🌷♰🌷
لا أُريدُ أن أُعاقِبَ بشريَّةً مُتألِّمةً بل أُريدُ أن أَشفِيَها ضامًّا إيَّاها إلى قلبي الرحوم. (القديسة فوستينا)
مِن أهمّ المذكّرات الكنسيّة حول الرحمة والعدالة ، كلمات كتاب “الرحمة الإلهية في داخلي” للقديسة فوستينا كوالسكا، رسولة الرحمة الإلهيّة في الكنيسة !
سِمعَت القدِّيسةُ فوستين هذه الكلماتِ مِن الربِّ:
« لا تتعبي من إعلانِ رحمتي. بذلك تُنعِشينَ قلبي الَّذي يتحرَّقُ بنارِ الرأفةِ على الخطأة. قُولِي للكهنةِ إنَّ القلوبَ المُتحجِّرة ستَتُوبُ لِسماعِ كلماتِهم عندما يتحدَّثونَ عن رحمتي الَّتي لا تُدرَك، وعن الرأفةِ الَّتي أَكُنُّها للخطأةِ في قلبي.
صفات الرّب الثلاث الأهمّ
180- أعطاني الرب النّور الوافر لأفهَم صِفاته. أعطاني أن أعرف أوّل صفة له،
1- قداسته: هي فائقة العظمة، حتّى أنّ كلّ القوّات والفضائل ترتعدُ أمامه. إنّ الأرواح الطّاهرة تَستُر وجهها وتذوب في عبادةٍ لا نهايةَ لها وتُعبِّر بكلمةٍ واحدةٍ عَن أسمى أشكال العبادة: قدّوس …
2- عدالته: وهي جدّ عظيمة تختَرقُ الأشياء وتصِل إلى عُمق لبّها، فتَقِف في حَضرته في حقيقتها العارية ولا يستطيع شيءٌ مُجابهته.
3- المحبّة والرحمة: وفهِمتُ أنّها أكبر صِفاته. تُوحّد الخليقة بالخالق. وقد عرّف عَن هذا الحبّ الشاسع والرحمة العميقة في سرّ تجسّد الكلمة وفي سرّ فداء البشريّة. وأرى هنا أنّ هذه هي أكثر صفات الله عَظَمة !
الرّحمة تسبق العدالة ولا تلغيها إلّا في حال التوبة !
فغضب الله ليس ظلمًا أو شرًا، بل حقّ وعدلٌ بل رحمة أيضًا ! …
كتبت الأخت فوتسين:
474- رأيتُ علامة غضب الله على وَشك أن يضرب الأرض، في مكانٍ محدّد لا أستطيع تسميته لأسبابٍ مُحقّة، رحتُ أتوسّل الى الملاك أن يَتمَهّل قليلاً فيَتوب العالم !
39- في أحد الأيّام قال لي يسوع أنّه سوف يُنزِلُ عقابًا على إحدى أجمل المدن في بلادنا، وسيكون العقاب نفسه الذي أرسله الله ليعاقب سدوم وعمورة. لقد شاهدتُ غضب الله العظيم فارتجف قلبي رُعبًا. صلّيت بصمتٍ، فقال لي يسوع بعد لحظات:
“يا ابنتي، اتّحدي بي بشدّةٍ الذبيحة الإلهيّة، وقدّمي دمي وجراحي إلى أبي، تكفيرًا عن ذنوب تلك المدينة. كرّري هذا الكلام دون انقطاعٍ طوال القدّاس. قومي بذلك لمدّة سبعة أيام.”
في اليوم السابع رأيت يسوع في سحابةٍ مشرقةٍ، عندها رحتُ أتوسّل إليه أن يرمق تلك المدينة وبلادنا كلّها بنظره. فنظرَ يسوع بلطفٍ. عندما رأيت طيبة يسوع، بدأت أرجوهُ بركَته. فقال يسوع على الفور: “من أجلكِ أبارك البلاد كلها.” راسمًا إشارة صليبٍ فوق بلادنا.”
قال الرّب يسوع الى الأخت القديسة:
« في العهد القديم، أرسلتُ أنبياءَ يُحسِنُونَ ٱستعمالَ التهديدِ لشعبي. أمَّا اليومَ، فإنَّني أُرسِلُكِ مع رحمتي إلى كلِّ شعوبِ العالَم. لا أُريدُ أن أُعاقِبَ بشريَّةً مُتألِّمةً بل أُريدُ أن أَشفِيَها ضامًّا إيَّاها إلى قلبي الرحوم. ولا أستعمِلُ القصاصَ إلاَّ ساعةَ يجُبرونَني عليه. تتقاعسُ يدي في حملِ سيفِ العدالة. أستَبِقُ يومَ الدينونةِ بيومِ الرحمة !
فلتتعرّف البشريَّة كلّها إلى رحمتي التي لا تُسبَر، فهي علامةُ نهايةِ الأزمنة، ثَُّم يأتي يومُ العدالة. وما دامَ الوقتُ لَم يُداهِمها بعدُ، فلتُسرِعْ إلى ينبوعِ رحمتي، ولتستَفِد مِن الدم والماءِ اللذين فاضا من أجلِها !! (847 – 848)
1146- ليضَعِ الخطأةُ الكبارُ ثقتَهُم برحمتي. لهم الحقُّ قبل غيرهم بأن يثقوا بلُجّةِ رحمتي. يا ٱبنتي، ٱكتُبي عن رحمتي إلى النفوسِ المعذَّبة. إنَّ النفوسَ الَّتي تسترحمني، تُرضيني. أَهَبُ لمثْلِ هذه النفسِ أكثَرَ ممّا تطلُب من نِعمٍ. لا أستطيع أن أُعاقِبَ خاطئًا كبيرًا إذا ما ٱسترحمني، بل بالعكس، سأُبرِّرُهُ برحمتي الَّتي لا تُدرَك ولا تُوصَف. أُكتُبي: قبلَ أن أعودَ قاضيًا، أفتَحُ أوَّلاً بابَ رحمتي. وينبغي على مَن يرفضُ أن يَمُرَّ عبرَ بابِ رحمتي، أن يَمُرَّ عبرَ بابِ عدالَتي .»
ولَمَّا سألَتِ الربَّ كيف يَسمحُ للنُفوسِ بٱرتكابِ الخطايا والجرائم دون أن يُعاقِبَها، أجابَها يسوع:
1160- « أمامي الأبديَّةُ لأُعاقبَها. لذا أُعطي وقتًا أطوَلَ للرحمةِ من أجلِ الخطايا. ولكنِ الويلُ لهم إن لَم يتعرَّفوا إلََّي وقتَ زيارتي»
كما قال لها مرّةً عن صَلواتها وتضحياتها:
475- لو لم تُكبّلي يديَّ لأنزلتُ على الأرض العديد مِن العقوبات !
وقد قالت لها مريم أُمُّ الله في إحدى المرات :
كم يرتضي اللهُ بالنفسِ الَّتي تتبعُ بأمانةٍ إلْهاماتِ نِعَمِه ! لقد أَعطَيْتُ المخلِّصَ للعالَم. أمَّا أنتِ، فعليكِ أن تُحدِّثي العالَم عن رحمةِ الله الكبيرةِ وتُعدِّيه لمجيئهِ الثاني، فهو سيأتي لا كمُخلّصٍ رحوم، بل كقاضٍ عادلٍ. آه! كم هو مُخيفٌ ذلك اليومُ. يومُ العدالةِ مُقرَّرٌ: يومُ الغضبِ الإلِهيِّ. ترتجفُ الملائكةُ أمامه. حدِّثي النُفوسَ عن تلكَ الرحمةِ الكبيرةِ ما دام هناكَ وقتٌ (للحصول عليها). إذا لازَمْتِ الصمتَ فسيتوجَّبُ عليكِ أن تُؤدِّي حسابًا عن عددٍ كبيرٍ من النُفوسِ في ذلك اليوم.
إنّي لستُ فقط ملكة السماء والأرض، بل أنا أيضًا أمّ الرحمة الإلهيّة
أنشدت القديسة فوستين هذه الصلوات:
1159- لقد فُتِحَت سُدودُ الله الَّتي تتدفَّقُ مِنها المياه. فلنَستفِدْ منها قبلَ أن يأتِي يوم العدالة لأنَّه سيكونُ يومًا مُخيفًا»
423- سبّحي الله يا نفسي مِن أجل كلّ شيء ومجّدي رحمته لأنّ صلاحه لا نهاية له. كلّ شيء يمضي ما عَدا رحمته فلا حُدود لها ولا نهاية. وبينما للشّر قياس فلا قياس للرحمة !
يا إلهي، إنّي أرى لُجَّة رحمتكَ حتّى في القصاص الذي تُرسِله على الأرض، لأنّك بِعقابكَ لنا هنا على الأرض تحرّرنا مِن العقاب الأبدي.
ختامًا الرّب يشرح بكلّ بساطةٍ ووضوح !
1728- أكتبي: أنا ثالوث قدّوس وأكره أصغر الخطايا. لا أستطيع أن أحبّ نفسًا تلطّخت بالخطيئة. ولكن عندما تتوب، لا يبقى حدود لكرمي نحوها. تغمرها رحمتي وتبرّرها، أتعقّب برحمتي الخطأة في كلّ سبُلهم ويبتهجُ قلبي عندما يرجعون إليّ. أنسى المرارة التي ملأوا بها قلبي وأفرح بِعودتهم.
قولي للخطأة: لا أحد يستطيع أن يفلُت مِن قبضة يديّ. إذا هربوا مِن قلبي الرحوم فسيقعون في يديّ العادِلتَين.
قولي للخطأة إنني دائمًا بانتظارهم، وإنني أصغي بانتباهٍ الى نَبضات قلبهم، متى ستنبُض لي.
أكتبي أنّني أتحدّثُ إليهم مِن خلِال وَخز ضميرهم، مِن خلال سقطاتهم وآلامهم، مِن خلال العواصف ومِن خلال صوت الكنيسة.
إذ ما بذّروا نعمي سأغضبُ عليهم وأتركهم وحدهم فينالون ما أرادوه.
المصدر: قلب مريم المتألم الطاهر