يا أبناء جيلي، يمكنكم أن تتعارضوا بالأفكار، لكن التاريخ واضح…
منذ دخولي الحياة السياسيّة وبداية تعرّفي عليها كان هناك إسم يتردّد دائما بين رفاقي “الوارثين سياستهم “، وهو إسم القائد “ميشال عون”… كنت أتعجّب دائماً عن سبب سماع هذا الإسم وكثرة الخلافات عليه… ولكن، لم أرد سماع وجهة نظر أحد من الطرفين ففضّلت أن أسأل كل من أهلي (مع العلم أنهم لا ينتموا إلى أحزاب سياسيّة، بل عاشوا الحرب بكل حياديّة) وقراءة النّصوص التاريخيّة عن هذه الشخصيّة. وبدأ البحث…
مع بداية مسيرته العسكريّة، لم يكن سوى تلميذ ضابط في السلك العسكريّ، ليصبح فيما بعد عماداً وعُيّن قائداً للجيش اللبنانيّ.
يُعرف العماد بالقوّة والرّصانة والشّجاعة، لذا، كانت هذه الصفات مطابقة على شخصية القائد المناضل، “ميشال عون”.
بعد تسلمه قيادة الجيش وتعذر انتخاب رئيس للجمهوريّة خلفاً للرّئيس أمين الجميل، ونظراً لصلحيات رئيس الجمهوريّة آنذاك، كُلّف العماد عون برئاسة حكومة انتقاليّة مؤلّفة من المجلس العسكريّ.
إضافة إلى ذلك امتنع أعضاء المجلس العسكريّ المسلمين بضغط من النظام السوريّ المحتل عن المشاركة في الحكومة وأصبحت حكومة العماد عون مؤلّفة منه ومن عميدين. كما تحمل عون مسؤوليّة كل من وزارة الدفاع الوطني والإعلام، وزارة الخارجية والمغتربين، التربية الوطنية والفنون الجميلة ووزارة الداخلية في أصعب مرحلة انتقالية في تاريخ لبنان.
بعد حرب أهلية دامت 15 سنة، كان التوصل لإتفاق الطائف هو الحل لهذه الأخيرة. لكن… أتعرفون يا أبناء جيلي ما كان موقف العماد عون من هذا الإتفاق؟
يا رفاقي، العماد عون رفض هذا الإتفاق بشكل كبير. لماذا؟ لأنه كان يقضي بإعادة إنتشار الجيش السوري على الأراضي اللبنانية دون تحديد تاريخ الإنسحاب، ناهيك عن إلغاء صلاحيات رئيس الجمهورية. لذا، كان نتيجة هذا الرفض معارك ضد العماد باتفاق لبناني/سوري مشترك فشنّت القوات السورية بالإتفاق مع المعارضة اللبنانية المسلمة وميليشيا القوات اللبنانيّة التي قصفت على قصر بعبدا أكثر من ما قصف الجيش السوري آنذاك. وتحت وطأة وشدّة القصف برزت وساطة فرنسية لوقف إطلاق النار حيث استدعى السفير الفرنسي العماد عون إلى السفارة الفرنسية للإتفاق على وقف إطلاق النار وتسليم السلطة للعماد لحود (قائد جيش اللبناني) وبعد عدة أشهر من وجوده في السفارة، نُفيَ إلى فرنسا سنة 1991. لم يستسلم في منفاه، بل قاد المعارضة ضد الإحتلال السوري من الخارج وكان نضاله مثالاً يُحتذى به لطلاب الجامعات المناضلين لتحرير لبنان من هذا الإحتلال. كما جال على المحافل الدولية منها مجلس الكونغرس الأميريكي لشرح قضية لبنان وساهم بطريقة فعّالة بإصدار قرار مجلس الأمن القاضي بإخراج الجيش السوري من لبنان.
وبعد انسحاب هذا الأخير في نيسان 2005، عاد العماد عون من منفاه وخاض الإنتخابات النيابية وحصل على تأييد بنسبة 80% من الشارع المسيحي وذلك بمواجهة الحلف الرباعي (حركة أمل، حزب الله، حزب التقدمي الإشتراكي وحزب القوات اللبنانية) وحصل على كتلة من 21 نائب وأسس بعدها بشكل رسمي حزب التيار الوطني الحر عام 2006 ليصبح عدد نواب تكتل التغيير والإصلاح 27 نائباً عام 2009.
نظراً لعظمته في الحياة السياسيّة والعسكريّة، فكان لا بدّ من انتخابه بعد سنتين من الفراغ كرئيس للجمهوريّة اللبنانيّة سنة 2016. نعم، بعد خلافات دائمة مع الفرق السياسية الأخرى، كانت هذه الأخيرة من ساهمت بإيصال الجنرال للرئاسة.
وصل الجنرال، وخلفته مشاكل عدة، منها تبيان إفلاس الدولة وتحميله المسؤولية من قبل من كانوا يعارضوه ومن عادوا وانتخبوه ليعيدوا التاريخ من جديد…
يا أبناء جيلي، يُعرف الـ”عون” بالمساعد، وأنا بدوري أود أن أطمئنكم بأن الرئيس عون في ظل هذه الفترة الصعبة هو المسعف الوحيد للبنان وعلينا إعطاءه الثقة الكاملة لأنني، بعد سرد مسيرته المناضلة والبحث عنها بطريقة موضوعية، أستنتج هذه الخلاصة…
رجل، بعظمة العسكري، العماد، القائد، رئيس حكومة، وزير، رئيس حزب، رئيس كتلة نيابية، نائب والآن رئيس للجمهورية… فكيف لهم ألاّ يحاربوا رجل المملكة وهو من مرّ بكل درجاتها كي يصل إلى قمتها… كيف لهم ألا يحاربوا رجل الحرية، السيادة والإستقلال؟
يا أبناء جيلي، يمكنكم أن تتعارضوا بالأفكار، لكن التاريخ واضح… ومن يمكنه أن يغير التاريخ؟