أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


تناول القربان الأقدس في اليد بين مؤيّد ومعارض..


في 28 ايلول 2015 أصدر أسقف موستار المسؤول عن مديوغوريه، راتكو بيريتش، تعليمات للحجّاج القادمين الى البلاد تخص تناول القربان الأقدس. فقد أمر بمنع المناولة باليد في أبرشيته وحصر التناول على اللسان فقط.

من المعروف ان هناك الكثير من المؤمنين في العديد من البلاد يتناولون القربان الأقدس من الكاهن في اليد. في مديوغوريه التي يتمسّك شعبها بالمناولة التقليدية عبر الفم، يصّر بعض الحجّاج على ان يتناولوا هم في اليد.

ما أصل المناولة باليد
عادة ممارسة المناولة باليد ظهرت أول مرة في بلجيكا في بداية الستينات من القرن العشرين، على يد الكاردينال سونينس Cardinal Suenens  وبذلك أعلن عصيانه على الكرسي الرسولي. لم يرغب البابا بولس السادس في توبيخ الكاردينال علناً، فقرّر رفع حظر التناول باليد، وترك لأساقفة بلجيكا القرار الفردي حيث يتم ممارسة المناولة بهذه الطريقة فقط. لكن من هناك بدأت تنتشر بسرعة في كنائس هولندا فرنسا والمانيا.

وفي عامي 1975 و 1976 كان هناك محاولتين فاشلتين في طرح مسألة التناول باليد للمناقشة بين اساقفة الولايات المتحدة. قام بهما الكاردينال جوزيف برناردين Cardinal Joseph Bernardin رئيس مؤتمر اتحاد الأساقفة في الولايات المتحدة (NCCB). وفي ربيع عام 1977 عجز في محاولته الثالثة عن بلوغ أغلبية الأصوات المطلوبة (ثلثي عدد الأساقفة). ومع ذلك، وللمرة الأولى على الإطلاق تم استطلاع رأي الأساقفة غيابياً عن طريق البريد بعد انتهاء المؤتمر. في وقت لاحق أعلِن انه تم الحصول على الأغلبية المطلوبة وبذلك نجح الاساقفة الداعمون لمسألة المناولة باليد في تمرير الإجراء. وقد ذكر العديد من القانونيين الكنسيين ان هذا الإجراء باطل وغير قانوني. وشهد الأسقف بلانشيت  Bishop Blanchette والكاهن جون هاردن   Fr. John Hardon ان بين الأساقفة الذين أدّوا رأيهم بواسطة البريد اساقفة متقاعدين وايضاً متوفّين.

للأسف هناك الكثير من الكاثوليك الذين لم يعودوا يؤمنون بالوجود الحقيقي للرب يسوع في القربان الأقدس. مما لا شك فيه ان ذلك نتيجة تقليص أهمية الحقيقة، وفي بعض الأحيان حذف العديد من رموز وعلامات العبادة. واحدة من علامات العبادة التي تم التخفيض من أهميتها هي ممارسة التناول بالفم.

نتيجة ذلك قدّم مؤخراً رئيس الأساقفة مالكولم رانجيث Archbishop Malcolm Ranjith سكرتير المؤتمر الفاتيكاني للعبادة الإلهية ونظام الأسرار المقدسة، إقتراحاً بتعديل نظام المناولة باليد او حتى نبذه تماماً. يؤمن رئيس الأساقفة رانجيث ان إدخال هذه الممارسة بعد المجمع الفاتيكاني الثاني أدّى الى انتهاك وتدنيس نحو الرب يسوع في القربان الأقدس، مسبّباً ضرراً جسيماً للكنيسة وللنفوس.

هذه الممارسة لم يقرّرها المجمع الفاتيكاني الثاني ولم يقدّمها على انه استجابة لطلب العلمانيين. ان الممارسة التقوية المتّبعة هي تلقّي القربان الأقدس ركوعاً وعلى اللسان، بدلاً من ذلك تم التغيير بشكل سريع وغير صحيح وانتشر على نطاق واسع قبل الموافقة عليه رسمياً من قبل الفاتيكان.

 عالم حقيقي، انتهاكات حقيقية
في زمننا هذا، خلاصة الإيمان الكاثوليكي، حضور ربّنا يسوع المسيح في سر الحبّ، الإفخارستيا المقدسة، يقع تحت هجوم يومي. وضع القربان الأقدس في ايدي المتقدّمين من سر التناول قد شرّع الباب للعديد من أعمال عدم التوقير والتدنيس.

فيما يلي بعض الشهادات الموثّقة قام بجمعها محرّر صحيفة في زوريخ سويسرا:

– “في أحد المطاعم ، قطع بعض الشباب قربانة قد تناولها أحدهم في يديه، ليشاهدوا إذا ما كانت ستنزف دماً، بعد ذلك ألقوا بها في المرحاض”.(1969 – الشاهد -صاحب المطعم).

– “في منشأة للتنظيف الجاف، وجدنا قربانة في بنطلون صبي. اعترف الصبي بأنه حصل عليها بطريقة ملتوية، وذلك بفضل المناولة باليد”.(10/1/1970 – الشاهد صاحب المنشأة).

– “في هولندا، كان بعض الطلاب يقومون بتجارة مزدهرة وهي بيع القرابين المكرسة، وذلك بفضل التناول باليد. يجمعونها ويرتبونها على الحائط، مثل الفراشات. تم العثور على حوالي 200 من القرابين بهذه الطريقة… “(الشاهد: كاهن الرعية).

-“امرأة كانت تحضر القداس مرتين في اليوم في كنيستين مختلفتين لاحظت ان رجلاً كان يحضر القداس في هاتين الكنيستين، كان يأخذ القربان باليد في كل مرة ويُخفيه في ثيابه. (مرّتين يوميا)… استنكرت المرأة هذا العمل واشتكت إلى النائب العام الذي تربطها فيه معرفة جيدة. فأرسل رجال تحرّي الى عنوان هذا الرجل وتم القبض عليه بينما كان يغادر منزله. فتحوا الحزمة التي كان يحملها فوجدوا انها تحتوي على سبعة عشر قربانة!!! عند استجوابه، اعطاهم أسماء الأشخاص الذين يعمل من أجلهم، وقال انه يتلقّى بعض الفرنكات مقابل كل قربانة”. (الشاهد: كاهن دومينيكاني)

ماذا يقول التاريخ الكنسي وقوانين الكنيسة في المناولة :

مراجعة الأدلة المتوفرة من تاريخ الكنيسة وكتابات آباء الكنيسة لا تدعم الادعاء بأن ممارسة المناولة في اليد كانت متداولة عالمياً والتي تم تدريجيا تبديلها والاستعاضة عنها في نهاية المطاف بالمناولة على اللسان بدلا من ذلك، بل إن الحقائق تشير إلى استنتاج مختلف تماماً.

البابا القديس لاون الكبير (440-461) منذ القرن الخامس كتب في تعليقه على انجيل يوحنا الفصل السادس :“ان الشخص يستلم في فمه ما يعلمه من خلال الإيمان”. علاوة على ذلك ، في رتبة القداس في القرن التاسع يظهر جليّاً ان المناولة كانت تتم عبر الفم .

البابا لاون الكبير والبابا القديس سيكستوس الأول، مجمع ترينت، وقرون عديدة من التقليد والتراث الكنسي، هو مثال ساطع ومجرّد عيّنة من الأدلّة التاريخية الموثوق بها كافية للإشارة الى موقف الكنيسة الثابت فيما يتعلّق بالمناولة باليد:

البابا سيكستوس الأول (115-125) “يحظر على المؤمنين حتى لمس القربان المقدس او تلقّيه في اليد” .

العلامة أوريجانوس (185-232) :“يا ايها المعتادون على معونة الأسرار المقدسة إعلموا كيف ، حين تستقبلون جسد الرب ، عليكم التقدّم بكامل الخشوع ، لئلا يقع القربان أرضاً، ويضيع منك نصيبك من الهدية المقدّسة . انك تراها جريمة ، وهي كذلك ، إن وقعت إحدى القرابين بسبب الإهمال” (من عظته ال13 عن سفر الخروج).

القديس باسيليوس الكبير(379-330) أحد أربعة الآباء الشرقيين يعتبر المناولة في اليد غير طبيعياً الى درجة انه سمّاه خطيئة جسيمة – الرسالة 93 .

– مجلس سراكوزا المنعقد سنة 380 تقرّر فيه معاقبة اي شخص بالحرمان إذا تجرأ على قبول المناولة في اليد.

المجلس الكنسي المحلي في روان فرنسا (650) أعلن “لا تضع القربان الأقدس في يد رجل علماني او إمرأة علمانية بل فقط في فمهم .

مجمع القسطنطينية (692) المعروف بمجمع ترولو وليس احد المجامع المسكونية – “يُحظر على المؤمنين تقبّل القربان الأقدس بأنفسهم . وأعلنت انه سيتم حرمان الشخص الذي يفعل ذلك لمدة اسبوع”.

مجمع ترينت الجلسة 13 الفصل 8 :“في التناول السريّ جرت العادة دائماً في الكنيسة الكاثوليكية أن العلمانيين يتقبّلون المناولة من الكهنة، وإن الكنهة المحتفلين يتناولون بأنفسهم [القانون 10]، وبما أن هذه العادة تقليدٌ رسولي وجب التقيد بها بحقّ”.

ذكر الأب جورج راتلر Fr. George Rutler  في عظته يوم الجمعة العظيمة في كنيسة القديسة أغنيس، نيويورك في عام 1989، انه عندما سأل المادري تيريزا ، “ما رأيك هي أسوأ مشكلة في العالم اليوم؟” بما انها حسب رأيه أكثر الأشخاص قدرة ومعرفة على تسمية أي عدد من المشاكل والآفات : المجاعة ، الطاعون ، المرض، تفكك الأسرة، والتمرد على الله، فساد وسائل الإعلام، الديون العالمية ، التهديد النووي وهلم جراً . أما هي فأجابت بدون التوقف ثانية للتفكير: “أينما أذهب في العالم كله، الشيء الذي يجعلني أكثر حزناً هو مشاهدة الناس يتقبّلون  القربان الأقدس ، جسد المسيح ، في اليد”. (كان الأب ايمرسون من رهبانية القديس بطرس أيضا شاهد على تصريح الأم تيريزا هذا).

خسارة فادحة في الإيمان :

ثمرة أخرى نتجت عن المناولة في اليد هي الخسارة المُروعة في إيمان الكثيرين في الحضور الفعلي والحقيقي ليسوع المسيح في سر الإفخارستيا. فقد أظهر استطلاع غالوب منذ عدة سنوات بين الكاثوليك ان 30% فقط أظهروا معرفة صحيحة فيما يتعلّق بالإفخارستيا المقدسة. 70% أظهروا درجات مختلفة من المعرفة ومن بينهم من انعدمت المعرفة عندهم على الإطلاق. في واقع الأمر، هناك معلمين للدين المسيحي الذين يشهدون ان بعض الشباب الكاثوليكي اليوم لا يؤمن بإستحالة القربان الأقدس الى جسد ودم وروح وألوهية يسوع المسيح، حتى بعد أن عادوا الى ممارسة المناولة عن طريق الفم. الممارسة الجديدة لم تنقل لهم الحقيقة العظمى في الوجود الحقيقي ليسوع في القربان.

وقد أكّد الأب جون هاردن Fr. John Hardon هذه الحقيقة بهذه الكلمات: “وراء المناولة في اليد – أرغب أن أكرّر وأوضّح بقدر الإمكان – بأنها خطة تهدف الى إضعاف متعمّد ومقصود لزعزعة الإيمان في وجود يسوع القرباني!

إن تناول القربان الأقدس في اليد هو تدنيس للمقدّسات !

كل تناول في اليد يجلب للمؤمن المزيد من العقاب!
لم يكن تناول القربان في اليد، ولن يكون أبداً مقبولاً في السماء. إنه تدنيس للمقدّسات في عيني الآب الأزلي، ويجب ان لا يستمر، فالذين يمارسونها انما يضيفون الى عقوبتهم عندما يواصلون في الطرق التي لا تسرّ الآب السماوي .

إن الطريقة المهينة التي سارعوا في فرض المناولة في اليد بعد المجمع الفاتيكاني الثاني أدى الى إنحطاط مريع في تقديس واحترام القربان الأقدس. مسبّباً ألماً كبيراً للكثيرين في الكنيسة. وأيضاً إضطراب وتشويش للمؤمنين، الذين، وبكل حق – خاصة في ضوء الفقدان الساحق للإيمان بوجود الرب يسوع في القربان الأقدس – يُخشى ان قلب الإيمان الكاثوليكي قد تعرّض للخطر.

علاوة على ذلك، المناولة في الفم تساعد على تعزيز الشعور الملائم والصحيح بالخشوع اللازم والعبادة الواجبة لهذا السرّ العظيم. لقد آن الأوان أن تعاد هذه الممارسة الى سابق مكانتها وأهميتها – ليس فقط لمجد الله الأعظم لكن ايضاً من أجل خلاص النفوس .