كيف نميّز أفكار اللّاهوت المعاصر؟ وكيف تناقض تعاليم الكنيسة؟
في 7 نقاط مختصرة !!!
«يجب أن نكسر الصّمت منذ الآن، لكي نُظهرَ أمام الكنيسة كلّها، اللّون الحقيقي لهؤلاء النّاس الذين تنكّروا بهذا اللّباس السيّء. وكنائبٍ للمسيح على الأرض، يتوجّب على الحبر الأعظم أن يُنذِرَ بأنّ فلسفة العصرنة هي خلاصة كلّ الأغلاط لهذه الأنظمة الفلسفية الحديثة، في ما يختصّ بالله، ويسوع المسيح، والكتاب المقدس، والتقليد، وآباءُ الكنيسة، والأسرار، والعقائد، والبابوية، والسُّلطة الكنسية، والهرّمية.»
(البابا القديس بيوس العاشر، رسالة (Pascendi Dominici gregis) ضدّ لاهوت العصرنة Modernism)
-كيف نميّز أفكار اللّاهوت المعاصر؟ وكيف تناقض تعاليم الكنيسة، بكونها أقرب إلى العقلنة والجحود وبعيدة عن الإيمان الكاثوليكي؟ وكيف نردّ عليها من كتاب تعاليم الكنيسة؟
(Tradition Vs. Modernis ) لاهوت معاصر ≠ تعليم كنسيّ
1- لاهوت معاصر: “الكتاب المقدّس هو لغة بشريّة، لأناسٍ عاشوا في عصرٍ معيّنٍ”
– تعليم الكنيسة الكاتوليكية: “الكتاب المقدّس هو*** كلام الله***، وقد عبَّرَتْ عنه ألسنةٌ بشريّة، فصار شبيهًا بكلام البشر” (بند 101) -“هو كلمة الله، لأنّها مدوّنة بإلهام الروح القدس” (بند 81)
– “لا تتلقّى الكنيسة في الكتاب المقدّس كلمة بشريّة فحسب، بل تتلقّى كلمة الله في حقيقته؛ (يسوع المسيح)” (بند 104)
2- لاهوت معاصر: “إنّ الذين كتبوا الكتب المقدّس دوّنوه بحسب معرفتهم وثقافتهم وحضارتهم، وبحسب وحي الله”
– تعليم الكنيسة الكاتوليكية: (لمَ ذِكر وحي الله آخرًا وليس أوّلًا؟ أضحى الكتاب المقدّس عملًا كأيّ كتاب آخر، إنّما ببعض المساعدة من الرّوح القدس، وذلك ليقولوا: “يحتوي على بعض الأخطاء”)
“كلمة الله الواحدة هي نفسها تنتشر في جميع الكتابات المقدّسة، وإنّ كلمة الله الواحد (يسوع) يُدَوّي على ألسنة جميع كُتّاب الوحي.” (بند 102)
– المعرفة والحضارة والثقافة ليست إلّا: “طرقًا جدّ مختلفة، تُعرَضُ بها الحقيقة، ويُعبَّر عنها في نصوص تختلفُ تاريخيًّا.” (بند 110)
3- لاهوت معاصر: “علماء اللّاهوت الحديث هم الذين يفسّرون الكتاب المقدّس وحدهم، ولا تستطيع الكنيسة تفسيره من تلقاء ذاتها، بل تستعين بعلومٍ كثيرة.”
– تعليم الكنيسة الكاتوليكية: “مَهمّة تفسير كلمة الله، المكتوبة (الأناجيل) والمنقولة (التقليد)، تفسيرًا أصيلًا عُهِدَ بها إلى سلطة الكنيسة التّعليميّة الحيّة وحدها، تلك التي تُمارسُ سلطانها باسم يسوع المسيح.” (بند 85)
“اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ.” (متى 18: 18)
“وهذه السّلطة ليست فوقها، بل في خدمتها، فلا تُعلّم إلّا ما نُقِل(…) وتُصغي إليها وتُحافِظ عليها بتقديس، وتعرضها بأمانةٍ.” (بند 86)
4- لاهوت معاصر: “اللّاهوت هو أمرٌ بالغٌ في الصُّعوبة والتّعقيد، وهو ليس لجميع النّاس إنّما فقط للّاهوتيّين”.
– تعليم الكنيسة الكاتوليكية: “أشكرك يا أبتي لأنَّك حجبتها عن الحكماء والفهماء وكشفتها للصّغار” (متى 11: 25)
“لجميع المؤمنين نصيبٌ في فهم الحقيقة المُوحى بها” (بند 91) “من غير المُمكن أن يُضَلّوا” (بند 92) / “إنّنا نفهم سرّ الله بالتّأمّل والتّبحر والبحث اللّاهوتي، والإدراك الدّاخليّ، وسماع كرازة الكنيسة ورعاتها وسلطتها”” (بند 94)
5- لاهوت معاصر: “الإنجيليّون أدخلوا بعضًا من أفكارهم الخاصّة في كتابَتهم للإنجيل، وهناك بعض التفاصيل ليست مهمّة وقد تكون غير صحيحة!”
– تعليم الكنيسة الكاتوليكية: “الله هو واضع الكتاب المقدّس: أسفاره هي بإلهام الرّوح القدس” (بند 105)
“الله ألهَمَ الإنجيليّين ليكتبوا فقط ما يُوافِق رغبته هو فقط دون سواها!” (106)
أي أنّ الله استعان بقدراتهم وقواهم، وثقافتهم ومعرفتهم وحضارتهم (راجع نقطة 2)، وكانت بيده أدوات ليعلن عن الحقيقة.
6- لاهوت معاصر: “اللّاهوت يتغيّر، والتعليم يتجدّد، والكنيسة تُعيد النّظر بمفاهيمها”
– تعليم الكنيسة الكاتوليكية: “إنّ كُتب الوَحي (أسفار الكتاب المقدّس) تعلّم الحقيقة تعليمًا ثابتًا وأمينًا ومعصومًا من الخطأ.” (بند 107) / “بفضل حسّ الذي يوقظه ويدعمه روح الحقّ، وبإرشاد السّلطة التعليميّة (…) يتمسّك شعب الله تمسّكًا ثابتًا بالإيمان المنقول إلى القدّيسين (المؤمنين) نقلًا نهائيًا.” (بند 93)
“الكنيسة تكرز بالحقيقة (…) على وجهٍ ثابتٍ” (بند 94)
7- لاهوت معاصر: “ليس من الضّروي أن تكون كلّ أقوال يسوع المسيح في الإنجيل هي حقًا أقواله، وأن يكون قد قالها كما وَردتْ بحرفيّتها. ربّما غيّر بها الإنجيليّون أو أضافوا عليها”
– تعليم الكنيسة الكاتوليكية: “يحمِلُ التّقليد المقدّس (المنقول شفهيًّا، وكتابيًا “الإنجيل”) كلمة الله الّتي ألقى بها السّيد المسيح والرّوح القدس إلى الرّسل، وينقُلها بحذافيرها إلى خلفائهم، حتّى إذا كرزوا بها، وهم في غمرة أنوار روح الحقّ، يُحافظون عليها ويعرضونها وينشرونها بأمانة.” (بند 81)
*♰*
البابا بيوس العاشر القديس، يدين ويفضح “العصرنة”
في العام 1907، نشر البابا القديس بيوس العاشر رسالته (Pascendi Dominici gregis) ضدّ لاهوت العصرنة (Modernisme)
هذه الخلاصة، المؤثّرة لكل الهرطقات، المُرتكزة على قواعد فلسفيّة حديثة خاطِئة، تُهاجم الكنيسة، ألوهيّة المسيح، عقائد المجامع المسكونيّة، النّظام، السلطة، والبابويّة !! واستخلص بيوس العاشر أن تيّار العصرنة يقود إلى الحلولية والإلحاد، وهو يُلغي قطعيًّا بناءً على ذلك، طريقة التبشير الجديدة في الكنيسة
(Nouvelle Evangélisation).
لم تكن الكنيسة لتَعرف هذه الدرجة مِن الجحود، لو لم تكن الأغلاط الفلسفيّة قد تسلّلت إلى أعماق الفِكر الكاثوليكي. ولِئن كان البابا بيوس العاشر قد نشر رسالته الآنِفة، فلأنّه كان يعرف أنّ العصرنة ستكون ربّما الهجوم الأخير ضدّ الكنيسة
لقد قال: «يجب أن نكسر الصمت منذ الآن، لكي نُظهرَ أمام الكنيسة كلّها، اللّون الحقيقي لهؤلاء الناس الذين تنكّروا بهذا اللّباس السيّء”. وكنائبٍ للمسيح على الأرض، يتوجّب على الحبر الأعظم أن يُنذِرَ بأنّ فلسفة العصرنة هي خلاصة كلّ الأغلاط لهذه الأنظمة الفلسفية الحديثة، في ما يختصّ بالله، ويسوع المسيح، والكتاب المقدس، والتقليد، وآباءُ الكنيسة، والأسرار، والعقائد، والبابوية، والسُّلطة الكنسية، والهرّمية.»
لقد فضح البابا بهذه الطريقة بشكلٍ عميق آراء العصريين مُضيفًا:
«لكي ندحض أيَّ لومٍ بأنه ليس لدينا سوى معلوماتٍ قليلةٍ عن عقائدهم، فإنّنا نرغب أن نُبرهِن أنّ نظامهم لا يرتكزُ على أطروحاتٍ مُتفرّقة ومُبَعثَرة بدون أيّ رابط، إنّما بالأحرى هو وحدةٌ مُتكاملة مُنظَّمة تنظيمًا كاملاً، كلُّ جزءٍ فيها هو متَّحدٌ بشكلٍ متين إلى بقيّة الأجزاء، لدرجةٍ يستحيل القبول بواحدةٍ دون قبول جميع الباقين. إنّنا نَصِفُ فلسفة العصرنة كخلاصةٍ لجميع الهراطقات، مُحاوِلةً هكذا جَمْعَ كل الأغلاط التي عبَّرَتْ عن رَفض الإيمان في كيانٍ واحد، وحَصْر أو تركيز النُسْغ والجوهر نفسه في جسدٍ واحد. إنّ العصرنة تطمح إلى تدمير ليس فقط الديانة الكاثوليكية، ولكن جميع الأديان.»
بالإضافة إلى ذلك، إنّ العصرنة تتحوَّل مع الوقت، لكي تتلائم مع كل زمنٍ وعصر. البابا بولس السادس قال:
“إنها أخطر ثورةٍ آلَمَتْ الكنيسة، وهذه البلية (العصرنة)، ما زالت باستمرار تجلدها بشكلٍ قاسٍ. إنّ هذه الثورة، هي طريقة تدميرٍ ذاتيّ، وهي تحاول دفع الكنيسة إلى حافة طريق الضّياع. إنّ الينابيع الثلاثة المسؤولة عن هذا الفساد المعروف بالعصرنة، نجدها في:
1 – السَلَفُ الديني الذي هو الإصلاح البروتستانتيّ
2 – القرابة الفلسفية مع الفلاسفة المستنيرين
3 – الإرث السياسي المتأنّي من الثورة الفرنسية (المشؤومة)
البابا بيوس العاشر أظهر أنّ “…هذا النظام المُتكامل، مع كل أغلاطه، قد وُلِدَ مِن تحالفٍ بين الإيمان والفَلسفات الخاطئة. إنّ العصريين يضعون أساس الفلسفة الدّينية في هذا التعليم الذي يسمّونه: اللّاغنوصية (Agnosticisme). إنّ إحدى خاصيّات العصريين الأساسية، هي في الجدل باستمرار عن العقائد الدينية، التي يعتبرونها كعروضٍ بسيطةٍ ثانوية، ترتكز على صِيَغٍ بدائية. إنّهم ينظرون إليها كرموزٍ ووسائل، أي صورٍ عادية وناقلاتٍ للحقيقة قابلةٍ للتغيير، يجب أن تنمو وتتحوَّل !!!
إنّها نقيض الفلسفة المسيحية (Scolastique). البابا بيوس العاشر قال:
“إنّهم يتّهمون بكل جرأةٍ الكنيسة بأنها تتمسّك بالوجهة الخاطِئة بسبب عدم قُدرتها في التمييز بين الحسّ الخُلُقي والحسّ الدّيني للصِّيَغ، ومَعناها الأدبيّ – وبأنّها تتمسَّك بطريقةٍ غبيةٍ وغير مُجدية بصيَغٍ لا معنى لها، بينما الدّيانة تسير نحو الإفلاس”.
وفي مناسبةٍ أخرى قال: “العصريون لا ينكِرون، لكنّهم يقبلون بشكلٍ مفتوح وبكثير من الفوضى، أنّ الديانات كلّها صحيحة”.
ويتابع البابا فيقول: “يعترف العصريون أنّ الصّعوبات الثلاثة التي يواجهونها هي: الفلسفة المسيحية، قوّة الآباء في التقليد الكنسيّ، وكذلك السلطة في الكنيسة. إنهم يخوضون حربًا متصلّبة ضدّ هذه المؤسّسات المقدّسة. ليس لديهم سوى السخرية والازدراء تجاه الفلسفة المسيحية، وتجاه اللاهوت. وإذا كان هذا الموقف هو وليد الخشية والجهل، أو الاثنين معًا، فممّا لا شكَّ فيه أن شَغَفَ التغيير يتّحد في داخلهم إلى بغضهم للفلسفة المسيحية. ليس هنالك من علاقةٍ أكثر دلالة من أن نكون على طريق العصرنة، إلاّ عندما نبدأ في إظهار إشمئزازنا ونفورنا من النظام القائم”. وقد أظهر بيوس العاشر أيضًا، أن العصريين يحتكرون المناصب في الإكليركيات والمعاهد، ويحوِّلونها تدريجيًّا إلى مناصب نَتِنة. وانطلاقًا مِن مناصبهم هذه، ينشرون ولو بشكلٍ غير علنيّ دائم، بذور معتقداتهم، ويعلِنون تعاليمهم دون تخفٍّ في المؤتمرات. كما يحاولون بكل الوسائل إضعاف قوة الكنيسة والحدّ منها، بهدف إقصاء السُلطة فيها، بتزييفهم بطريقة دنِسة منشأها، طابعها، وحقوقها، مردِّدين بحريةٍ افتراءات أعدائها”.
المصدر: قلب مريم المتألم الطاهر