رفول «الصخرة» وزير القصر: وصل نضالنا (غراسيا بيطار الرستم)
– لا يمكنك أن تحرر وطناً مع شعب «خوّيف» يجب أن تحرر الناس وتشعرهم بالاطمئنان لكي نحرر الوطن معاً».
«وصل نضالنا».. هو لسان حال البرتقاليين كلما تسلم أحدهم مسؤولية جديدة. وهي حال بيار رفول. إنه «بطرس» صخرة التيار الوطني الحر، الذي عايش كل أجيال الحالة العونية.
قبل أن تهب عاصفة الرئاسة، وفي أحد مشاويرهما معاً في حديقة دارة العماد ميشال عون في الرابية، توجه «الجنرال» الى من كان يوصف مراراً بـ «ظل» العماد المتمرد قائلاً: «نحن رفاق من زمان وبدنا نكفي الحياة». لم يدرك عندها بيار رفول أبعاد كلمة «القائد». إنها التسمية الأحب على قلب رفول خلال حديثه عن «فخامة الرئيس». أمس الأول فهم أن «الجنرال» يريده الى جانبه في القصر في أي حقيبة قد تسند اليه. لم يسأل ولم يطلب، لكن ولدت حقيبة «وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية» لتبقي على العصب القائم بين الرجلين حياً. عصبٌ قام على النضال البرتقالي.
لم تكد تخلو إطلالات عون في «بيت الشعب» طوال أيام ما قبل النفي، من حضور طويل القامة وعريض المكنبين مرتديا السترة الحمراء. كان الرجل الأسمر صاحب الابتسامة الخجولة والصلبة في آن يقف دائماً إلى يمين الجنرال كالرمح. كمن يدافع عن مقدسات. عن وطن. وهذا بالتحديد ما يمثله عون بالنسبة الى ابن زغرتا. يروي لـ «السفير»: تعود العلاقة مع القائد الى عام 1976 حيث جذبني نهجه الوطني الرافض لتقسيم لبنان والساعي الى إرساء قواعد لبنان الوطن للجميع على أساس الإنسانية والمواطنية وليس الطائفية أو المذهبية أو غيرها من آفات مجتمعنا». يحب رفول في «القائد» طريقة تعامله مع العسكر. يسهر معهم. ويتألم لألمهم. يسأل عن مشاكلهم ويتابع. يقدّر فيه تجذره في الوطن. «لم يرحل الجنرال عن لبنان إلا منفياً. ولبنان الواحد كان حاضراً في مساره منذ عام 1977 عندما أسس اللواء الثامن مرورا بمشاركته في الحكومة والبرلمان وصولا الى رئاسة الجمهورية». شخصية العماد المتمرد مطبوعة على «صخرة» التيار. يعشق فيه تواضعه وقربه من الناس. سأله مرة عن سر تلك العاطفة وإحساس الأبوة التي يتعاطى فيها مع الوافدين الى بيت الشعب، فأجابه الجنرال: «لا يمكنك أن تحرر وطناً مع شعب «خوّيف». يجب أن تحرر الناس وتشعرهم بالاطمئنان لكي نحرر الوطن معاً».
آثر رفول البقاء في لبنان بعد محطة النفي المفصلية. كان يظن أن النضال يجب أن يستمر من الداخل. لكن نصائح كثيرة وردته من الرفاق بوجوب أن يغادر البلاد لأنه مستهدف فكانت الوجهة استراليا عام 1992. حمل رفول كل القصاصات التي كان يدوّن عليها أحداث تلك الفترة ووضعها في كتاب: «عون الصحوة. شهادة للتاريخ وعبرة للمستقبل»، والذي يسميه عون «ذاكرة التيار»، وأصدره في استراليا عام 1994. وهناك، على أرض الكونغورو، كانت أرضية «التيار» كبيرة. فوضع رفول الذي يحمل ديبلوما في العلوم الاجتماعية والفلسفة من جامعة الروح القدس في الكسليك، أول المداميك للانتشار البرتقالي في «الجبهة العالمية لتحرير لبنان» وإذاعة «ميدل ايست هارولد» وصحيفة «ليبانون فايلز» الناطقة بالانكليزية والعربية. «وعلى يده» تم الاتفاق مع بقية الرفاق على إطلاق اسم «التيار الوطني الحر» على الحالة العونية المتنامية عام 1996.
انضم، الحائز الدكتوراه في السياسة والتاريخ من «جامعة سيدني»، إلى «التنظيم» في أوائل الحرب وعمل في الإعلام والتوجيه في «حركة المقاومة اللبنانية». الشعار الذي كان يرفعه التنظيم على خريطة لبنان «تحبه اعمل له»، حاضر دائما في مسار القيادي العوني. فمع تسلّمه حقيبته الوزارية اليوم يقول: «وصولي هو جزء من نضالي. توسعت دائرة الخدمة التي نحرص على أن نقدمها لكل الناس». الأب لابنتين وصبي، يؤمن بالعمل الجماعي لأن الفرد لا يمكن أن يصل بمفرده. والأهم بالنسبة إليه الاستمرارية. وكأي عسكري تراه يحب أطراف الوطن المهملة. يتقن فن الخطابة بلهجة زغرتاوية محببة. وعندما يتعب الشباب، يرون فيه الطريق لإعادة حثهم على مزيد من العطاء.
المصدر: السفير