الشراهة مقدمة لخطيئة الشّهوة والزّنى..
(الإنجيل – تعليم الكنيسة الكاتوليكية – إسحق السّرياني – توما الاكويني)
- ما الهدف من القول بأنّ شهوة الطّعام وشهوة الجسد هما هبةٌ من الله وحسب، دونما التطرّق إلى الخطيئة وضرورة الجهاد ضدّها؟ الخطيئة التي دفع المسيح دمه ليحملها عنّا، وليحرّرنا منها !
- ما الهدف من اتّهام الكنيسة المقدّسة بالضّلال، كَونها أساءت فهم الأخلاق المسيحيّة، وبأنّها تسمحُ بالمُتعة الإنسانية البسيطة والأخلاقية ! (وهذا طبعًا كذبٌ وتدجيل)
وكيف يتناقل هذه الهرطقات أهمّ القنوات ووسائل الإعلام المسيحيّة، وكيف ننجرّ وراء كلامٍ معسولٍ ونتشاركه، وهو في الحقيقة سامٌّ يخالف تعاليم المسيح والكتاب المقدّس بأكمله والكنيسة والقدّيسين؟ لأنّ البعض يستمع لكلّ كما يوافق شهواته الدّنيئة، فهذا هو باختصار: التّجديف على الرّوح القدس!
ألا تعلمون أنّ الشّعب المسيحي، وبخاصّةٍ الشّباب، يعيش في الخطيئة المُميتة، وهو بحاجةٍ إلى سماع كلّ ما يشّجعه على التوبة وخلاص نفسه، لا على الخطيئة؟ وبأنّ أكثر ما يؤذيه هو ذلك السُّمّ الجَهنميّ الحذق الّذي يُطفِئُ فيه كلّ شعور بتكبيت الضّمير والذّنب؛ الذي هو أوّل خطوات التّوبة الصحيحة، التي تمرّ بالنّدامة والاعتراف لدى الكاهن، والقصد على تغيير مسلك الحياة والتكفير عن الخطايا؟
في حين أنّ “خطيئة العصر هي عدم الشّعور بالخطيئة” (البابا بيوس 12 المكرّم) وبأنّ “الكثير من النفوس تسقط في جهنّم، بسبب خطايا الدّنس أكثر من أيّ سبب آخر” (العذراء، ظهور فاطيما 1917)
ألا تعلمون بأنّ تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة هو معصومٌ عن الخطأ، كون مصدره إلهيّ، وهو الرّوح القدس عروسها وقائدها؟ كما وعد المسيح: “رُوحُ الْحَقِّ يُرْشِدُكُمْ إِلَى مِلْءِ الْحَقِّ” (يو 16: 13)
وأنّ الكنيسة “هي عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ.” (1 تي 3: 15)
فاحذروا! إليكم الحقيقة:
رغم أنّ كتاب التعليم الرّسمي للكنيسة الكاثوليكيّة يعلّم بأنّ: “الخِصب هو عطيّة من الله وغايةٌ للزّواج” (بند 2366)، بأنّ “الله هو الّذي أمر الرّجل والمرأة المُتزوّجَين بإنجاب الأطفال وبارك، إذ قال: “أُنموا واكثُروا” [تك 1: 27] (بند 2331)، والمسيح أيضًا قال: “يصيران كلاهما جسدًا واحِدًا” [ مر 10 :8 ] (بند 2335)
إلّا أنّ الكنيسة تعلّم أيضًا تعليمًا ثابتًا، بأنّ كلّ شهوة صغيرة أم كبيرة، وكلّ فعل خارج الزّواج، ولا يهدف لإنجاب الأطفال هو خطيئة، بِشرحها للوصيّة السّادسة: “لا تَزنِ” في 70 بندٍ (2331 إلى 2400)
وكلّ خطيئة مميتة من دون توبة هي سبب هلاك النفس الإنسانيّة وعذابها إلى الأبد وخسارتها لله.
ترابط الشراهة وخطيئة الشّهوة والزّنى:
- “إنّ تنعّم الجسد ينشأ منه الدّعارة.
- كما تحجب السّحابة ضوء القمر، كذلك تحجبُ التُّخمة حكمة الله عن النّفس. وكما تتأجّج النّار بالحطب اليابس، تتأجّج شهوة الجسد بالبطن المُتخَم. وكما أنّ إضافة الحطب الى الحطب تزيد لهيب النّار، كذلك فإنّ تنوّع المآكل يزيد رغبات الجسد.
- لا تسكُن معرفة الله في جسدٍ يحبّ الشهوة، ومن يحبّ جسده لن يحظى بنعمة الله. كما تفرح الأمّ بطفلها بعد أوجاع الولادة، تفرح النفس بمعرفة أسرار الله بعد تعب الجهاد (الصوم)”.
(القديس إسحق السّرياني، أحد آباء الكنيسة)
- “الشراهة آفة تصيبُ جميع الأعمار، وتُفسِد الحياة الروحيّة. وتستعبد النفس للجسد وتجعل الانسان ماديًّا وتُسبّب بلادة الذّهن وتُضعف الحياة العقليّة والأخلاقيّة.
- الشراهة خطيئة ثقيلةٌ بخاصّةٍ عندما تدفعنا الى تقصير في واجباتنا الروحيّة (الجهاد، الصلاة)… والى التقصير في واجبات الصوم والقطاعة، وأيضًا حينما تكون سبب خطايا ثقيلة أُخرى كالسّكر وهدر الطّعام.
- الشراهة نقيض الصّوم. فكما أنّ الصّوم يساعد في التحرّر من الأهواء ومحاربة الخطايا، فالشراهة تزيد الأهواء اضطرامًا، والخطايا جسامةً وتسلّطًا. أمّا علاجها فهو التماس فضيلة القناعة في المأكل، والتمرّن على عفّة الجسد وضبط المأكل.”
(القديس توما الاكويني، معلّم الكنيسة)
المصدر: صفحة قلب مريم المتألم الطاهر