نغفر ذنوب مَن امتطوا أكتاف الحراك المطلبي، فكيف لنا أن نغفر للراقصين على قلوب اللبنانيين المُرتعِدَة بين أجهزة التنفُّس الإصطناعي وكُفر الجوع؟
خصوم العهد.. وحُلم إبليس في الجَنَّة (أمين أبوراشد)
يُدير الرئيس سعد الحريري ظهره للمتظاهرين المُطالبين برواتبهم المُستحقَّة بذمَّته من تلفزيون وجريدة المستقبل، ويُطِلُّ عبر التغريدات مُندداً بسياسات الحكومة المُرتبطة بالتعيينات في المناصب حرصاً على مصالحه المالية، وتزامن ذلك مع “العراك المجزرة” الذي حصل في طرابلس، وأدَّى الى سقوط جرحى على خلفية توزيع حصص غذائية من بلدية طرابلس بقيمة 75 ألف ليرة للحصَّة الواحدة، فيأتي الردّ من الرئيس نجيب ميقاتي بتحميل الدولة مسؤولية توزيع المساعدات على الناس مع ضرورة الحفاظ على العدالة في التوزيع، وفي موقفيّ الحريري والميقاتي، خصوصاً في زمن الوباء، ما نعجز عن توصيفه لأنه يفوق كل وصف.
ليس وباء الكورونا ما يُعيق التواصل مع الناس التي استنزفت نفسها وانقطعت أنفاسها في الشوارع الإنتخابية خلف سراب “الوعود العرقوبية”، لأن الجولات التي يقوم بها وزير الصحة الدكتور حمد حسن على مختلف المناطق، هي نفسها بإمكان أي رئيس كتلة نيابية ألزم نفسه شخصياً بهذه الوعود أن يقوم بها، ولكن، لا المُتعثِّر عن دفع مستحقات موظفيه مُطالب بسماع صرخات الناس من عكار الى بيروت وصولاً الى البقاع، ولا المتورِّط بصفقات مع المصارف وقضيته أمام القضاء سوف تنهمر دموعه على فقراء طرابلس يتقاتلون على حصَّة إستهلاكية، بل المطلوب أن يخجل مَن يُسدِّدون سهامهم الى نحر هذه الحكومة، وألَّا يحلموا بالعودة الى السراي يوماً لأنها كما “حُلم إبليس بالجنَّة”!
وغريبٌ أمر هكذا معارضة، بل هي رخيصة أهدافها منذ ما قبل وباء الكورونا، لأن وباء الحقد الذي تفشَّى منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون، بات أكثر خطورةً عندما خرج الفاسدون من السلطة التنفيذية، وبتنا نسمع مَن يخطُب بالعِفَّة من كل رؤوس 14 آذار في مشهدية وقِحَة لمن “ضربني وبكى، سبقني واشتكى”!
اعتدنا عليهم يرقصون على ضريح، ويقطفون ثمار الشهادة، ويتسوَّلون الحُكم تعويضاً عن “الخسارة الفادحة” ، واعتدنا عليهم عملاء وعلى عينك يا تاجر، وإذا كانوا قد حرَّكوا شوارعهم المذهبية في الإنتخابات النيابية الماضية، فتبَّاً لهكذا ناخبين ينتحرون الى حدود مواجهة الكورونا لإطعام أولادهم الجياع ولا يشبعون من الإرتهان للمعالف الخاوية ولكن،
على كل رؤساء الحكومات السابقين، وكل من شاركهم في وباء الفساد والإفساد، أن يعوا الحقيقة منذ بدء حراك 17 تشرين وحتى يوم ابتلأنا بوباء الكورونا، أن أداء الرئيس الدكتور حسان دياب مُبهِر ويلامس العجائب في السياسة التي ما عرفت الساحة اللبنانية نقاءها من قبل، وبالتالي فإن الرئيس دياب غير قابل للإبتزاز المذهبي، أولاً وثانياً لأنه قُدوة في العمل الوطني الجامع وليس حكراً على طائفته.
وإذا كنا نغفر ذنوب مَن امتطوا أكتاف الحراك المطلبي لمشاكسة عهد ميشال عون – حليف حزب الله -، فكيف لنا أن نغفر للراقصين على الضريح وأتباعهم، الرقص على قلوب اللبنانيين المُرتعِدَة بين أجهزة التنفُّس الإصطناعي وكُفر الجوع وصولاً الى الضحايا الذين سكنوا الأضرحة؟ ونتساءل: من أية طينة بعض المخلوقات على الساحة السياسية اللبنانية، تتشبَّث بالسلطة حتى الموت على وقع طبول الموت، ولا قيامة للبنان لو قامت قيامة هؤلاء وعادوا يوماً الى السلطة التنفيذية، ونترك لشريعة ضمائر الناس أن تحكُم مصيرهم في السلطة التشريعية…
المصدر: الثبات