أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الكنيسة المنتحرة، بالجسد أم بالروح ⛪(الأرشمندريت غريغوريوس اسطفان)


🌷♰🌷
لا ندين لكن
📌 عيّروننا عن غير حقّ، وتواضع كاذب يروّج لإغلاق الكنائس 🤔
📌 كل وقت خارج الإفخارستيّا، أو لا يستمدّ قوّته منه، هو وقت يعمل فيه إبليس 😈
📌 الله رحمة لا تُحدّ، للّذين يستجيبون لمحبّته بالتوبة 🛐
📌 نهاية العالم تأتي لا حين يصير ضدّ المسيح قويًّا، لكن حين تُصبح الكنيسة الأرضية ضعيفة
📌 نسأل بصدق، ألم يكن هناك من حلّ تدبيريّ مع إجراءات صحيّة لازمة 😷
📌 ذهابنا إلى الكنيسة في زمن الأوبئة والتجارب لا يعني أنّنا نُجرّب الله 👍
📌 عبادة الله لم تعد “بالروح والحقّ”، بل بالعقل والأحاسيس البشريّة
📌 من البدء ربط الله الخليقة غير العاقلة بالإنسان المخلوق على صورته، تنتظم بتوبته وتثور بخطاياه 👌



الأرشمندريت غريغوريوس اسطفان رئيس دير رقاد والدة الإله بكفتين

المسيح قام، حقّا قام

قام المسيح بالرغم من كل محاولات إبليس لمنع قيامته. لا الأوبئة ولا شرور العالم كلّه تستطيع أن تمنع قيامة المسيح. المسيح قام والخليقة ما زالت إلى اليوم تهتزّ وهي تُعاين نور القيامة، كما حدث منذ ألفي عام. ما زال هناك أناس يشعرون بقيامة المسيح، وإن قليلون جدًّا، ويهتفون المسيح قام، وبفضل صرخاتهم هذه تبقى غلبة المسيح على الشرّ والفساد مستمرّة في العالم.

إنّها قيامة النفس الآن، منتظرون اليوم الّذي سيعود فيه المسيح إلهنا لتقوم أجسادنا في عدم الفساد. قيامة النفس هي في مغفرة خطاياها، أمّا قيامة الجسد فتتحقّق بنسكه وموته عن أهواء هذا العالم. لقد علّم الربّ يسوع المسيح بوضوح عن الفرق الّذي لا ينتهي بين النفس والجسد، بين خلاص النفس وصحّة الجسد: “أيُّما أيسَر، أن يُقال: مَغفورةٌ لك خطاياك، أم أن يُقال: قُمْ وامش؟” (مت5:9). وكان المسيح قد أوصانا بوضوح أن نجاهد لقيامة نفوسنا وألاّ نخاف من موت أجسادنا. الخوف الحقيقيّ هو أن تهلك نفوسنا وأجسادنا كليْهِما في جهنّم (مت28:10). عيش هذه القيامة يحتاج أوّلاً إلى الإيمان الحقيقيّ بابن الله؛ “ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه” (عب6:11). نهاية الإيمان هي تسليم الإنسان لذاته كليًّا بيد الله، وذلك حين يعمل عمل الله كاملاً. ومن يُخضع بالإيمان ذاته ومشيئته لله، يُصبح الله له كلّ شيء في الكلّ.

بهذا الإيمان الصلب والقوي، حيث يُصبح الله كلّ شيء للإنسان، استطاعت الكنيسة، منذ البدء، أن تواجه قوى أبواب الجحيم وتغلبها. بالإيمان تكلّم آباؤنا اللاهوت وحدّدوا عقائد الكنيسة، وبالإيمان سلكوا في ظلمة هذا الدهر رغم الاضطهادات والتهديد بالموت، “بالإيمان قهروا ممالك صنعوا برًّا نالوا مواعيد سدّوا أفواه أسود، أطفأوا حدّة النار نجوا من حدّ السيف تقوّوا من ضعف صاروا أشدّاء في الحرب…” (عب33:11-39).

وكما، بمثل هذا الإيمان واجه آباؤنا تجارب العالم القاسية، هكذا إلى اليوم يواجهون الشرور التي تتفاقم، الطبيعيّة والأخلاقيّة. ومن بين هذه الشرور هذا الوباء الّذي يخضّ العالم اليوم، والّذي سمح به الله لتمحيص إيمان الكثيرين من المؤمنين به. هذا الوباء، أكان طبيعيًّا أم مركّبًا، من الواضح أنّه استُغلّ لهدف أبعد ممّا هو ظاهر، وهو تحطيم ما بقي لدى المؤمنين بيسوع المسيح من رجاء بالقيامة وغلبة الموت الأبديّ. هناك مخطّط شيطاني تحقّق من خلال هذا الوباء الّذي انتشر في اغلب أصقاع الكرة الأرضيّة؛ ويتلخّص هذا المخطّط بهذه النقاط: ترويج للخوف من الوباء – إدخال الناس بحالة رعب منه – النتيجة، انهيار الإيمان الحيّ بيسوع المسيح. وانهيار الإيمان الحيّ في نفوس المسيحيّين هو ضرورة لا بدّ منها في تهيئة مجيء المسيح الدجّال. لقد زرع الإعلام بكل وسائله الخوف من الموت في النفوس إلى درجة الرعب. حتّى المسيحيّ الّذي ينبغي أن لا يخاف من الموت، عالمًا أنّ حياته هي بيد الله، أصبح يرتعب من هذا الوباء، واستولى عليه الخوف على موت جسده، ونسي كل ما يتعلّق بموت نفسه الروحيّ.

أدّى دخول الخوف من المرض والموت وسيطرته على النفوس إلى انهيار إيمان الكثيرين، فانكشف كم كان إيمانهم ضعيفًا وهشًّا. حين يضعف الإيمان إلى درجة التشكيك بعناية الله والخوف من الذهاب إلى الكنيسة وتناول جسد المسيح ودمه، يموت المسيح نفسه كليًّا في نفوس المؤمنين. كل مسيرة حياتنا في المسيح يسوع هي أوّلاً مسيرة إيمان. “فما أحياه الآن في الجسد فإنّما أحياهُ في الإيمان، إِيمانِ ابنِ اللهِ الّذي أحبّني وأسلمَ نفسهُ لأجلي” (غل20:2). هذا الخوف غير المبرّر الّذي زرعه العالم في النفوس، كان ينبغي على الكنيسة أن تواجهه بتشديد إيمان شعبها وتقوية تعلّقه بمخلّصها يسوع المسيح، لا أن تستسلم معه لهذا الخوف. لقد كان الشعب المؤمن في أمسّ الحاجة لتقوية إيمانه بالمسيح لا لأن ينهار إيمانه بفعل ضغط الإعلام الهادف والمركّز. حين تُقفل الكنائس في زمن الشدائد ألا تتزعزع ثقة المؤمنين بالكنيسة؟

ونحن نسأل بصدق، ألم يكن هناك من وسيلة أخرى أو حلّ تدبيريّ معيّن، مع اتّخاذ كل الإجراءات الصحيّة اللازمة لمواجهة خطر هذا الوباء، من دون أن تُقفل الكنائس، والاستسلام لهذا الانتحار الروحيّ الجماعي. ذهابنا إلى الكنيسة في زمن الأوبئة والتجارب والصعوبات والاضطهادات لا يعني أنّنا نُجرّب الله بأنّه لن يُصيبنا شيءٌ، إنّما نقول له إنّنا بالإيمان نسلك معه، وإنّنا في هذه الضيقات بالذات أكثر ما نحتاجه هو أن نكون معه، متّحدين به بجسده ودمه لمواجهة أخطار الأوبئة والأمراض وكل الكوارث الأخرى المتربّصة بحياتنا. حين كان المسيحيّون في زمن الإضطهادات الكبرى وزمن الشيوعيّة، يُخاطرون بحياتهم ليذهبوا إلى الدياميس ويجتمعوا حول مائدة الربّ، كان هذا تعبير عن محبّتهم لمسيحهم أكثر من أنفسهم، ومعرفتهم بأنّ حياتهم الحقيقيّة توجد في هذه المائدة الإفخارستيّة لا في أجسادهم.

إنّه الصراع بين العقل والإيمان، أعطى الله العقل ليستنير بالإيمان، لا ليسلك بشريًّا من دون الإيمان، ويشكّك بتدبير الله للبشر ويصير مكتفيًا بذاته.

كان هناك دائمًا في الكنيسة الأرثوذكسيّة صراع بين مبدأين: العقلانيّة والإيمان أو والروحانيّة. فمنذ زمن الغنّوسيّين وآريوس مرورًا بالسكولاستيكيّين وبرلعام، وصولاً إلى العقلانيّة الدهريّة لمروّجي الحركة المسكونيّة المعاصرة، كانت الكنيسة في حالة جهاد لا يتوقّف لحفظ إعلانات الله للبشر، التي صُكّت في إيماننا الأرثوذكسيّ، لا فقط الإيمان العقائديّ إنّما أيضًا إيمان التقوى والحياة الروحيّة. بالإيمان يُسلّم المؤمن حياته للمسيح دون خوف ممّا يمكن أن يحدث لحياته. أمّا المنطق العقلانيّ فيبرّر له خوفه وهربه، حتّى من وجه الله، حفاظًا على حياة جسده.

إنّ الإلحاد الّذي ينتشر بهذه القوّة في الغرب، ومنه إلى العالم كلّه، كان سببه الرئيسيّ العقلانيّة التي سادت لاهوت الغرب منذ القرن التاسع. السكولاستيكيّة ثبّتت الإنسان الغربيّ في عقلنة كل أمور الحياة العامّة، حتّى عبادة الله لم تعد “بالروح والحقّ”، بل بالعقل والأحاسيس البشريّة؛ الإيمان المُمَحّص بالتجارب يجعل الله إلهًا حيًّا لا فكرة مجرّدة؛ أمّا إله العقلانيّين فيتحوّل بسهولة إلى صنم. لهذا، من العقلانيّة اقتيد الإنسان الغربيّ إلى العدميّة وما تبعها من إلحاد.

أولئك الّذين يعبدون الله “بالروح والحقّ”، يمكنهم أن يتلمّسوا يد الله وحكمته في كل ما يحصل في هذه الحياة. أمّا العقلانيّ فلا يمكنه إلا أن يرى تحليله العقلانيّ للأحداث ونظرة بشريّة منطقيّة للأمور. هذا ما كشفته تجربة الوباء الأخيرة، البعض نظر إليها على أنها علامة غضب الله على كل هذه الآثام والنجاسات والإلحاد والتجديف الّذي يجرف العالم. أمّا العقلانيّون فلم يروا فيها إلا حدثًا طبيعيًّا، نتيجة أسباب بشريّة أو طبيعيّة. فالله، بالنسبة لهؤلاء، هو “محبّة” ورحمة لا تُحدّ، وهو حقًّا كذلك. لكن يتغاضى هؤلاء المتنعّمون بأفكارهم أنّ محبّة الله تُعطى فقط للّذين يستجيبون لمحبّته بالتوبة والتعب في حفظ الوصايا واقتناء الفضائل. الله يريد خلاص الإنسان، “والّذي يُحبّه الربّ يؤدّبه” (أمثال12:3). حين نتكلّم عن غضب الله، لا لأنّ في طبيعة الله غضب وأهواء، إنّما لأنّ الإنسان المظلم بالخطيئة لا يستطيع أن يرى الله إلا بهذه الحالة، حالة نفسه المظلمة التي تعكس في ذاتها عطيّة الله بطريقة منحرفة. كلّما تجذّر الشرّ والفساد في قلب الإنسان كلّما احتاج إلى تجارب أقسى ليرتدّ عن شرّه؛ والهدف هو توبة الإنسان وخلاصه. غضب الله هو دينونة الله العادلة.

أولئك العقلانيّون الّذين يرفضون هذا الغضب الإلهيّ، في العادة هم الّذين يفهمون المسيحيّة كديانة أخلاقيّة، ويكتفون بتطبيق الأمور الخارجيّة من الناموس. إله هؤلاء عاطفيّ يغفر مساوئ الناس، إن تاب البشر أو لم يتوبوا، إن تطهّروا من أهوائهم أو لم يتطهّروا. هذا نتيجة الفكر البروتستانتيّ المتداول في الأوساط اللاهوتيّة الأرثوذكسيّة، الّذي هدفه ان يُريح ضمير الناس المقتنعون بأهوائهم، ولا يُريدون الجهاد للتحرّر منها. إنّ الّذين يُروّجون لعصرنة الكنيسة، أي لتتماشى مع روح العصر، بتأثير من الحركة المسكونيّة المعاصرة، هؤلاء لا يُناسبهم إلا إلهًا كهذا، إلهًا مخلوقًا على صورة الإنسان ومثاله. أي إلهًا ينزل إلى الإنسان لا ليرفع الإنسان إلى مستوى ألوهته، إنّما ليتعايش مع أهواء الإنسان.

منذ السقوط الأوّل كان الله واضحًا، “موتًا تموت” إن عصيت الوصيّة. “لكن إن لم تسمعوا لي ولم تعمَلوا كلّ هذه الوصايا، وإن رفضتُم فرائضي وكرِهَتْ أنفُسُكُم أحكامي، فما عمِلتُم كلّ وصاياي، بل نكثتُم ميثاقي، فإنّي أعمل هذه بكم: أُسلّط عليكم رُعبًا وسِلُا وحُمّى تُفني العينَيْنِ وَتُتْلِفُ النَّفْس، وإن لم تتأدَبوا منّي بذلِك، بل سلكتُم معي بالخِلاف، فإنّي أنا أسلُك معكم بالخِلافِ، وأضرِبُكم سبعة أضعافٍ حسب خطاياكم. أجلِبُ عليكُم سيفًا ينتقم نقمة الميثاقِ، فتجتمِعون إلى مُدُنكُم وأرسل في وسطِكُم الوَبَأَ فتُدفعون بيدِ العدوّ…” (لاوي14:26-25).

ففي الوقت الّذي يُعطي هؤلاء المستندون على العقل، بدلاً من الإيمان المتحرّك بنعمة الروح القدس، معاني رمزيّة لأغلب أحداث الكتاب المقدّس، حين لا تتّفق مع أفكارهم الخاصّة، رأت الكنيسة أن كلام الربّ واضح في الكتاب المقدّس، أنّ كل الأوبئة والكوارث الطبيعيّة والبشريّة لا سبب لها سوى خطايا البشر. من البدء ربط الله الخليقة غير العاقلة بالإنسان المخلوق على صورته ومثاله، تنتظم هذه الخليقة بتوبته وتثور بفعل خطاياه. الكتاب المقدّس واضح، يسمح الله بضربات للبشر، والهدف ليس انتقامًا من الله، إنّما لعلّ البشر يتوبون. يقول إرمياء النبيّ: “إرجعي أيتها العاصية إسرائيل، يقول الربّ. لا أوقع غضبي بكم لأني رؤوف، يقول الربّ، لا أحقد إلى الأبد. إعرفي فقط إثمك، أنك إلى الربّ إلهك أذنبت” (ار12:3-13). الخطيئة فصلت الإنسان عن الله، “آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتّى لا يسمع” (أش2:59). فالله يُريد إصلاح الشعب لا إرهابه وهلاكه. لهذا، يصطلح العالم وينجو من دينونة غضب الله عبر التوبة. “إن لم تتوبوا فجميعُكم كذلك تهلِكون” (لو3:13، 5). يقول القدّيس باسيليوس الكبير، عن الأوبئة والأمراض، إنّ الله يسمح بها لكي يُعالج الخطيئة والشرّ، لأنّ مِحنًا كهذه هدفها أن تنذر المؤمنين تجنّب عذابات الدينونة الأبديّة [1].

وهذا واجب المسيحيّين أن يُصلوا بلا انقطاع لكل الناس، وهم ممتلئون رجاءً برؤيتهم يبلغون إلى الله بالتوبة. لأنّه بمقدار ما يوجد تائبين في العالم بمقدار ما تستمرّ رحمة الله على العالم. وتكتمل التوبة في عيشنا للحياة الأسرارية للكنيسة.

لقد أرسل الله يونان النبيّ ليحذّر أهل نينوى بأنّ غضب الله وهلاكه آتيًا عليهم. يقول الكتاب المقدّس عن توبة أهل نينوى: “ولبسوا المسوح، البشر والبهائم” (يونان8:3). يفسّر القدّيس الذهبيّ الفم هذا القول: “سمعنا أنَّ المدينة لدى استقبالها النّبأ لم تسقط في اليأس، بل نشطت إلى التّوبة، وبينما لم يكن لها دالّةٌ للخلاص شرعت في عبادة اللّه ومصالحته“. ويُكمل متسائلاً: “تُرى ماذا فعلت من أجل المصالحة؟” ويُجيب الذهبيّ الفم كيف كانت توبة الشعب كلّه مع رؤسائه هكذا: “يقول الكتاب: وصل الكلام للملك فنهض عن عرشه، خلع بزّته، التحف المسوح، وجلس على الرّماد”. يا للملك الحكيم. الملك بنفسه أوّل من أعلن التوبة، وذلك ليجعلَ مدينته بحالةٍ أفضل. لأنّه من ذا الّذي يرى الملكَ نفسَه مجاهدًا لأجل الخلاص ويتراخى من بعدُ؟‍… جراحاتُ التاج تشفيها المسوح، خطايا العرش يمسحها بجلوسه على الرَّماد، مرض الكبرياء يعالجه بتذلّلِ المظهر، وبالصِّيام يداوي جراحاتِ التَّنعّم… ولدى سلوكه في ذلك عمليًّا كان ينهضُ الجميع بندائه، فيسلكوا النّهجَ ذاته”.

في توبتهم قهروا الشياطين التي كانت تحاول أن تحوّلهم عن الله. ويُكمل الذهبيّ الفم معلّقًا على آية، “ولبسوا المسوح، البشر والبهائم”، قائلاً: يا للتّرتيب السّماوي! ياله من طابورٍ مرعبٍ للشيطان! كان الشّيطان يقف منتحبًا لدى رؤيته كامل جيشِه يتحوّل نحو اللّه ويحارب الشّياطين. في هذه المعركة أولادٌ ونساءٌ ورضَّعٌ مع الرّجال يحاربون، حتّى طبيعةُ البهائم صارت مشاركة في صفوف الحرب”.

هكذا، منذ القديم، كانت حال الشعب الّذي يسمع إنذارات الله فيتوب. انتشار الأوبئة ليس أمرًا جديدًا في التاريخ، بل حصل مرارًا. لكن الاختلاف هو في طريقة مواجهتها. التاريخ العلمي نفسه يشهد كيف أنّه في الأزمنة التي كانت الكوارث الطبيعيّة والأوبئة والأمراض المختلفة تتفشّى في الشعب، كانت الكنيسة تواجهها بسلسلة من أعمال التقوى، كالأصوام لعدّة أيام، مسيرات بالأيقونات مع الصلوات لنيل رحمة الله ورأفته بالشعب الّذي يتألّم ويمحو خطاياه. والمؤمنون، في أزمنة الأوبئة، كانوا يُحاولون، قبل كل شيء، طرد الخيالات الشيطانيّة، التي كان يبدو أنّها تلوّثهم بالمرض، وذلك بذكر الأسماء الإلهيّة، وطلب اللجوء إلى الكنيسة وقدّيسيها ومقدّساتها وأيقوناتها العجائبيّة. كانوا يلجأون إلى رجال الله القدّيسين، طالبين منهم التوسّط لدى الله لإيقاف هذا البلاء وشفائهم منه [2]. والأهمّ من كل هذا التوبة والمناولة المقدّسة، كانت هي الدواء، إضافة إلى صلوات شفاء المرضى [3]. يُذكر عن وباء الطاعون الّذي ضرب موسكو سنة 1770، أنّ العديد من الكهنة قاوموا بعنف سياسة الحكومة التي حرّمت الخدم والممارسات التقليديّة الكنسيّة؛ وقد أدّت مقاومة الكهنة والشعب إلى شغب خطير قتل خلاله رئيس أساقفة كان يُعتبر عميلاً للحكومة [4].

بهذا الإيمان الراسخ وتنمية التقوى في النفوس واجهت الكنيسة نتائج الخطيئة. واليوم أيضًا، إن لم نواجه هذا الوباء الحاضر بالصلاة والتضرّع والتوبة، والأهم بهذه القداديس الإلهيّة، حيث جسد المسيح ودمه يُحرّراننا من الموت الأبديّ، فبماذا نواجهه، هل بالاكتفاء بالهرب والانغلاق على الذات. لقد كان المسيحيّون في السجون والمناجم في النفيّ، يعون بعمق حاجتهم الماسّة إلى مناولة جسد المسيح ودمه، فكان كهنتهم يُقيمون الذبيحة الإلهيّة على صدور المؤمنين؛ صدر المؤمن يصير مذبحًا لله.

إنّه أكثر وقت نحتاج فيه إلى جسد المسيح ودمه لنتغذّى به ونُقاوم كل شرّ ومرض. هذا مع أنّنا نعلم أنّه، بسماح من الله، ما من شيء يمنع أن نلتقط نحن أيضًا هذا الوباء، لكن المؤمن الّذي يلتقطه وهو مستمرّ في جهاده الروحيّ في الكنيسة وممارسة أسرارها، يكون كجنديّ في ساحة المعركة يُقاوم الشرّ الكونيّ، لا بقوّته الخاصّة إنّما بقوّة عطيّة الفداء المخلّصة. فالّذي يتناول جسد المسيح ودمه، عالمًا أنّ هذا هو زاد الحياة الأبديّة الحقيقيّ، هل يُفكّر بعد بموت جسديّ؟ لهذا موت هذا المؤمن يُماثل موت الشهداء [5].

هناك مؤمنون ينبغي أن يموتوا، ولا يمكنهم انتظار أن ينتهي الوباء؛ عليهم أن يموتوا وهم مستعدّون، قد تناولوا كعربون خلاصهم جسد ودم مسيحهم، إنّه ختم عبورهم عبر كل تلك الأرواح المعاندة في الجوّ.

واجه القدّيس كبريانوس القرطاجي معاناة المسيحيّين الّذين لم يُعانوا فقط من الأوبئة التي اجتاحت الإمبراطوريّة بين السنين 250-270، التي حصدتهم في الأمراض والموت، إنّما أيضًا اتّهامات الوثنيّين لهم بأنّ هذه الأمراض والأوبئة سببها عدم اشتراك المسيحيّين في عبادة آلهة الإمبراطوريّة. كتب القدّيس كبريانوس مقالة “عن حالة الموت” on mortality، ليُثبّت المسيحيّين في إيمانهم المسيحيّ ويُشدّد هذا الإيمان كي لا يضعف أمام خطر هذه الأوبئة، يقول لهم فيها أنّ يُرحّبوا بالموت لا بالخوف منه؛ وأنّ التردّد أمام الموت يُظهر تعلّقًا كبيرًا جدًّا بالمسرّات الدنيويّة؛ وأنّ التألّم والموت من الأمراض يحرّرهم من العالم ويُقدّمهم أكثر ممّا هو متوقّع نحو المجد الأبديّ [6].

وأمّا كل أولئك الّذين انتقدونا وعيّروننا بهذه الشراسة عن غير حقّ، لأنّنا طالبنا بعدم إغلاق الكنائس، وكأن في الأمر هرطقة مخيفة، في الوقت الّذي كنّا نمارس حقّنا الأرثوذكسيّ بالكلام، كمؤمنين أعضاء في هذه الكنيسة المقدّسة. عدم تقبّل رأي الآخر يُعبّر عن روح سلطويّة متفرّدة لا عن روح أرثوذكسيّة مجمعيّة؛ بالطبع حين لا نخرج عن حدود الإيمان الواحد وحركة الكلام ضمن التقليد الأرثوذكسيّ الواحد. كل كلام لا يستمدّ لاهوته من التقليد الأرثوذكسيّ هو كلام باطل يتحوّل بسهولة إلى هرطقة. الطاعة واجبة في الكنيسة، إنّها طاعة في الحقّ الواحد. كل شيء في الكنيسة ينبغي أن يخضع للطاعة، إلا الأمور المخالفة المتعلّقة بالإيمان والأسرار. لهذا كل كلام عن الطاعة لا ينطلق أوّلاً من الطاعة لتقليد الكنيسة بما يحوي من إيمان وعقائد وقوانين هي طاعة باطلة، والتواضع الّذي يُروّج له هو تواضع كاذب. لم يكن ينبغي فرض إغلاق الكنائس بالقوّة وحرمان المؤمنين من جسد المسيح ودمه، من دون سبب إيمانيّ. نحن لا ندين أحدًا، لكن كنّا نتمنّى من أولئك الّذين قاوموا فتح الكنائس أمام المؤمنين بهذه الشراسة وجعلوا منها قضيتهم المصيريّة، أن يدعوا أولئك الّذين أرادوا عدم إغلاق كنائسهم أمام المؤمنين يتحمّلون مسؤوليّة عملهم أمام المسيح في اليوم الأخير، الّذي سنقف أمامه كلّنا، خاصّة الأساقفة والكهنة، لنقدّم حسابًا، خيرًا كان أم شرًّا، عن كل ما عملناه تجاه كنيسته المقدّسة. كان الأجدى بأولئك أن يلتفتوا في المقابل إلى الأمور الأخطر بكثير التي تمسّ الإيمان والتي تخضّ كنيستنا المقدّسة، كإباحة المناولة المقدّسة لغير الأرثوذكسيّين، واشتراك الكهنة الأرثوذكس في خدم ليتورجيّة غير أرثوذكسيّة والعكس. ألم يكن أجدى بهم مواجهة وملاحقة أولئك الّذين يروّجون للأفكار المنافية للتقليد الأرثوذكسيّ، التي تتردّد في أوساطهم الكنسيّة ذاتها. أولئك الّذين يبذرون أفكار علمنة حياة التقوى الكنسيّة وعصرنة الإيمان الأرثوذكسيّ، بدءً بقبول الشذوذ الجنسيّ كحالة طبيعيّة، مرورًا بالترويج لكهنوت المرأة، وتبادل الخبرات الروحيّة مع أصحاب البدع، وليس آخرها القول بأنّ الأوبئة المعدية تنتقل حتّى من خلال الخبز والخمر، اللذين حوّلهما الروح القدس إلى جسد المسيح ودمه الحقيقيّين. إنّ القول بأن جسد المسيح المتألّه، الّذي صار مصدرًا لتأليه الإنسان، أنّه يُمكن أن يكون مصدرًا لنقل أمراض، يوازي القول بأن جسد المسيح الحقيقيّ الّذي لبسه بالتجسد وقام به من بين الأموات وصعد به إلى السماوات كان يمكن أن ينقل أمراضًا وأوبئة. لم ترَ الكنيسة يومًا في جسد المسيح ودمه سوى وسيلة تألّه الإنسان، واتّحادًا حقيقيًّا بالإله الكلمة، وزادًا للحياة الأبديّة. وكل مَن فكّر غير هذا، أنّه يمكن أن ينقل أوبئة وأمراضًا بأيّة طريقة كانت، يدخل حتمًا في خانة التجديف على روح الله القدّوس، الّذي يحقّق هذا التحوّل.

جسد المسيح ودمه الحقيقيّ ينقل فقط حياة أبديّة، في تحوّله إلى جسدنا ودمنا يحوّلنا المسيح نفسه إلى جسده ودمه؛ نحن نصير جسدًا متألّهًا من جسد المسيح ودمًا من دم المسيح. أهذا ينقل أمراضًا وجراثيم؟ في كنيسة المسيح المقدّسة، الأفكار المسمومة بالهرطقة وحدها تنقل أوبئة وأمراضًا روحيّة قاتلة، جراثيم الأفكار الفاسدة هي الوباء الحقيقيّ في كنيسة المسيح، وهي أشرّ بما لا يُقاس من كلّ وباء ماديّ. لأنّ هذا الوباء يقتل النفس ويُحطّم كل مسيرة خلاص الإنسان.

لماذا الكلّ صامتًا أمام كل هذه الشرور والانحرافات التي تلحق بكنيسة المسيح وتحرّف مسيرتها لخلاص البشر. ليت أولئك المتكلّمين بهذا الحماس الرديء يغارون على نقاوة الإيمان الأرثوذكسي غيرتهم على إقفال الكنائس. ليتهم يغارون على تطبيق القوانين الكنسيّة غيرتهم على تطبيق قوانين الدول. الكلّ ظهر غيورًا على خلاص أجساد المؤمنين لكن لم يقل لهم أحد شيئًا عن تشديد إيمانهم بالمسيح وخلاص نفوسهم، بالتوبة وحفظ الإيمان الأرثوذكسيّ، بالزهد بالعالم الحاضر والجهاد لتطبيق وصايا المسيح. كل هذه الأمور إنّما تدلّ على الحالة الروحيّة للكنيسة، الضعيفة والمدهرنة، وعدم تجذّر المؤمنين في تقليدهم الإيمانيّ والليتورجيّ والنسكيّ، بفعل التأثير المسكونيّ، وغياب كل تعليم أرثوذكسي واضح يفصل بين الحقيقة والهرطقة، بين التمسّك بالتقليد والانفتاح على تعاليم البدع وخبراتها.

أصحاب البدع، والمتأثّرون بهم من الأرثوذكسيّين، يَعِدون بخلاص سهل يهبّ فيه الروح عشوائيًّا “حيث يشاء” ليخلّص الجميع أيضًا عشوائيًّا. في لاهوتنا الأرثوذكسيّ، “الروح يهبّ حيث يشاء”، وهو يشاء ليس كما نشاء نحن، بأهواء العُجب ومحبّة الذات؛ لكن بما أنّه “روح الحقّ” فهو يهبّ في غير المؤمنين لكي يقودهم إلى “الحقّ”، الّذي هو مسيح غير مشوّه بتعاليم البدع. فمع اعترافنا بأنّه يوجد خلاص تدبيريّ خارج الأرثوذكسيّة. لكن من جهة الإيمان، نحن نعترف أنّ إيماننا الأرثوذكسيّ المقدّس هو الطريق الوحيد المستقيم للخلاص، الّذي حفظ بأمانة كل ما كشفه الله للبشر. لهذا، يقود من يتبعه بأمانة، إلى الخلاص الأبديّ.

العقائد، بالنسبة لأولئك العقلانيّين، المجاهدين في سبيل عصرنة الإيمان الأرثوذكسيّ، ليست سوى مبادئ فلسفيّة ونظريّة لا قيمة لها على صعيد الحياة العمليّة. أمّا العقيدة بالنسبة للأرثوذكسيّ الحقيقيّ، فهي الدخول في خبرة معرفة حقيقيّة لله، معرفة مُستنيرة بالعقائد التي تعرّفنا عن الإله الحيّ. “العقائد المقدّسة هي حقائق إلهيّة أزليّة وخلاصيّة، بالقوّة المحيية للألوهة المثلّثة الأقانيم” [7]. وحدها العقيدة المستقيمة تقود الإيمان إلى كماله وتمنح خبرة معاينة الله، إنّها طريق للشفاء والخلاص، تكشف كل الحقيقة الإلهيّة وترسم له الحدود بين الحقيقة والضلال، بين الحياة والموت، بين المسيح وأضداد المسيح.

لقد فرض الاتّحاد الأوروبيّ على الكنيسة الأرثوذكسيّة، في أغلب الدول الخاضعة له، أن تُقفل أبوابها وتوقف عمل تقديس الخليقة. وما لم تستطع أن تحقّقه السوق الأوروبيّة في بلادنا حقّقته الحركة المسكونيّة؛ فاستطاعت أن تُغلق كنائسنا وتنقل سرّ خلاصنا في هذه المسرحيّة التي ينقلونها إلى البيوت بهذه الوسائل الإلكترونية؛ التي مع الأسف يفتخر بها رعاتنا.

من يفهم سرّ الصليب، سرّ كل عمل المسيح الّذي لم يهرب من الموت بل ذهب إليه باختياره وبذل نفسه لأجل خلاص أحبّائه، يفهم أنّه واجب علينا نحن أيضًا أن نلاقي الربّ في سرّ موته وقيامته من دون خوف لا من مرض ولا من موت. لهذا، لا يمكن أن نوقف هذا العمل الإلهيّ المستمرّ حصرًا في هذه الإفخارستيّا الإلهيّة. “إنّه وقت يُعمل فيه للربّ”. وكل وقت خارج الإفخارستيّا، أو لا يستمدّ قوّته من هذه الإفخارستيّا الإلهيّة، هو وقت يعمل فيه إبليس. في هذه الإفخارستيّا نُعيد بطريقة مستيكيّة كل سرّ الصليب والقيامة، سرّ الخلاص الّذي إن توقّف تتوقّف معه كل مسيرة خلاص الإنسان والخليقة. تبقى مكانة الليتورجيا الإلهيّة لدينا، نحن الأرثوذكسيّين، مختلفة كليًّا عمّا هي لدى غير الأرثوذكسيّين. الإفخارستيّا الإلهيّة تُعطينا المسيح نفسه بجسده ودمه، إنّها اتّحاد حقيقيّ بيسوع المسيح، بالتأكيد بحسب القوى الإلهيّة لا الجوهر الإلهيّ. ليست أيقونة للملكوت إنّما اختبار مسبق وتذوّق حقيقيّ للملكوت وللحياة الإلهيّة، في هذا الزمن المدمّى بكلّ أنواع الجراحات من خطايا وهرطقات وشرور. في هذه الإفخارستيّا التي تُقام بدون توقّف يومًا بعد يوم تعيش الكنيسة كل خبرة الحياة الأبديّة. إنّها مفتاح ملكوت السماوات، وتوقف هذه الإفخارستيّا ليس سوى إغلاق لباب الملكوت. 

القدّيس اغناطيوس الأنطاكيّ، يعتبر أنّ الليتورجيا الإلهيّة لا بدّ منها لأمرين: لتحفظنا من الموت الروحيّ، ولكي “تؤمّن لنا الحياة الدائمة في المسيح”، لهذا يسمّيها “دواء الخلود“. كحاجة الجسد إلى النفس ليستمرّ في الحياة، هكذا هي حاجة الخليقة إلى الإفخارستيّا الإلهيّة. الجسد بحاجة إلى التنفّس من دون توقّف، هكذا الخليقة تحتاج إلى هذه الإفخارستيّا من دون توقّف، وإلا تموت ويضطرب كل نظام وجودها. هذه الإفخارستيّا هي الروح التي تتنفّسها الخليقة كلّها، العاقلة وغير العاقلة، حتّى الملائكة أنفسهم منها يستمدّون طريقة عبادتهم لله، في المسيح يسوع. لقد كان المسيح واضحًا حين قال: “إن لم تأكُلُوا جسد ابنِ الإنسان وتشربوا دمه، فليس لكم حياةٌ فيكم” (يو53:6).

ستأتي أيام أصعب بكثير على هذا العالم، سيرى فيها العالم ما هو أسوء وأشرّ بما لا يُحصى. “ولكن اعلَم هذا أنّه في الأيّام الأخيرة ستأتي أزمنة صعبة” (2تيم1:3)، لأنّ البشر ابتعدوا عن الإيمان الحقيقيّ، “تابعين أرواحًا مُضلّة وتعاليم شياطين” (1تيم1:3). هذا ما عناه الربّ عندما أنذر شعبه في العهد القديم، أنّهم إن لم يتوبوا ويعملوا بوصاياه يزيد عليهم الضربات سبعة أضعاف. ويُعيد الإنذار بالضربات سبعة أضعاف أربع مرّات. يقول القدّيس يوستينوس الشهيد إنّ “الله يؤخّر عمل الدينونة (نهاية العالم) لأجل الجنس البشريّ، لأنّه يعلم مسبقًا أنّه سيكون هناك أيضًا بعضًا سيخلصون بالتوبة، ربّما بعضًا منهم لم يولدوا بعد” [8].

نهاية العالم ستأتي لا حين يصير ضدّ المسيح قويًّا، لكن حين تُصبح الكنيسة ضعيفة (رئيس الأساقفة سرجيوس بارانوف Sergei Baranov). وإذا كانت قوّة الكنيسة تكمن في أسرارها، خاصّة سرّ الشكر، فإنّ ضعفها، لا بل موتها، هو في توقّف هذه الليتورجيّات. وإذا كانت الكنيسة قد استسلمت بهذه البساطة أمام وباء كهذا وأغلقت أبوابها، فماذا ستفعل حين سيأتي المسيح الدجّال؟ هل سأل أحد منّا نفسه هذا السؤال؟ توقّف هذه الليتورجيّات، وإن كان وقتيًّا، ليس سوى علامة من علامات الأزمنة الأخيرة. عن الأيام الأخيرة، يقول القدّيس أفرام السريانيّ من القرن الرابع: “ستنوح كنائس المسيح نوحًا عظيمًا، لأنّ التقديس سيتوقّف فيها، ولن يكون هناك تقدمات إفخارستيّة” [9]. كنيسة المسيح، القويّة والغالبة دائمًا على الشيطان والخطيئة والموت، التي وعد الربّ بأنّ أبواب الجحيم لن تقوى عليها، تخضع بهذه السهولة. ألا يكشف هذا الأمر ضعفها وهشاشة مسيرتها الأرضيّة؟

 إنّ المسيح هو في كنيسته ومع كنيسته. لقد جعل المسيح جسده كنيسة وكل ما يمسّ الكنيسة يمسّ المسيح نفسه. فإنّ كل سرّ المسيح، سرّ ألوهته وتجسّده، موجود في كنيسته، “في ما هو شرِكة السّرّ المكتوم منذ الدّهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح. لكي يُعَرَّف الآن عند الرّؤساء والسّلاطين في السّماويّات، بواسطة الكنيسة، بحِكمة الله المتنوّعة” (أف9:3-10).

فكل هذه الجهادات الروحيّة لا بدّ من أن تتمّ بالتقوى، وهذه كانت “عادة القدّيسين في كل زمن“. يحثّنا القدّيس أثناسيوس بأن تكون هي أيضًا “طريقنا في هذا الزمن الحاضر”، وذلك لكي نستطيع، إذا كنا في هذه الحالة، أن نحتفل معهم بالعيد الّذي تدعونا إليه الكلمة الإلهيّة. “لأنه ما هو العيد، سوى العبادة المتواصلة لله، وإدراك التقوى والصلاة غير المنقطعة من كل القلب” [10].


[1] القدّيس باسيليوس الكبير، (Quod Deus non est auctor malorum 5 in PG. 31, 337Cff)

[2] Procopius, BP 2.22.10–12, pp. 454–57; similar in Lemerle, Les plus anciens recueils 37, p. 78. For the church as sanctuary and healing place, Vie de Theodore de Sykeon 8, pp. 7–8; See: Dionysios Stathakopoulos, Crime and Punishment, The Plague in the Byzantine Empire, 541–749 in Plague and the End of Antiquity, p. 109-110.

[3] Peregrine Horden, Sickness and Healing, Early Medieval Christisnity c. 600- c. 1100, The Cambridge History, p. 430

[4] Alexander, Bubonic Plague in Early Modern Russia, 186–95; See: Jo N. Hays, Historians and Epidemics, in: Plague and the End of Antiquity, p. 41.

[5] أفسافيوس القيصريّ، (Euseb. HE 7, 22, 7)

[6] القدّيس كبريانوس القرطاجيّ، (De mortalitate 1–17)

[7] القدّيس سمعان اللاهوتي الجديد، (Centurie Ascétique et Gnoséologique, 12)

P. Justin Popovitch, Les Voies de la Connaissance de Dieu, Tr. Jean-Louis Palierne, L’Age D’homme 1998, p. 155.

[8] القدّيس يوستينوس الشهيد، (I Apol. 28, 2)

[9] القدّيس أفرام السريانيّ، (Τόμ. Δ΄,198 και σ. 126-127)

[10] القدّيس أثناسيوس الكبير، (Επ. 11, 11)

المصدر: saintgregorypalamas.org