“- ما بقا فينا ننطر”.
***
هذا هو لسان حال اللبنانيين اليوم، الصابرين على ضيم كورنا، إنما الذين عيلَ صبرُهم بفعل الأزمة الاقتصادية والمالية من جهة، وبسبب مواقف بعض السياسيين والوجوه التي تعتبر نفسها بارزة، من جهة أخرى.
فصحيح أنَّ الأزمة الاقتصادية والمالية بمفهومها الواسع وضعت على سكة العلاج، بمجرَّد انطلاق قطار التفاوض مع صندوق النقد الدولي، غير أن مأساة ارتفاع الأسعار، ولاسيما أسعار السلع الحياتية الأساسية، لا تزال الشغل الشاغل لجميع الناس، الذين يصدقون وعود الحكومة، منتظرين بفارع الصبر، أن تُقرِن قولَها بالفعل، بإدخال مقرراتها الأخيرة في شأن الأسعار حيِّز التنفيذ، لاجمةً جشع بعض التجار، وفق وصف رئيس الحكومة.
وما ينطبق على الأسعار، يسري حكماً على المعابر غير الشرعية والتهريب، وقبلها ومعها وبعدها، وجوب تحقيق العدالة في ملفات الفساد المفتوحة، أو التي يجب أن تفتح، من دون اعتبار لأي ضغط.
أما بالنسبة إلى مواقف بعض السياسيين، فحدِّث ولا حرج:
بعضهم الأول لا يتقبَّل نجاح الحكومة على مستوى احتواء كورونا، ولا المواكبة الدولية لخطة التعافي المالي التي أعدتها، ولا الثقة الشعبية التي تراكمها، بمجرد صمودها وإصرارها على التصدي للأزمات، على عكس الآخرين الهاربين.
بعضهم الثاني، لا أحد يفهم ما يريد في السياسة: “ساعة معك، وساعة ضدك. ساعة هدنة، وساعة هجوم”. أما في النفعيات على أشكالها، فالمعنيون يعرفون جيداً ما هو المطلوب، بعيداً من الشعارات الطنانة، والتغريدات الرنانة.
أما البعض الثالث، فمزايدات دائمة في الإعلام، وانقلابات يومية في المواقف، كل ذلك تحت شعار المبدئية والعفة، وسائر الكلمات والعبارات المفصولة عن الواقع بالنسبة إليه.
وعلى هامش هؤلاء، بعض رابع، يحمي مطلوبين للعدالة، ويشتغل بالنكايات، ويقدم في كل الحالات النموذج الأسوأ عن مستقبل يسعى إليه.
وإلى جانب جميع هؤلاء، وجوه تعمل في الإعلام، أو “لا شغلة ولا عملة لها” إلا التسلية على مواقع التواصل.
شعار هؤلاء خالف تعرف. وهدفهم الوحيد، شهرة افتراضية، بلا مبدأ ولا حقيقة…
“ما بقا فينا ننطر” كل هؤلاء.
هكذا يقول الناس: نريد تحقيقاً يصل إلى نتيجة، ومتهماً يحاكم، وينفذ الحكم الصادر في حقه، وقوانين تطبق بعد أن تقر، وبرامج وخطط تتحول إلى أعمال وأفعال… فليس بالوعود وحدها تحيا الدول، بل بكل وعد يطلق وينفذ، بغض النظر عن الأفخاخ التي تنصب، والعصي التي توضع في الدواليب.
وبعيداً من كل ذلك، ماذا سيكشف جبران باسيل غدا، ولاسيما بموضوع النفط والفيول المغشوش؟ كيف سيرد على فرنجية، وعلى مبادرتي جنبلاط وجعجع باتجاه الرئيس عون والتيار الوطني الحر؟ على ماذا اتفق مع الرئيس بري في خلوة الساعة؟ وكيف سيرد على الحريري واتهاماته؟ الجواب الثانية عشرة من ظهر الغد، فلنترقب.