عَ مدار الساعة


☩ البابا العائق وحلم دون بوسكو… 🕯 البابا بنديكتوس 16 ☩ (الأب غسان رعيدي)


☩ الَّذينَ يَعتبرونَ أنَّهُم انتصروا وأصبحوا في المركزِ الأوَّل، يجبُ أن يَفهموا أنَّهُم في وَسْطِ الخطر (البابا بندكتوس 16)

البابا الأصيل والتخلي القسري ضمن مخطط الله الخلاصي.. احتفظَ بلقبِ “الأبُ الأقدَس” وبخاتَمِ البابويَّةِ وخَتْمِها..

☩ الخطيئة تبقى خطيئة.. ويَكفي النظرَ إلى برنامجِ الثقافةِ الجنسيَّةِ بالمدارسِ الكاثوليكيَّةِ لتَفهَمُوا ماذا أَقصُد


🌷🌷
☩ *البابا العائقُ وحلمُ دون بوسكو* ☩
(من كتاب: إنتصار قلب مريم الطاهر، نهاية الأزمنة وجلجلة الكنيسة، تأليف الأب غسان رعيدي، ٢٠١٢)


✝️ “*الوكيلُ الأمينُ في الزمنِ الحاليِّ هو البابا بنديكتُسُ السادسَ عشرَ* وكلُّ المتَّحِدينَ معه في إعلانِ رسالةِ الخلاصِ المسيحيَّةِ للكنيسةِ المقدَّسة. علاماتُ الأزمنةِ جميعُها تُشيرُ إليه بأنَّه يُمثِّلُ البابا الثاني (حلم دون بوسكو) الَّذي سيُواجِهُ أعداءَ الكنيسةِ المنظورينَ وغيرَ المنظورين قبل حُلولِ يومِ الربِّ الَّذي يسبِقُهُ مباشرةً ٱنتشارُ الجحودِ ثُمَّ ” يظهَرُ إنسانُ الاثم، ٱبنُ الهلاك، المتمرِّدُ المتشامِخُ” (2تس2: 3-4أ)، “ويجلسُ في قُدسِ هيكلِ الله، مُظهِرًا نفسَهُ أنَّه الله” (2تس2: 4).

🕯 *والَّذي يُحتِّمُ أنَّه بابا فاطيما* ، هو جزء من صلاة ‘الأبانا’ التي فيها نُصلِّي للآب: “ليأتِ ملكوتُكَ“، وندعو بها المسيحَ: “تعالَ أيُّها الربُّ يسوعُ” (رؤ22: 20)، وأيضًا هو ما يتعلَّقُ بكثيرٍ من الرسائلِ المريَميَّة، وبالأخصِّ إلى *الحلمِ النبويِّ للقدِّيسِ يوحنَّا دون بوسكو،* الَّذي يقول”:

+ ” رأيتُ معركةً كبيرةً في البحر: سفينةُ بطرسَ يقودُها قداسةُ البابا، وتواكبُها سفنٌ صغيرةٌ تأتَمرُ منها، يتوجَّبُ عليها صَدُّ هجومِ السُفُنِ الَّتي تشنُّ الحربَ ضدَّها. هيَجانُ البحرِ وسرعةُ الرياحِ المعاكسةِ يبدُوان من مصلحةِ العَدُوِّ. ولكنْ، في وسط البحر، رأيتُ عمودَين عاليَين يطفُوانِ أمام سفينةِ البابا:

  • على العمودِ الأوَّل (وهو أعلى بكثيرٍ من العَمُودِ الثاني) ‘خبزُ القربانِ المقدَّس‘ مُدَوَّنًا عليه: ‘خلاصُ المؤمنين‘.
  • على العمودِ الثاني (وهو أقلُّ ٱرتفاعًا من الأوَّل) تظهرُ العذراءُ مريَمُ البريئةُ من الدَنَسِ، وتَحْتَها لوحةٌ مكتوبٌ عليها: ‘نَجْدَةُ المسيحيِّين‘.

لَم يكُن لسفينةِ البابا أيَّةُ وسيلةٍ بشريَّةٍ للدفاع. وكان يتسرَّبُ من هَذَينِ العَمُودَينِ نوعٌ من الريحِ تَحمي السفينةَ وتُصلِحُ كلَّ الأضرارِ الَّتي تتعرَّضُ لَها.

المعركةُ حاميةٌ: قداسةُ البابا يُحاوِلُ أن يُرسِيَ، بين العَمُودَيْنِ، السفينةَ الَّتي يَقُودُها، وَسْطَ ضرباتِ العاصفةِ الحربيَّة، في حين أنَّ سلاحَ الأعداءِ الْمُعتَدِين يُدمَّرُ بشكلٍ كبير. تتحوَّلُ المعركةُ إلى مُجابَهَةٍ مباشِرةٍ بين الأجسام. في المرَّة الأولى، جُرِحَ البابا بِجُرحٍ خطيرٍ ولكنَّه شُفِيَ. في المرَّة الثانية،... قُتِلَ وسطَ ٱبتهاجِ العدُوِّ. إنتُخِبَ البابا الجديدُ فورًا، وتَسَلَّمَ قيادةَ السفينةِ ونَجَحَ في الوصولِ إلى العمودَين وٱستعملَ سلسلتَيْنِ لربطِ السفينةِ الْمُخَلَّصةِ بِهما. أمَّا مَراكِبُ العَدُوِّ الباقيةُ فَفَرَّت هاربةً وبدأَت تتدمَّرُ واحدةً واحدةً، ثُمَّ سادَ الهدوءُ على البحر”.

✝️”من المعلومِ أنَّ البابا الراحِلَ الطُوباويّ يوحنَّا بولُسَ الثاني هو البابا الَّذي تعرَّضَ للاغتيالِ وجُرِحَ ولكنَّه لَم يَمُتْ. أمَّا البابا الحاليُّ، بنديكتُسُ السادسَ عشَرَ، فسيتعرَّضُ للاستشهادِ عندما يحينُ الوقتُ، أي عندما تَصِلُ الكنيسةُ إلى المرحلةِ الثانيةَ عَشْرَةَ من مراحلِ دربِ الصليبِ الَّذي تَمشيهِ منذُ سنة 2006 ولكنَّها ٱنكشَفَت سنة 2008. تقولُ العذراءُ في رسالةِ لاساليت في فرنسا ، إنَّ الأبَ الأقدسَ سيتألَّمُ كثيرًا.

وأكَّدَت: “سأكونُ (العذراء) معه حتَّى النهايةِ لأستَلِمَ تضحِيَتَهُ…”.

وكتبت راعيةُ الغنمِ ميلاني: “لن يشهدَ البابا ٱنتصارَ كنيسةِ الله” مِثْلَمَا حصلَ مع موسى النبيِّ الَّذي لَم يدخل الأراضيَ المقدَّسة، وهذا يعني أنَّه يموتُ بعدَ فيضِ الروحِ على البشريَّةِ ومع بدايةِ المحنةِ الكُبرى الَّتي تستمرُّ في حدِّها الأقصى “زمَنًا وزمنَينِ ونِصفَ زمَنٍ” (رؤ12: 6 . 14)، أي ثلاثَ سنواتٍ ونصفَ السنة. *وبعد ٱستشهادِهِ وإزالتِه كعائقٍ،* مع كثيرٍ من الشهداءِ المؤمنينَ بالمسيحِ المخلِّصِ الوحيد، من أمامِ المسيحِ الدجَّال (2تس2: 7)، سيُنتَخَبُ خليفةُ جديدٌ من الروحِ القدُس، لبُطرُسَ الرسولِ نائبِ “المسيحِ الربِّ”، وسيَحملُ ٱسمَ “البابا بطرس الثاني”. وهو الَّذي سيقودُ الكنيسةَ المقدَّسة: “سفينةَ بطرسَ”، من خارجِ الفاتيكان، إلى زمنِ السلامِ المسيحيِّ الموعودِ من الربِّ يسوعَ المسيح، والَّذي سيكونُ زمنَ إكرامِ القربانِ المقدَّسِ وعبادتِه بٱمتيازٍ. وهذا يُذكِّرُنا بيشوعَ بنِ نونَ الَّذي قادَ شعبَ الله، عابرًا نَهْرَ الأردنِّ، ودخلَ به إلى الأراضي المقدَّسة.

أمَّا أتباعُ المسيح الدجَّال، فسيُسَيْطِرون على حاضرةِ الفاتيكان (بعد هروب البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر وبعد استقالة البابا فرنسيس)، حيث سيُقيمُ البابا المزيَّفُ، كما أنبأَنا القدِّيسُ فرنسيسُ الأسِّيزي . هذا البابا غيرُ المنتَخَبِ كَنَسيًّا سيُنَفِّذُ تعليماتِ المسيحِ الدجَّالِ المعاكسةَ تَمامًا لتعليمِ الكنيسةِ الصحيحِ ويبثُّ سُمُومَهُ الْمُهلِكةَ فتنقسِمَ الرهبناتُ وتكثُرُ الفضائحُ ويُضطَهَدُ الأوفياءُ للمسيحِ يسوعَ الَّذي سيأتي ليُخلِّصَ المختارين ويُبيدَ الأشرارَ .

وسيستَمِرُّ في شُرورِهِ إلى أن يَنْزِلَ العقابُ على الأشرارِ كما تُنبِئُنا رسالةُ العذراءِ مريَمَ في آكيتَّا – اليابان 1973 .

وسيبدأ العقابُ بعد أن يقومَ حُكَّامُ العالَمِ بزعزَعَةِ السلامِ فعليًّا على الأرضِ من خلالِ الحروبِ العلَنيَّةِ الَّتي بدأَتْ علاماتُها المؤلِمَةُ في شَرْقِنا الحبيبِ والمعذَّب. وفي النهايةِ، سينتهي أمرُ الدَجَّالِ بصلاةِ الورديَّةِ المقدَّسةِ والسُجودِ القربانيِّ والتأمُّلِ الإنجيليِّ والخضوعِ لتعليمِ الكنيسةِ الصحيح، فينتصرُ قلبُ مريَمَ الطاهرُ ويَحلُّ زمنُ السلامِ المسيحيِّ الْمُنتَظَرُ منذ أجيالٍ.

وتشرحُ لنا سيِّدةُ لورد تفاصيلَ هذه الحروبِ والآلامِ وكيفيَّةَ التحَوُّلِ الَّذي سيبدأُ به زمنُ السلامِ المسيحيِّ الحقيقيِّ.

والرؤيا الَّتي تسلَّمَها رُعاةُ فاتيما، كما هو وارِدٌ في المقطَعِ التالي، تُنبِئُ بٱستشهادِ البابا على رأسِ الجبلِ الوَعِرِ أمام صليبِ المسيحِ إنذارًا ببَدْءِ زمنِ المحنةِ الكبرى الَّتي ستنتهي بزمنِ السلامِ المسيحيِّ الموعود”.


🌷✝🌷
المرحلةُ العاشِرةُ مِن دَرْبِ الصليب (مُجَدَّدَة)

ك: ” لنتأمَّلْ يسوعَ لَمَّا سُقِيَ خلاًّ ومُرًّا وعُرِّيَ مِن ثيابِهِ، نسجدُ لكَ أيُّها المسيحُ ونُباركُكَ “.
ش: ” لأنَّكَ بصليبكَ المقدَّسِ خلَّصْتَ العالَم “.

بَعدَ قيامِهِ مِن تحتِ الصَليبِ للمرَّةِ الأخيرة، وصَلَ يسوعُ إلى ” المكانِ الَّذي يُدعَى جُلجُثةً، أي مَوضِعَ الْجُمجُمة” (متَّى27: 33). وٱلْتَقى أيضًا بأُمِّهِ مريَمَ الَّتي جازَ سيفُ الألَمِ عُمقَ قلبِها الطَاهرِ وهي مُتقبِّلةٌ كلَّ الإهاناتِ الَّتي وُجِّهَت إليها، وكُلَّ مَشَاهِدِ العُنْفِ الَّتي تنهَمِرُ على ٱبنِها الوحيدِ، وكان مَعَها يوحنَّا الحبيبُ ومَرْيَماتٌ ونِسوَةٌ وبعضُ الرِجال. ولدى وُصُولِ يسوعَ إلى قِمَّةِ الجبل، حُرِّرَ سِمعانُ القِيرانِيُّ مِن مُساعَدَتِهِ وٱلْتَفَّ الْجُندُ مانعينَ أحدًا مِن دخولِ السَاحةِ حتَّى يتَسَنَّى لَهُم إكمالُ عُنْفِهِم الشَنيعِ على يسوعَ وتحتَ أنظارِ أعدائِهِ الضَالِّينَ مِنَ الكهنةِ والفرِّيسيِّينَ والْمُوالينَ لَهُم. كلُّ التحضيراتِ كانت جاهزةً لإعدامِهِ مَعَ لِصَّينِ مُجرِمَيْنَ رافَقَاهُ منذُ البداية. تَصِفُ الطُوباويَّةُ كاثرين إيميريخ آلامَ الطوباويَّةِ العذراءِ مريَمَ بأنَّها: ” كانت تزدادُ شدَّةً لأنَّها لَم تستطِع في البدءِ رؤيةَ ٱبنِها، لقد علِمَت بأنَّه ما زالَ على قيدِ الحياةِ، وشَعَرَت برَغبةٍ عميقةٍ في رؤيتِهِ مِن جديد، في حينِ أنَّ صُوَرَ العذابِ الَّذي ما زالَ يتعرَّضُ له كانت تُحرِقُ قلبَها مَعَ حُزْنٍ شديد“[1].

حاوَلَتْ بَعْضُ النِساءِ أن يُقَدِّمْنَ ليسوعَ الخمرَ الَّذي حَضَّرَتْهُ فيرونِكا عندما مَسَحَتْ وَجْهَهَ بالمنديل، ولكنَّ الجَلاَّدينَ شَرِبُوا الخمرَ. ثُمَّ وَجَدَ الجَلاَّدونَ إناءً مَعَهُم، فيه خَمْرٌ مَمْزُوجٌ مُرًّا، فأَعطَوا يسوعَ ليَشرَب، فذاقَ ولَم يُرِد أن يشرَبَ (متَّى27: 33-34)، فأُعطِيَ الأمرُ ليُعَرَّى من ثيابِهِ، هو الَّذي أَلْبَسَنا حُلَّةَ المجدِ عندما ظَلَّلَنا بثَوْبِ المعموديَّةِ المقدَّسة. وعندما فَعَلُوا ذلك، وكان ” وِشَاحُ الصُوفِ يُغطِّي جِراحَهُ، سحَبُوا عنه ثيابَهُ بعنف، ما سبَّبَ ليسوعَ آلامًا لا وَصفَ لَها ومُعاناةً جَمَّةً… وكان يسوعُ ضعيفًا جدًّا مِن جَرَّاءِ آلامِهِ الْمُوجِعَةِ وفُقْدانِهِ للدَم، ولا يستطيعُ حتَّى أن يَسنِدَ نَفْسَهُ…”[2].

في هذه الأيَّامِ الَّتي ٱستفحَلَ فيها الشَرُّ وعَمَّتِ الفوضى وبدَأَتِ الحربُ المدمِّرةُ وتَهيَّأَ المخرِّبُ الشَنيعُ للاستيلاءِ على الكنيسة، وفَتُرَتِ المحبَّة، وٱنقسمَتِ العائلاتُ وٱنحرَفَتِ الأنفُسُ وتضَعْضَعَتِ الرَهبانيَّاتُ والأبرشيَّاتُ وتشَرْذَمَت، وفَسُدَتِ الأخلاقُ وفُقِدَتِ الآدابُ، وٱنتشرَتِ الشَعْوَذاتُ والمخدِّراتُ والدَعارةُ والشُذوذُ والفِسقُ والفُجورُ والعَرْبَدَةُ والإجهاضُ والقتلُ والكَذِبُ والتَكاذُبُ والنِفاقُ والرِياءُ والسَرِقةُ والعبوديَّةُ للمالِ والسُلطةِ والذات، تُسقَى كنيستُكَ المقدَّسةُ، أيُّها المسيحُ إلَهُنا، خَمْرًا ومُرًّا، مِن خلالِ هذا الاضطهادِ الَّذي تتعرَّضُ له مِنَ الداخِل ومِنَ الخارِج.

إنَّ البابا بنديكتُسَ السَادسَ عشرَ يُعطَى، والكنيسةَ المُقدَّسةَ، خَمْرًا مَمْزُوجةً مُرًّا مِن جَرَّاءِ كلِّ هذه الأهوالِ الَّتي تَمُرُّ بِها الكنيسةُ والعالَم. وها هي تتعرَّى من ثوبِها البَشَرِيِّ بشخصِ البابا الَّذي يَتعرَّضُ لشتَّى أنواعِ الإهاناتِ والافتراءاتِ والْمَكائدِ والضُغوطِ والتهديداتِ بٱسمِ الكنيسة، ومَعَهُ جَمْعٌ غفيرٌ مِنَ المكرَّسينَ والعلمانيِّينَ الأبرارِ الأُمَنَاءِ لِحُبِّكَ. وكما ظَنَّ أَعداؤكَ أنَّهم عَرَّضُوكَ للهُزْءِ والسُخريَّةِ عندما عَرَّوْكَ مِن ثيابِكَ، وفاتَهُم أنَّكَ أنتَ مصدَرُ الطُهرِ والنَقَاء، كذلك، يَظنُّ أعداءُ كنيستِكَ أنَّهم يُعرِّضونَها، بشخصِ البابا بنديكتس السادس عشر، للهُزءِ والسُخريَّةِ بنَشْرِ الفضائحِ الَّتي هي، بِمُعظَمِها، مِن صُنْعِهِم، تَخطيطًا وشراكةً وتَنفيذًا، جاهلينَ أنَّها، بثباتِ إيمانِ البُسطاءِ مِن أبنائِها الأُمناءِ وطهَارَتِهِم وقَداسَتِهِم وبقوَّةِ روحِكَ القُدُّوسِ، ستَنتَصِرُ عليهم وعلى شُرُورِهِم.

وفي خِضَمِّ هذه البلبلةِ والفوضى وهذا الاضطهاد، نتذكَّرُ كلامَ البابا بنديكتسَ السادسَ عشرَ لدى زيارتِهِ ألمانيا في أيلولَ سنةَ 2011 عنِ الرَبِّ الإلهِ الَّذي يَصطادُ في شبكتِهِ السَمَكَ الجَيِّدَ والرَديءَ معًا، إذ قالَ: “رُبَّما أنا قريبٌ في هذه الشَبكةِ مِنَ السَمكِ السَيِّئِ وأشعرُ بذلك، ولكنْ… هكذا نتعلَّمُ أن نتَحمَّلَ حتَّى الفضائحَ، والعملَ ضدَّها في شبكةِ الرَبِّ الكبيرةِ هذه“[3]. وهكذا، تخلَّى البابا بنديكتسُ السادسَ عشرَ عن إدارةِ سفينةِ بطرسَ مُكرِّسًا ما تبقَّى من حياتِهِ لخدمتِها بتفانٍ ليسَ له من مثيل، أي بالصومِ والصلاةِ والتأمُّلِ والتألُّمِ والجهادِ المُقدَّس.

لقد حدثَ فراغٌ في السُدَّةِ البابويَّة، ومن ثَمَّ أُعلِنَ الكاردينالُ بيرغوليو أُسقُفًا لروما وبابا لإدارةِ الكنيسةِ الكاثوليكيَّةِ المقدَّسة. ومنذُ لحظةِ اختيارِه، أشاعَ بصدقٍ حقيقةَ وضعِهِ الجديدِ، لمرَّاتٍ عديدةٍ قائلاً: “أنا أُسقُف روما”. وها هو يعملُ جاهدًا في الكنيسةِ الكاثوليكيَّةِ المُقدَّسةِ ويطلُبُ تكرارًا الصلاةَ من أجلِه. ولكن للأسفِ الشديد، منذ أيَّامِهِ الأولى علَتْ أصواتُ النشاذِ في خبايا الفاتيكانِ وفي كلِّ أنحاءِ الأرضِ لتغييرِ تعليمِ الكنيسةِ الكاثوليكيَّةِ المقدَّسة، ليَتبيَّنَ أنَّهُم السببَ الأساسيَّ لاعتزالِ البابا بنديكتسُ السادسَ عشر.

وأوَّلُ عملٍ يُخالِفُ التعليمَ والتقليدَ منذ نشأةِ الكنيسةِ إلى اليوم، هو غسْلُ أرْجُلِ نساءٍ ووثَنٍ يومَ خميسِ الأسرارِ في الأسبوعِ المقدَّس لآلامِ المسيحِ يسوعَ الفادي. فعندما غسَلَ الرَبُّ يسوعَ أرجُلَ تلاميذِهِ، كانوا جميعُهم رجالاً يهودًا مؤمنينَ، ليس بينَهُم لا نساءً ولا وثنيِّين. أمَّا ابنُ الهلاكِ يهوذا الإسخريوطيّ، فقد خرجَ لخيانةِ المسيح، وبعدَ ذهابِه وَضعَ الرَبُّ يسوعَ يدَيهِ على الأحدَ عشرَ وسيموا كهنةً وعددٌ منهُم سيموا أساقفة، وذلكَ كما شهِدَت الطوباويَّةُ كاثرين إيميريخ. في هذه الأجواءِ الجديدةِ الَّتي فيها تُبطَلُ الحقيقةُ الكاثوليكيَّةُ بشكلٍ مُمَنهَجٍ، بدأَ المُخطَّطُ الشرِّيرُ الخبيثُ يَخرجُ إلى العلَنِ مُعرِّيًا الكنيسةَ المقدَّسةَ من تقاليدِها وتعاليمِها وقِيَمِها وعقائدِها وأسرارِها المقدَّسة، فتُسقى خلاًّ ومُرًّا.

لذلكَ، أعلَنَ البابا فرنسيسُ أُسقُفُ روما في الطائرة، إلى صحيفةِ “لو فيغارو” الفرنسيَّةِ، لدى عودتِهِ من كوريا، بتاريخِ الثامنَ عشرَ من شهرِ آبَ سنةَ 2014، أنَّه قد يحظى حظوَ سلَفِهِ ويَستقيلَ من إدارةِ الكنيسةِ ولن تطول حبريَّتُهُ أكثرَ من ثلاثِ سنواتٍ على الأرجَح (نُشِرَ هذا التصريحُ في الصحيفة عينها بتاريخ 19/08/2014، بقلم جان ماري غونْوَى).

هل تتحقَّقُ نبوءةُ الطوباويَّةِ كاثرين إيميريخ (1822 وما قبل)، لَمَّا شاهدَتْ في رؤيا الكنيسةَ المُزيَّفة؟ تقولُ الطوباويَّةُ كاثرين إيميريخ: “رأيتُ صلةً بين بابوَين“، كما هو حاصلٌ في هذه الأيَّام بينَ البابا بنديكتسَ السادسَ عشرَ وأُسقُفِ روما البابا فرنسيس… وقالَتْ أيضًا: “رأيتُ كم ستكونُ مؤذيةً عواقبُ هذه الكنيسةِ المزيفة. رأيتُها تنمو في الحجم، وتُدخِلُ كلَّ أنواعِ الهرطقاتِ إلى مدينةِ روما.

الإكليروسُ المَحَلِّيِّينَ يَزدادونَ فتورًا، ورأيتُ الظلمةَ العظيمةَ سائدة“.وقالَت أيضًا في وقتٍ لاحقٍ: رأيتُ حالةَ القدِّيسةِ لِيدِوينْ سْكِيدِمْ St. Lydwine of Schiedam كروحٍ مضحِّيةٍ خلالَ زمنِ وجودِ ثلاثةِ بابوات. ورأتْ كيف تجزَّأَ جسدُ هذه القدِّيسةِ إلى ثلاثِ قطعٍ يَجمعُها فقط أوتارٌ أو عصبٌ هزيل“، كعلامةٍ على وجودِ هؤلاءِ البابواتِ الثلاثةِ في زمنٍ واحد… فإذا استقالَ البابا فرنسيسُ أُسقُفَ روما قريبًا، هل سنشهَدُ ثلاثَ بابواتٍ على رأسِ الكنيسةِ الكاثوليكيَّةِ المُقدَّسة؟ ومَن هو البابا الأصيل؟!

بعدَ صمتٍ دامَ أكثرَ من ستَّةِ أشهُرٍ، تكلَّمَ البابا بنديكتسُ السادسَ عشرَ عنِ التواضُعِ في عظةٍ ألقاها خلالَ احتفالِهِ بالذبيحةِ الإلهيَّةِ بحضورِ تلامذتِهِ السابقين (الأحد، الأوَّل من أيلول سنةَ 2013)، فقال: “

كلُّ إنسانٍ يتطلَّعُ ليكونَ لهُ موقعًا جيِّدًا في التاريخ، وكلُّ واحدٍ يريدُ أن يجدَ لذاتِهِ المركزَ الصحيحَ في الحياة.
السؤالُ الوحيد، هو: ما هو الموقعُ الجيِّدُ وما هو الموقعُ الصحيح؟

جاءَ في الإنجيل: ‘يصيرُ الآخِرونَ أوَّلين، والأوَّلونَ آخِرين‘ (مت20: 16). من الملاحظِ أنَّ الموقِعَ الَّذي يُعتَبَرُ الأوَّلُ (بالنسبةِ إلى العالَم) قد يكونُ الموقِعَ الأكثرَ سوءًا (في نظرِ الله)، ونحنُ نعلَمُ أنَّ هذا يحصلُ ليس فقط في الدينونةِ الأخيرة، ولكن غالبًا في وَسْطِ العالَم. لقد رأينا بأنفسِنا أنَّ ذلكَ يحصلُ منذ عدَّةِ عقود، كيف سَقَطَ الأوَّلونَ فجأةً وما كان يَظهَرُ أنَّهُ موقعٌ جيِّدٌ تبيَّنَ أنَّهُ موقعٌ مُضَلِّل، أي سيِّء. فالَّذي يريدُ أن يكونَ مسيحيًّا حقيقيًّا، يجبُ أن يكونَ الأخيرَ في نظرِ العالَم… فالَّذينَ يَعتبرونَ أنَّهُم انتصروا وأصبحوا في المركزِ الأوَّل، يجبُ أن يَفهموا أنَّهُم في وَسْطِ الخطر، لذا، عليهم أن يَنظُروا دائمًا إلى اللهِ ليَخلُصُوا“…
فالمتواضعُ المولودُ بحسبِ الروحِ هو الَّذي يَجِدُ في المسيحِ يسوعَ وسرِّ فدائِهِ على الصليب، محورَ حياتِه، “فيَحصلُ على موقعِهِ الصحيح، ويغدو مسؤولاً عن نشرِ المحبَّةِ والعدلِ والحقيقة“. ويقولُ البابا الناسكُ بنديكتسُ السادسَ عشر: “لقد تبيَّنَ في التاريخ، أنَّ صليبَ المسيحِ كان الموقعَ الأخير… ولكنَّ الإنجيليَّ يوحنَّا اعتبرَ الإذلالَ الأقصى للصليبِ هو المجدُ الحقيقيّ“، والَّذي يريدُ اليومَ أن يسمعَ فليسمع، والَّذي يريدُ أن يفهمَ فليفهَم.

لذلك، الإجابةُ على السؤال، مَن هو البابا الأصيل؟ هو: لقد عبَّرَ البابا بنديكتسُ السادسَ عشرَ عن خضوعِهِ للعنايةِ الإلهيَّةِ، إذ احتفظَ بلقبِ “الأبُ الأقدَس” وبخاتَمِ البابويَّةِ وخَتْمِها، وهذا الاحتفاظُ هو فريدٌ لأنَّ الكنيسةَ المقدَّسةَ لم تَشهَد مثلَهُ بتاتًا. لذا، لا يَسَعُنا إلاَّ التأكيدَ بأنَّ هذا التخلِّي القسريِّ، وإنْ أتى ضمنَ مُخطَّطِ اللهِ الخلاصيِّ، فهو باطلٌ عندَ اللهِ والقانونِ السماويِّ للثالوثِ الأقدس. فإنْ ٱستَمَرَّ البابا بنديكتسُ السادسَ عشر، الْمُقَيَّدُ خارجيًّا والحرُّ داخليًّا، في إدارةِ الكنيسةِ المقدَّسة في الفاتيكانِ كنائبٍ للمسيحِ وكخليفةِ بطرسَ الرَسُول، أَمْ لم يَستَمِرْ، فسيَبقَى هو البابا الأصيلُ حتَّى وَفَاتِهِ، وبالأخصِّ بعد الكشفِ عن أنَّ هناكَ أخطاءً واردةً في نصِّ التخلِّي، تجعلُ من هذا التخلِّي باطلاً وفقًا للقانونِ الَّذي يختَصُّ بحبريَّةِ خليفةِ بطرسَ الرسول. وكان الأبُ الأقدَسُ بنديكتسُ السادسَ عشرَ قد دعا كلَّ الأُمناءِ للصلاةِ من أجلِهِ بكثافةٍ وبتواصُل، لأنَّهُ في عُزلَتِهِ وأمانتِهِ لله، قد قَدَّمَ ذاتَهُ للاستشهاد.

ولكن في النهاية، الَّذي لَم يَحسِبْ له الأعداءُ حسابًا، هو كلامُ اللهِ على لسانِ يُوئيلَ النَبِيِّ، عن فَيضِ الرُوحِ في الأزمنةِ الأخيرةِ (يوئيل3: 1-2). وإذ ننتظرُ هذه العنصرةَ العالَميَّةَ الَّتي ستَشمُلُ كلَّ إنسانٍ[4]، وذلكَ بعد حصولِ الانشقاقِ داخلَ الكنيسة، علينا أن نسلُكَ مسلَكَ تَوبةٍ صادقةٍ لندخلَ زَمَنَ الْمُلْكِ الحقيقيِّ للمسيحِ الْمَلِكِ. وعندها، يُقيمُ الرَبُّ يسوعُ ” الخِرافَ عن يَمينِهِ والْجِداءَ عن شِمالِه” (متَّى25: 33)، لِيَرِثَ الْمبارَكونَ ملكوتَ اللهِ (متَّى25: 34) والْمَلاعينُ يُزَجُّونَ في “النارِ الأبديَّةِ الْمُعَدَّةِ لإبليسَ وجُنُودِه” (متَّى25: 41).

علِّمْنا أيُّها المسيحُ إلَهُنا، أن نَفهَمَ معنى الحَيَاءِ البشريِّ ونَتذكَّرَ أنَّ “مَخافتَكَ هي رأسُ الحكمة“، وٱمنَحْنا نِعمَةَ عَدَمِ التَعلُّقِ بالدُنيا والْمَلَذَّاتِ الذَاتيَّة، بل أن نَحتَشِمَ في لِبَاسِنا وفي نُفُوسِنا كَيْلا نكونَ سبَبَ إغراءٍ وعَثْرةٍ لإخوَتِنا فنَقَعَ في التجارِب. وثبِّتنا في محبَّتِكَ ثباتُنا في تعليمِ كنيستِكَ الكاثوليكيَّةِ المقدَّسة. وبشفاعةِ قلبِ مريَمَ الطَاهرِ وشفاعةِ مار يوسُفَ النقِيِّ، نرفعُ المجدَ إلى الثالوثِ الأقدَسِ إلى الأبد، آمين.


💜💜
ك: إرحَمْنا أيُّها الربُّ يسوع  
ش: إرحَمْنا

ك: فليَخلُصْ كلُّ الأُمَناءِ والتائبين، ولْتَستَرِحْ نفُوسُ الموتى المؤمنين.
ش: برحْمَةِ اللهِ والسلام، آمين.

إجعَلي أُمِّي الحزينَهْ                     أَلْجِراحاتِ الثمينَهْ

قلبَنا القاسي تُصيبْ

أيَّتُها الأُمُّ القدِّيسَهْ                    إجعَلي جراحات وحيدِكْ

في قلبي مُنطبِعَهْ


🌷✝🌷
المرحلةُ الحاديةَ عَشْرَةَ مِن دَرْبِ الصليب (مُجَدَّدَة، ويَبقى جزءًا سيَأتي)


ك: ” لنتأمَّلْ يسوعَ مُسَمَّرًا على الصليب، نسجدُ لكَ أيُّها المسيحُ ونُباركُكَ “.
ش: ” لأنَّكَ بصليبكَ المقدَّسِ خلَّصْتَ العالَم “.

أُلْقِيَ يسوعُ على صليبِهِ وسُمِّرَ بِمساميرَ طويلةٍ في يدَيْهِ ورِجلَيْهِ. ولَمَّا ثُبِّتَ الصَليبُ في مكانِه في قلبِ الحفرَة، تَدَفَّقَ الدَمُ مِن جديدٍ بقوَّةٍ مِن رأسِ المخلِّصِ ومِن يَدَيْهِ ورِجلَيْهِ، ما سبَّبَ له آلامًا لا وَصْفَ لَها[5] (الطُوباويَّةُ كاثرين إيْميريخ).

صلبُوهُ هناك هو والمجرمَيْنِ، الواحِدُ عنِ اليمينِ والآخَرُ عنِ اليسار. وكان يسوعُ يقول: ‘أبَتِ، ٱغفِرْ لَهُم، لأنَّهُم لا يَدْرُونَ ما يَفعَلُون!‘. وٱقتَسَمُوا بالقُرعَةِ ثِيَابَهُ. وكان الشَعبُ واقفًا يَنظُرُ، أمَّا الرُؤَسَاءُ فكانوا يَتَهَكَّمُونَ قائلين: ‘خلَّصَ آخَرين، فليُخلِّصْ نفسَهُ، إن كان هو مسيحَ اللهِ المختار!‘. وكان الجنودُ أيضًا يَسخُرُون، وهُم يَدنُونَ منه ويُقدِّمونَ له خَلاًّ، ويقولون: ‘إنْ كُنتَ مَلِكَ اليهودِ فخلِّصْ نفسَكَ!‘” (لو23: 33-37). وكانوا ” علَّقُوا فوق رأسِهِ كتابةً فيها سَبَبُ الحُكمِ عليه” (متَّى27: 37): ” يسوعُ الناصريُّ مَلِكُ اليهود” (يو19: 19). وبينما كان لِصُّ الشِمالِ يُجَدِّفُ على يسوعَ، ٱنتهَرَهُ لِصُّ اليمينِ قائلاً: ” ‘أَمَا تَخافُ اللهَ وأنتَ تحتَ هذا الحُكْمِ نفسِه؟ فنحنُ بعدلٍ حُكِمَ علينا، لأنَّنا نَلقَى ما تَستوجِبُه أعمالُنا، أمَّا هذا الرَجُلُ فلم يفعَلْ شيئًا سَيِّئًا!‘. ثُمَّ أخذَ يقول: ‘يا يسوعُ، ٱذكُرْني عندما تأتي في ملكوتِكَ!‘. فقال له يسوع: ‘الحقَّ أقولُ لكَ: اليومَ تكونُ معي في الفِرْدَوس!‘” (لو23: 40-43). ” وكانت واقفةً بالقُرْبِ مِن صليبِ يسوعَ أُمُّه، وأُختُ أُمِّه، ومريَمُ زوجةُ كَلُوبَا، ومريَمُ المجدليَّة. فلمَّا رأى يسوعُ أُمَّهُ، والتلميذَ الَّذي كانَ يُحبُّهُ واقفًا إلى جانِبِها، قال لأُمِّهِ: ‘يا ٱمرأةُ، ها هو ٱبنُكِ!‘. ثُمَّ قال للتلميذ: ‘ها هي أُمُّكَ!‘. ومن تلكَ السَاعةِ أخذَها التلميذُ إلى خاصَّتِه” (يو19: 25-27).

ما الَّذي يَحصلُ فعليًّا في هذه المرحلةِ من دربِ صليبِ الكنيسة؟ مفهومُ العائلةِ المسيحيَّةِ الكاثوليكيَّةِ وجوهرُها دخلا في “الانحدار”، وخرجا عن المفهومِ والجوهرِ الَّذي أعطاهُما الرَبُّ يسوعُ وطبَّقَتْهُما الكنيسةُ المُقدَّسة.

فالَّذي جرى في سينودسِ العائلةِ الَّذي انعقدَ في تشرينِ الأوَّلِ سنةَ 2014 هو أكبرُ دليلٍ على هذا الانحدارِ والانشقاق. لقد ألقى الأبُ ماتياس م. ساسكو الفرنسيسكاني، يومَ الأحدِ في الثلاثينَ من تشرينَ الثاني سنةَ 2014 في الولايات المُتَّحدةِ الأميركيَّة، عظةً وضَّحَ فيها أنَّ “الكاردينال ميولر Muller، رئيسُ مجمعِ العقيدةِ والإيمان، حين كان يُلَخِّصُ ما أتى عليه سينودسُ العائلة، قالَ: ‘في الحقيقةِ هناكَ بعضُ الأساقفةِ وحتَّى الكرادلةِ في الكنيسةِ قد سَمَحُوا لأنفسِهم بأن يُصبِحُوا عُميانَ عن حقيقةِ الإيمانِ بما يَخُصُّ تكوينَ العائلةِ كرَجُلٍ وامرأةٍ وأطفال.

وفي السنةِ القادمة، ومعَ إعلانِ الكنيسةِ للسينودسِ القادِمِ في تشرينَ الأوَّلِ سنةَ 2015، سنتوقَّعُ اهتزازاتٍ تُصيبُ سفينةَ القدِّيسِ بطرس. فعلينا أن نُحَصِّنَ أنفُسَنا في ظلِّ هذه العاصفة، مُتمسِّكينَ بتعاليمِ الرَّبِ يسوعَ والسُلطةِ في الكنيسة… إنَّ سفينةَ القدِّيسِ بطرسَ غالبًا ما صدَمَتْها الأمواج،…، وقد نَشهَدُ بعضَ الأمواجِ العاليةِ تَصدُمُها قريبًا. قد نرى أُناسًا على القارِبِ يُحاربونَ بعضَهم البعض، وأُناسًا آخرينَ على القارِبِ يُحاولونَ أذيَّةَ السفينةِ… لإغراقِها، وغيرُهم يَفقِدُ إيمانَهُ… ويَرمي بنفسِه عنِ السفينة. فعلينا أن… نتذكَّرَ أنَّ أمورًا أسوَأَ حدثَت في الماضي، وقد تَجاوزَتْها الكنيسةُ كلَّها ولم تَغرق، وستستمرُّ وتنجُو كما نَجَتْ…، بفضلِ الَّذينَ سيَثبَتُون في الإيمانِ ويَبقَونَ على مَتْنِها‘”. وكأنَّ الكاردينال مولير يَصِفُ الآنَ مشهَدَ سفينةِ الكنيسةِ في حلمِ القدِّيسِ يوحنَّا دون بوسكو، عن نهايةِ الأزمنةِ الأخيرة، عندما تتعرَّضُ لاعتداءاتِ الأعداء، ولكنَّها ستنتصرُ بسلاحَي القربانِ المُقدَّسِ والعذراء مريم.

في هذا المجال، استشهَدَ الأبُ ماتياس بمحاضرةٍ للكارينالِ الأميركيِّ فرنسيسُ ستافورد، كان قد ألقاها سنة 2008، حولَ رِسالةِ البابا بولسُ السادسُ بعنوان: “الحياةُ البشريَّة Humanae vitae”، والصادرةُ في تمُّوزَ سنةَ 1968. قالَ الكاردينالُ ستافورد: “إنَّ الرَفضَ الَّذي قُوبِلَتْ بهِ هذه الرِسالةُ من قَلْبِ الكنيسةِ منذ أربعينَ سنة، حولَ مفهومِ الحياةِ الجنسيَّةِ البشريَّةِ ومبادئِها، من حيثُ الوَحدةِ والتَكاثُرِ والشرَاكة، قادَنا إلى العواقِبِ الَّتي نَعيشُها اليوم. فالتَدنِّي العقائديِّ من قِبَلِ بعضِ الكهنةِ واللاهوتيِّينَ قد ظهرَ جَليًّا:… عُصيانٌ وتَمرُّدٌ على تعاليمِ الكنيسةِ، حتَّى من قِبَلِ أساقفةٍ وكرادلة…”.

        ويُتابعُ الكاردينالُ ستافورد: “لقد وصفَ البابا بولسُ السادسُ اتِّباعَ المسيح، بدعوةٍ ليست بسهلةٍ لعيشِ حياةٍ أكثرَ “رصانةٍ” و”انضباطٍ” بالنسبةِ إلى مفهومِ العائلة والحياةِ الجنسيَّةِ. إنَّ صيفَ سنةِ 1968 هو نقطةُ تَحوُّلٍ وعلامةٌ في التاريخ،… إنَّها الهُبوطُ والتَدنِّي والانشقاق…”. ثمَّ كشفَ الكاردينالُ ستافورد أنَّ البابا بولسَ السادسَ قد عيَّنَ سنةَ 1968 الكاردينالَ لورانس جاي شين مسؤولاً في لجنةٍ لدرسِ الشؤونِ العائليَّة. وفي هذه الأيَّام، نشهدُ نحنُ الأمرَ نفسَه، إذ أنَّ البابا فرنسيس كأُسقُفٍ لروما، عيَّنَ الكاردينال كاسبِّير رئيسَ مجمعِ العائلةِ المذكورِ آنفًا، لدرسِ شؤونِ العائلةِ وصراعاتِها في عصرِنا الحديث.

أمَّا الكاردينالُ ستافورد فقد كشفَ عن مُفاجأةٍ في لجنةِ سنةِ 1968، فقال: “جرَتْ محادثاتٌ وتقاريرٌ داخليَّةٌ غيرَ مصرَّحٍ بها من روما قَبْلَ سنةِ 1968، وقد طُلِبَ إلى هذه اللجنةِ أن تُقدِّمَ تَقاريرَ واستشاراتٍ للبابا بولس السادس…  فقُمتُ بمشاركةِ هذه اللجنةِ بالأمورِ الَّتي تُقلقُنِي في شأنِ العائلة، ونَصحْتُ بدقَّةٍ الكاردينالَ لورانس جاي شين بالتالي:إنَّ مبدَأَيْ الوَحدةِ والانجابِ بينَ الزَوجينِ لا يُمكنُ فصلَهُما عن بعضٍ في الزواج. لذا، فإنَّ وسائلَ مَنعِ الحَمْلِ هي انتهاكٌ لحُرمةِ وسريَّةِ الجُماعِ الزَوجيِّ، وهو بالتالي خطأٌ كبيرٌ لأنَّهُ يُغَيِّبُ أُبوَّةَ الرَجُلِ ويَنتهِكُ كرامةَ المرأة. وإنَّ أيَّ رفضٍ لقُدسيَّةِ وأهميَّةِ الاتِّحادِ الزَوجيِّ في العلاقةِ الجنسيَّة، إنَّما يُوازي سماحًا عَلَنِيًّا لكلِّ مظاهرِ العُهرِ والدعارةِ والمُثليَّةِ الجنسيَّةِ وتَساهُلاً معَها… في وقتٍ لاحقٍ،… أَعلَنَتْ اللجنةُ بالإجماع، أنَّهُ على الكنيسةِ تغييرَ تعاليمِها على ضوءِ الظروفِ الآنيَّةِ العالَميَّةِ الجديدة… وقد تبيَّنَ أنَّ الكارينال لورانس جاي شين (الَّذي تابَ لاحقًا)، هو الرَجُلُ الشرِّيرُ الَّذي … تلاعبَ باللجنةِ وبقراراتِها، وسرَّبَ معلوماتٍ عن دراساتِها وأبحاثِها الفاسدة‘”.

ويُتابعُ الكاردينالُ ستافورد: “اللجنةُ كان لديها القُدرةَ الواضحةَ على خَلْقِ بلبلةٍ وارتباكٍ كبيرَينِ بينَ الناس في موضوعِ العائلة“…  لقد خرجَتْ هذه اللجنةُ “فجأةً عن مسارِها السابقِ وانفرَدَتْ لتُقرِّرَ وتُصرِّحَ للناسِ أنَّ كلَّ المَفاهيمَ والتَعاليمَ البابويَّةِ ستَتغيَّر…؟! هل تَتصوَّرونَ هذا الخُبثَ…؟ كهنةٌ ولاهوتيُّونٌ تابَعُوا مُخطَّطاتِهِم، والوسائلُ الإعلاميَّةُ استغلَّتْهُم لتَحقيقِ أهدافِها ومَصالِحِها. في التاسِعِ والعشرينَ من شهرِ آبَ سنةَ 1968، فشلَ العديدُ في الامتحانِ الإنجيليّ، وانعكَسَ ذلكَ على كلِّ شعبِ اللهِ… يَكفي النظرَ إلى برنامجِ الثقافةِ الجنسيَّةِ… في المدارسِ الكاثوليكيَّةِ لتَفهَمُوا ماذا أَقصُد…”. ويُتابِعُ الكاردينالُ فرنسيسُ ستافورد قائلاً: “… الطاعةُ للكنيسةِ هي الأهمُّ، وتَبقى الأساس. سنَشهَدُ دائمًا، … انشقاقاتٍ وتَمرُداتٍ، حتَّى يَفصِلَ يسوعُ الخِرافَ عن الجِداءِ في ملكوتِه، عندها سيُعرَفُ، بشكلٍ مُؤَكَّدٍ، أنَّ الخطيئةَ تَبقى خطيئة… وسيَظهَرُ كلُّ شيءٍ جليًّا على حقيقتِه“. وما برِحَتِ العذراءُ مريمُ في رسائلِها في ظهورِ فاتيما – البرتغال، وفي ظهور أكيتَّا – اليابان، وفي مُخاطبتِها للأبِ ستيفانو غوبي في الكتاب الأزرقِ للحركةِ الكهنوتيَّة المريميَّة، تُنبِّه منَ الانشقاقِ وقيامِ كهنةٍ ضدَّ كهنة، وأساقفةٍ ضدَّ أساقفة، وكرادلةٍ ضدَّ كرادلة (رسالة 170).

قال النبيُّ دانيال أنَّهُ في نهايةِ الأزمنةِ الَّتي نمرُّ بها اليوم…: “لم يَدخُل فَمي لحمٌ ولا خمرٌ” (دا10: 3). ويعني بذلك، أنَّ الذبيحةَ الإلهيَّة، سوف تُبطَل، والقربانُ المُقدَّسُ سوف يُعتَبرُ تذكارًا وليس حقيقةً (أي رمزًا)، كما هو حاصلٌ عند الجماعاتِ البروتستانتيَّةِ المُنشقَّةِ عن الكنيسةِ الكاثوليكيَّة. لكنَّ نبوءةَ النَبيِّ دانيال تقولُ أيضًا أنَّ اللهَ حدَّدَ سبعينَ أُسبوعًا ليُفنِيَ المَعصيةِ ويُزيلَ الخطيئةَ ويُكفِّرَ عن الإثمِ آتيًا بالبِرِّ الأبديِّ، أي حدَّدَ سبعينَ سنةٍ بدأتْ مع وثيقةِ إعلانِ قيامِ دولةِ إسرائيلَ الجديدةِ بتاريخِ الرابعَ عشرَ من أيَّار، سنةَ 1948، وتنتهي في سنةِ 2018، وذلكَ تتميمًا لوعدِ بلفور الصادرِ في الثاني من تشرينَ الثاني سنةَ 1917، أي بعد آخِرِ ظهورٍ للعذراءِ مريمَ في فاتيما البرتغال، عندما أعطَتِ الأطفالَ الثلاثةَ رؤيا السرِّ الثالث الَّذي نعيشُه الآنَ مع البابا بنديكتسَ السادسَ عشرَ والكنيسة. واختَتَمَ دانيالُ النبوءةَ بمسحِ قدُّوسِ القدِّيسين (رَ دا9: 24) ملِكًا مُنتصِرًا بالحُبِّ لأبدِ الآبدين. إذًا، الأميرُ الَّذي ستُبطَلُ ذبيحتُهُ الإلهيَّةُ، هو المسيحُ ابنُ اللهِ الحيِّ، أمَّا المُبطِلُ فهو النبيُّ الكذَّابُ الَّذي يَعوثُ فسادًا وتخريبًا في الكنيسةِ الكاثوليكيَّةِ المُقدَّسة، ولا يملُكَ البِرَّ والقداسةَ ليَخدُمها، لأنَّهُ لم يُمسَح ملِكًا، أي “لم يُدهَن بدهنٍ” كما كشفَ دانيالُ النبيُّ (دا10: 3).

هذا الإبطال الَّذي حُكيَ ويُحكى عنه، قد بدأ العملُ به في سينودسِ العائلةِ المذكور. إذ هُيِّئَتِ الأجواءُ لقبولِ ثلاثٍ أمورٍ ضدَّ تعليمِ الإنجيلِ وتعليمِ الكنيسة. وقد عمدَ الكاردينالُ كاسبِّير مع أعضاء لجنتِهِ على تسريبِ بنودِ هذه التَعاليمِ المُنحرِفةِ خلالَ فترةِ انعقادِ مجمعِ العائلةِ في تشرينَ الأوَّلِ سنةَ 2014، تمامًا مثلما سُرِّبَتْ المُقترحاتُ المُنحرِفةُ للجنةِ سنةِ 1968. ويا للعار، لقد أُبقيَتْ هذه البنودُ في التقريرِ الأخيرِ للسينودس، لتُثبَّتْ بخفاءٍ في تشرينَ الأوَّلِ سنةَ 2015.

فمن نواحي الإبطالِ الخطيرةِ الأولى، أنَّ سينودسَ العائلةِ المُنعقدِ حاليًّا، قد هيَّأَ الأجواءَ العامَّةَ لتشريعِ الطلاقِ والسماحِ للمُطلَّقينَ الَّذينَ يتزوَّجونَ ثانيةً بالمُناولةِ المُقدَّسة. فإذا كان موسى قد شرَّعَ الطلاقَ بسببِ قساوةِ قلوبِ اليهود، فالرَبُّ يسوعُ قد وصَّى بحزمٍ أنَّ “ما جمعَه اللهُ فلا يُفرِّقْهُ إنسان” (مر10: 3-9). وأمامَ تلاميذِه، قالَ يسوع: “مَن طلَّقَ امرأتَهُ، وتزوَّجَ أُخرى، فقد زنى عليها. وإنْ طلَّقَتِ امرأةٌ زوجَها، وتزوَّجَت آخَر، فقد زنَت” (مر10: 11-12)، “ومَن يتزوَّجَ مُطلَّقةً يزني” (مت5: 32 ولو16: 18). إذًا كلامُ يسوعَ يُحرِّمُ الطلاقَ والزواجَ ثانيةً بشكلٍ واضح، والكنيسةُ تُعلِّمُ تعليمَ مسيحِها.

أمَّا الموضوعُ الخطيرُ الثاني فهو التساهُلُ مع المُثليِّينَ جنسيًّا، واعتبارُهُم يُقدِّمُون “دعمًا إضافيًّا للمجتمعِ المسيحيِّ وللكنيسة“، وكأنَّ الكاردينال كاسبِّر، والَّذينَ معَهُ منَ كرادلةِ العصرنة، قد نَسُوا أنَّ الرسولَ بولس، في الفصلِ الأوَّلِ من رسالةِ روما كما في رسالةَ يهوذا، حدَّدَ التواصُلَ الجنسيَّ بينَ مُثلِيِّي الجنسِ بأنَّهُ عملٌ يُخالِفُ الطبيعةَ البشريَّةَ، وغضبُ اللهِ يَنزِلُ على مُرتكبيهِ ويَهلِكون. ولكن في حالِ التوبةِ يَخلُصُونَ ويُكفِّرون.

أخيرًا، الموضوعُ الخطيرُ الثالثُ، وهو مبدأُ التدرُّجِ الَّذي يَسمحُ للخطأةِ بأن يتقدَّموا من المُناولةِ المُقدَّسةِ لجسدِ المسيحِ ودمِهِ دون اعترافٍ بالخطايا لدى كاهنٍ المسيحِ الربّ، ريثما يتخلَّصُونَ من خطاياهُم تدريجيًّا. وهذا السماحُ في حالِ حصولِه، يكونُ أكبرَ تدنيسٍ لسرِّ القربانِ المُقدَّس، وتَوَجُّهٌ خطيرٌ نحو إلغاءِ ذبيحةِ القدَّاسِ الإلهيّ. والنتيجةُ هي، أنَّ هذه الهرطقاتِ الثلاثة، تبقى خطايا مُميتةً ومُهلكةً لا تُمحى إطلاقًا إلاَّ بالتوبةِ الصادقةِ والاعترافِ بها لدى كاهن المسيحِ. لأنَّه إذا أُكِلَ جسدُ المسيحِ وشُرِبَ دمُهُ ممَّن لا يستحِقَّهُ، مهما كانت خطيئتُهُم المُميتة، فإنَّ الآكِلَ والشارِبَ “يكونُ مُذنبًا إلى جسدِ الرَبِّ ودمِهِ… ويأكلُ ويَشرَبُ دينونةً أعظم لنفسِه” (1قور11: 27-29). وكان المسيحُ يسوعُ قد نبَّهَ قائلاً: “لا تُعطوا المُقدَّساتِ للكلاب…” (مت7: 6)، لأنَّ الأقداسَ تُعطى للقدِّيسينَ فقط وليس للخطأةِ والهراطقةِ وغيرِ المؤمنين.

تُنبئُنا أُمُّنا مريمُ العذراءِ في العلامة الثالثة (رسالة 170) من زمنِ تطهيرِ الكنيسةِ منَ الشرِّ والخونة، والَّتي هي الانشقاق، أنَّ الطريقَ الَّذي يَجبُ أن نسلُكَهُ في هذه اللحظاتِ الصعبة، هو “طريقُ الطهارةِ والنعمة، طريقُ الصلاةِ والتَكفير“… وتُعبِّرُ العذراءُ عن قلقِها من الانشقاقِ داخلَ الكنيسة… بين المؤمنين… والكهنة…، والأساقفة…، والكرادلة… وتقول: “أيَّتُها الكنيسة، جسدُ المسيحِ السرِّيّ، لقد بلغتِ في مسيرتكِ المؤلمةِ نحو الجلجلةِ المرحلةَ الحاديةَ عشرة” من درب الصليب… من ناحيةٍ ثانية، وصلَتِ الوقاحةُ لدى البعضِ إلى التَهُكُّمِ على سرِّ القربانِ المقدَّسِ والماءِ المبارَكِ وزيوتِ الأسرارِ المُقدَّسة، وغيرِها منَ المُقدَّساتِ والعقائدِ الكاثوليكيَّةِ المقدَّسة! لا بل لقد أعلَنَ رئيسُ أساقفةِ ألمانيا، الكاردينالُ ماركس، في شباط سنةَ 2015، أنَّهُ إذا تخلَّفَ البابا أُسقُفُ روما في المدى المنظورِ عن إعلانِ تشريعِ الطلاقِ والزواجِ ثانيةً والسماحِ لهؤلاءِ بالمناولةِ المُقدَّسةِ وغيرَها منَ القراراتِ المُخالفةِ للتعليمِ الكاثوليكيّ، فإنَّهُم سوفَ يُعلِنونَ تعليمَهُم الجديدَ وانشقاقَهُم.

وسطَ هذه الأجواءِ المشحونةِ المُنذرةِ بالانقساماتِ داخلَ الكنيسة، وبالحروبِ المُدمِّرةِ والشاملَة، علينا أن نُحافظَ على تعليمِ الإنجيلِ المُقدَّسِ وتعليمِ الكنيسةِ الكاثوليكيَّةِ وأسرارِها السبعةِ المُقدَّسةِ من دونِ استثناء. وما هُيِّئَ من إبطالٍ للأسرارِ المقدَّسةِ في سينودسِ العائلة، ما هو إلاَّ عمليَّةُ صلبٍ لجسدِ المسيحِ السرِّيِّ، أي للكنيسةِ الكاثوليكيَّةِ المقدَّسة.

فكما سُمِّرَ الربُّ يسوعُ على الصليبِ في المرحلةِ الحاديةَ عشرةَ من دربِ الجلجلة، ها هي الكنيسةُ اليومَ تُؤخَذُ لتُسمَّرَ على مثالِ المسيحِ مؤسِّسِها وفاديها، وذلكَ عندما تُزالُ الأسرارُ المقدَّسةُ وبالأخصِّ أسرارُ التوبةِ والزواجِ والقربان.

وهكذا، يصلُ المسيحُ الدَجَّالُ إلى مرحلَةِ الإعلانِ عن نفسِهِ وإعلانِ سيطرتِهِ على الكنيسةِ والعالَم. لكنَّ غضبَ اللهِ سينزلُ عليه وعلى كلِّ الأشرارِ وأبناءِ الظُلمة. وفي هذا الشَأنِ تُنبِئُنا أمُّنا مريَمُ العذراءُ في “لا ساليتLa Salette  – فرنسا”[6]، عن آلامِ البابا الشَديدةِ وعنِ الأزمنةِ الأخيرة… وعَبَّرَتْ بشِدَّةٍ، عن خيبةِ أَمَلِها تُجاهَ بعضِ مسؤولي الكنيسةِ الَّذين أَغْشَى الشَيطانُ بَصَائِرَهُم لِعَدَمِ ٱستطاعَتِهِم التعرُّفَ على “المسيحِ الدَجَّالِ” الَّذي يَخدَعُ الناس ليُهلكَهُم، كما جاءَ في سفرِ الرؤيا… (رؤيا 12: 4)“. أمَّا إعلانُ العقائدِ المريَميَّةِ الثلاثِ: “مريَمُ شريكةُ الفداءِ”، و”مُوزِّعَةُ كلِّ النِعَمِ”، و”مُحاميةُ الجنسِ البشريِّ”[7]، فسيُولِّدُ ٱنفجارًا داخلَ الكنيسة، بسببِ هؤلاءِ القادةِ العُميانِ الَّذينَ يُسَمِّرونَ البابا بنديكتسَ السادسَ عشرَ على صليبِ جُحُودِهِم وفَسادِهِم. سيَهزَأُ بالبابا لِصٌّ عن شِمالِهِ وهو أَلمانيا (برلين) وسيَتُوبُ لِصٌّ آخَرُ عن يَمينِهِ وهو فرنسا (باريس)، مِثلَمَا هَزِئَت بالمسيحِ اليهوديَّةُ الَّتي عن شِمالِه (أورشليم) وتابَتِ الَّتي عن يَمينِهِ إسرائيل (السَامرة).

إرحَمْنا أيُّها المسيحُ الْمُسَمَّرُ على صليبِ عارِ اليهودِ والوَثَنِ، وٱرأَفْ بكنيستِكَ المسمَّرةِ على صليبِ عارِ الرافضينَ مشيئتَكَ. فبحقِّ الآلامِ الَّتي تألَّمْتَها بتسميرِكِ على الصَليبِ بثلاثةِ مساميرَ في يدَيْكَ ورِجلَيْكَ، ٱجعَلْنا نَقبَلُ ونتحَمَّلُ آلامَ تسميرِنا بروحِ الإماتةِ والشَهادةِ في سبيلِ خلاصِ المختارينَ لِيَرِثُوا زَمَنَ السَلامِ المسيحيِّ الآتِيَ. نسألُكَ ذلك بشفاعةِ أُمِّ الكنيسةِ مريَمَ البريئةِ مِنَ الدَنَس، فنرفعُ للثالوثِ الأقدَسِ المجدَ إلى الأبد، آمين.

ك: إرحَمْنا أيُّها الربُّ يسوع
ش: إرحَمْنا

ك: فليَخلُصْ كلُّ الأُمَناءِ والتائبين، ولْتَستَرِحْ نفُوسُ الموتى المؤمنين.
ش: برحْمَةِ اللهِ والسلام، آمين.

أَشْرِكيني في صليبِكْ                    حينما عُلِّقْ حبيبِكْ

وٱجرَحي قلبي الكئيبْ

أيَّتُها الأُمُّ القدِّيسَهْ                    إجعَلي جراحات وحيدِكْ

في قلبي مُنطبِعَهْ


[1]  الطُوباويَّة كاثرين إيْميريخ، L’Abbé de CAZALES, XXXVII, p.258.

[2]  الطُوباويَّة كاثرين إيْميريخ، L’Abbé de CAZALES, XXXVIII, p.258-260.

[3] البابا بنديكتس السادس عشر، حوارٌ صُحُفيٌ في الطائرة قبل الوصول إلى ألمانيا، مَوقِع زينيت، 22 أيلول 2011.

[4]  راجِع المُلحَقَين التاليَين في القسم الثالث من الكتاب، 16: نبوءات قدِّيسين وبابوات في الكنيسة و17: معموديَّة نِهاية الأزمنة: معموديَّةُ الدَم والنار.

[5]  الطُوباويَّة كاثرين إيْميريخ، L’Abbé de CAZALES, XXXVIII-XXXIX, p.261-265.

[6]  راجِع المُلحَق 4 في القسم الثالث من الكتاب، نبوءة العذراء مريَم في لاساليت – فرنسا.

[7]  راجِع المُلحَق 11في القسم الثالث من الكتاب، سيِّدة جميع الشُعوب، www.ladyofallnations.org.