إستقالة القوات بُنيت على مسألتين: إستقالة رئيس الجمهورية وإنتخابات مبكرة (إبتسام شديد)
أطاح انفجار مرفأ بيروت بحكومة الرئيس حسان دياب ودفع نواباً لهم حيثية تمثيلية وشعبية إلى الاستقالة، لكن الامر توقف عند هذا الحد وتجمّدت في اللحظات الاخيرة الاستقالة التي كان يحضر لها ثلاثي القوات والمستقبل والاشتراكي، من دون ان تتضِح الخلفيات او يُعلن اي فريق صراحة عن الأسباب التي فرملت الخطوة.
رئيس حزب القوات سمير جعجع لم يُفصح فوراً عن المفاجأة ومضمون الموقف الكبير الذي كان مقرراً إعلانه قبل استقالة الحكومة بساعات، لكنه على الأرجح كان استقالة جماعية لنواب المستقبل والقوات والحزب التقدمي الاشتراكي. الاستقالة التي كان يتم التحضير لها بُنِيَت على مسألتين:
- استقالة رئيس الجمهورية و
- التحضير لانتخابات نيابية مبكرة،
لكن الأمور سارت في اتجاه أخر، فوُضِع الجميع امام خيارين: اما استقالة الحكومة او انقاذ المجلس النيابي، فجاء القرار بالحفاظ على المجلس الحالي، وسُحِبت الاستقالة الجماعية من التداول.
التباين بين الحلفاء في طريقة إدارة الازمة ألقى بظله على النتائج، فهناك التسوية التي طُبِخت في الكواليس بين الاشتراكي والمستقبل ورئيس المجلس نبيه بري للتضحية بالحكومة فقط، وبالمقابل يوجد طرح الانتخابات المبكرة الذي فرّقَ الثلاثي لحسابات مختلفة. فالقوات كانت متحمسة للغاية للذهاب الى الانتخابات، فيما فَضَّل الرئيس سعد الحريري السير في التهدئة، وكذلك فعل النائب السابق وليد جنبلاط، الذي حصر دائرة استهدافاته بالحكومة، فالاستقالة من مجلس النواب والذهاب الى الانتخابات لا يناسب المستقبل والاشتراكي وفق القانون الحالي.
اجندة معراب كانت مختلفة، فالقوات رغبت بالاستقالة لعدة اعتبارات ولأهداف أقوى، تكملة للانقلاب الذي بدأته ضد العهد والتيار الوطني الحر، كما تركّز إهتمام جعجع في اتجاهين محددين، تسديد ضربة قاسية لعزل التيار الوطني الحر، الذي يواجه تسونامي غاضب ضده في الوسط المسيحي، وقطف ثمار المعارضة وتجميع حلقات ١٤ أذار مجدداً بعد ان فرقتها التسويات والتفاهمات والمصالحات.
الواضح ان الكتل النيابية الكبرى أجرت مراجعة تبين لها فيها ان الانسحاب من الندوة النيابية سيؤدي الى المزيد من المقاعد الشاغرة، ويُخلي الساحة للثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، وان هناك استحالة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة في هذه الأوضاع مما سيؤدي الى المزيد من الخراب والفوضى في لحظة اقليمية معقدة.
فهل كانت استقالة النواب الفردية عشوائية ومتسرعة و”راحت ضيعان”، ام ان الثلاثي الذي انتظم في اللعبة السياسية مجدداً “أخطأ التقدير” لأن استقالة الأكثرية المطلقة كانت ستؤدي الى تغيير في قواعد اللعبة، وحيث يُعتبر ذلك من الخطوط الممنوع تجاوزها اليوم؟
المصدر: ليبانون فايلز