- هل سيجري الناس اخيرا جردة حساب لمواقفهم الانتخابية السابقة، التي صوتوا فيها لسبب او لآخر لجميع هؤلاء الفاسدين؟
***
هل يريد اللبنانيون حقا ان يكافحوا الفساد؟ هل ادركوا اخيرا ان هذا الوباء المتفشي منذ عقود، هو في اساس مأساتهم اليوم؟ وهل فهموا ان انعدام القدرة على العلاج عائد في جزء كبير منه، الى تمسكهم بقوى سياسية فاسدة، او تغطي الفساد، وبشخصيات تعمل في الحقل العام، تبيع اللبنانيين خدمات فردية ورشاوى انتخابية، من كيس الدولة المفخوت؟
هل سيجري الناس اخيرا جردة حساب لمواقفهم الانتخابية السابقة، التي صوتوا فيها لسبب او لآخر لجميع هؤلاء الفاسدين؟
مرارا، لاحت امام اللبنانيين فرص التغيير، ومرارا اضاع الناخبون الفرصة.
ومن دون العودة الى عهد الوصاية السورية، الم يكن ثمة بديل مطروح في الاستحقاقات الثلاثة الاخيرة، في الاعوام 2005 و2009 و2018؟
واذا سلمنا جدلا ان استحقاق 2005 كان يشوبه عيب قانون الانتخاب السيء الذكر، الموروث عن زمن كانت ترسم فيه خطوط الدوائر على خط عنجر، فما الذي منع اللبنانيين من التصويت الشامل للتغيير في استحقاقي 2009 و2018، مع التحسن الملحوظ في صحة التمثيل الذي حققه قانون القضاء ثم قانون النسبية والصوت التفضيلي مع منح المغتربين حق الاقتراع؟
طبعا، ليس الناس مسؤولين عن واقعنا السيء اقتصاديا وماليا اليوم، فمن يتحملون المسؤولية المباشرة موظفون ونواب ووزراء ورؤساء توالوا على حكم البلاد منذ ثلاثين عاما، مع فارق النسب والازمان والظروف والادوار.
غير ان الناس هذه المرة، مسؤولون اكثر من اي يوم مضى.
فهناك اساسيات لم يعد التساهل فيها مسموحا او مقبولا بكل المعايير… منها مثلا ان يقيم طرف سياسي الدنيا ولا يقعدها، لأن ثمة شبهة فساد تحوم حول احد انصاره، وان يعمد الى تصوير الامر حصارا سياسيا له تارة، واستهدافا لطائفة او مذهب او منطقة تارة اخرى، وهذا المنطق الاعوج ساري المفعول على غالبية القوى السياسية والشخصيات السياسية في لبنان.
ولم يعد مقبولا كذلك التساهل بعد اليوم بكل ما من شأنه ان يعرقل عمل القضاء، او يؤخر انجاز المشاريع، او يمنع الانقاذ.
ففي النهاية، الزعيم مرتاح. اما الشعب، فوحده يدفع الثمن.
يبقى ان نشير الى انه تسجل للتيار الوطني الحر اليوم الروح الديموقراطية العالية التي قارب فيها موضوع التحرك الذي نظم امام مقره العام.
اذ يكفي اجراء مقارنة بسيطة مع ما كان يمكن ان يحصل مع اي تحرك امام اي مقر سياسي آخر، وما لم يحصل يوما ولن يحصل ابدا مع التيار ، مضافا اليه مثول وزيرة من صفوفه بكل شفافية امام القضاء لادلاء افادتها بصفتها شاهدة، في مقابل تهرب موظفين… يكفي ذلك للوصول الى خلاصة واحد آن لكل اللبنانيين ان يعرفوها: “لأ… مش كلن يعني كلن”.