أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


سندباد لبنان (بِقلم بيا ماريا عيد)


أعترف اني لم اكُن من المشجعين لاِنتخاب أو تعيين معالي الوزير جبران باسيل رئيسًا للتيار الوطني الحُر بعد العماد عون، لعله بسبب التأثير الاعلامي، ففكرة التبعية السياسية لا تليق بِتيارنا المناضل، خائفةً من تردد عبارة صهر الجنرال على مسمعي. وكأني نسيت وقتها ان باسيل قبل كل شيء، قبل ان يكون سعادة النائب، معالي الوزير او حتى صهر الرئيس هو “المناضل جبران باسيل” وعليه ان يأخذ فرصته بالترشح لِرئاسة التيار مثل اي مناضل او منتسب. لكنني كنتُ دائمًا اُردد “الجنرال يثق بهِ، نحن نثق بهِ”. وها انا الان قد تعلمت للمرة الألف ان نظرة الجنرال ثاقبة لا تُخطئ.

من مثل باسيل شغل الرأي العام والصحافة والسياسيين (الحلفاء والأخصام معًا). على مرّ السنين ما زال كل يوم دون اِستثناء هناك على الأقل مقالان او ثلاثة في كل صحيفة او موقع الكتروني عنوانهم -جبران باسيل- فالكلام السلبي اكثر من الايجابي سمح لِباسيل جمع أكثر من تسعين في المئة من المنتسبين إلى جانبه.

فجمهور التيار يملك الذكاء الكافي لِيُلاحظ ان شيء غير منطقي يحدث وهناك من يهز عروش الفاسدين جعلَ ردود فعلهم بهذه القوة والعنف. حتى بتنا نقرأ كل يوم الشائعات الجديدة بِاِبتسامة وكأننا نقرأ نكتة افضل ما في صاحبها هو خياله الواسع. لكن هذا لا يعني عدم وجود لِجبران مؤيدين كُثر حتى من خارج حزب التيار الوطني الحُر فلم يكُن غريبًا ابدًا اطلاق عليه لقب سندباد، فهو السياسي الوحيد الذي زار المناطق اللبنانية كافة حتى بات بعض الأفرقاء يشعرون انه تعدَ على خصوصيتهم، خرق التبعية السياسية و زعزع الاقطاعية. فتعرض لكل انواع الهجومات لكن الملفت في الموضوع اننا لم نرى اي من جمهور التيار يجول في الطرقات يشتم ويكسر سيارات الفريق الاخر كما يفعل جمهور اي زعيم سياسي. فاثبت التيار ورئيسه مرة جديدة انه ما زال يعمل لِبناء دولة قانون.

فمن سمع خطاب باسيل أمس (23 حزيران 2020) قد فهم جيدًا ان لا حدود لجرأته وصراحته، حتى بات السؤال نفسه عند الجميع، ما هي الممنوعات في خطاباته السياسية؟ انه لا يتكلم بالعموميات او بالألغاز  بل يسمي الاشياء بِأسمائها.

وهنا يُطرح سؤال منطقي جدًا… ما الذي يطلبه المواطن اكثر من هذا؟ ام ان صهر الرئيس تم الوضع على اسمه فيتو بِشكل غير مبرر.

بعيدًا عن اي تعصب وانتماء اعمى دعونا نفكر في احتمالية وجود ملف فساد للتيار الوطني الحر او لِمؤسسه او حتى لِرئيسه. فلو وجدوا ملف فساد واحد، نعم واحد فقط لو مهما كان بسيط، لكانوا عقدوا مؤتمرات صحفية وعلقوا المستندات على حيطان كل الشوارع والممرات. فلم كانوا لِيفوتوا اي فرصة لِيعيروننا اننا ننتمي لِتيار تأكدوا انه فاسد.

لكن في غياب اي ملف او قضية فاسدة فلقد امتلئت ساحات لبنان بِأصوات مواطنين لا يطالبون بِتحرُك مصرف لبنان لاِنقاذ الليرة او استرداد الاموال المنهوبة او حتى بالضغط على نواب المجلس لِرفع السرية المصرفية… لا، لم يفعلوا اي من ذلك بل نزلوا الى الشارع لِيشتموا الوزير باسيل بشرفه، مجتمع ذكوري بامتياز، مفهوم الشرف بالنسبة له منحصرًا في جسد الأنثى فقط، لا بالسرقة ولا باِختلاس الأموال. فالشعب المتخلف الذي لا يمكنه على الأقل احترام الأنثى، لا يمكنه ابدًا بناء الوطن. كان على حق الشاعر نزار قباني عندما قال خلال الثورة السورية السابقة: “لا تصدقوا من يقول لكم المرأة شيٌ والوطن شيٌ آخر”.

اطلقوا على الثورة انها اُنثى متفاخرين انهم يسلطون الضوء على المرأة وعملها متجاهلين ان الوزير باسيل ولجان التيار الوطني الحُر قد فعلوها بشكل تلقائي. بدايةً من السيدة مي خريش نائب رئيس للشؤون السياسية، والسيدة مارتين نجم نائب رئيس للشؤون الادارية. بالاضافة الى اللجنة المركزية للإعلام برئاسة الاعلامية رندلى جبور وعضوية مجموعة من الناشطات وصولًا الى العديد من منسقات الاقضية والهيئات محلية.

فلا أحد قد فهم نهج و رؤية العماد ميشال عون بِقدر ما فهمه جبران باسيل، فأفضل ما يمكن ان نقول له اليوم «نرى فيك نموذج عن الجنرال».