إنّها الأزمات تعصف بنا، تلاحقنا منذ الولادة، أو ما قبل الولادة.
نعيش عامًا بعد عام، نحلم أنَّ غدَنا سيكون أجمل، وإذ به استمرار لما قبله.
ماذا ينتظرنا؟
ألم يحن الوقت بعد، لنبني حياتنا ومستقبلنا بكثير من الفرح؟
لماذا “نحن” من علينا أن نعيش الظلم والحزن واليأس عن كل البشريّة؟
وبالمناسبة،
ألم تأتِ إلى أورشليم يومًا لتقول للبشريّة: “بيتي بيتُ صلاة وأنتم حوّلتموه مغارة لصوص”؟
ألم تنتفض ؟
ألم تثرْ؟
ألست أنت “الثورة” ؟
ثورة المحبة والتلاقي والحوار؟
ثورة السلام والرسالة.
ثورة من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر؟
إذ كنت كذلك ؟
لماذا تترك رجال السلام والتلاقي يسقطون واحدًا تلو الآخر، وتترك تجّار الهيكل يعبثون بجنّتك على الأرض “لبنان”؟
ألا يكفيه هذا الوطن، وهذا الشعب مئات من سنين القهر والظلم والحروب؟
ألا يكفي أطفالنا هذا الكمّ من الدموع ؟ وأمّهاتنا أطنان من الحزن؟
” يا مريم كفّي البكاء، المسيح قام حقًّا قام”!!
“إلهي ! إلهي ! لماذا تركتني… وها أنت تقوم في اليوم الثالث”.
بينما نحن مازلنا ننتظر يوم القيامة منذ أكثر من 300 سنة!
إلى متى سنبقى ننتظر اليوم الثالث، لنعود وننهض من جديد على رجاء القيامة؟
إلهي!
أناجيك اليوم، لأقول لك هذه الارض الّتي قدّستها في خطر!
كنيستك المشرقيّة في خطر، لا بل إلى زوال!
هل تعرف أنَّ مدارسك التي علّمت وثقّفت وخرّجت رسلاً يحملون اسمك، تتّجه إلى إقفال أبوابها، بسبب تجّار الهيكل؟
أين قيمة لبنان إذا هاجر مسيحيّوه أو قتلوا أو ماتوا جوعًا، وما قيمة مسلميه إذا فُقد التلاقي والحوار هنا؟
وأين البشريّة بعدنا؟
في كلّ مرّة، وفي كلّ لحظة تمرّ، أبحث جاهدًا عن أجوبة أشفي بعضًا من عطش المعرفة، ولكن أصطدم بمثل الوزرنات في تعاليمك المقدّسة، وأعود وأكمل طريقي نحو البعيد القريب.
إلهي!
أنت من علّمتنا أن نثور على الظلم، فهل يحقّ لنا أن نتعب ونحن الثائرون منذ الولادة؟
ماذا ينتظرنا بعد؟
وإلى متى ستتركنا لمصيرنا، نموت خوفًا من الغد، ونعيش اليوم كأنّه الآخرة؟
إلهي!
كيف سمحت لهم أن يقفلوا أديرتك وكنيستك؟
ألم ترشدهم إلى القربان المقدس؟
أو أن تعاليمك باطلة؟
ألست أنت من قلت لبطرس، أنت هو الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني بيعتي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها؟
نحن أبناء بطرس، ابن جنوبنا الصامد، نحن خليفة هذه الصخرة، هنا قدّيسو لبنان الّذين اجتاحوا العالم باسمك، ولكنّ أبواب الجحيم دخلت علينا، فهل أنت هنا؟
هل ستقول لنا شيئًا ؟
إذ كنّا أولادك، فإننا نستنجد باسمك الخلاص، ونطلب الرحمة والغفران، اسمع صلاتنا، وأرجع أرضك وجنّتك هنا واحة حوار وسلام، بدل أن تكون واحة للحروب والاقتتال والمجاعة.
إلهي!
إذا كانت هذه الكلمات، خطيئة التشكيك بقدرتك وحكمتك، فاسمح لي أن أتلو على مسامعك فعل الندامة، ” ربي وإلهي أنا نادم من كل قلبي…”
تاريخ 26 حزيران 2020