة الرئيس بيد من حديد ونحن إلى جانبك والله معك ومع الشعب الأبيّ ومع لبنان العظيم.
بقدر ما ننتظر ميلاد الرب في قلوبنا ننتظر ميلادنا وشعبنا ووطننا في الرب.

المصدر: tayyar.org