خطوة واعية لمدير المستشفى رفيق الحريري: العلاج الإيماني (الماء المقدس من تراب القديس) بمكتبو للمريض الراغب بذلك (أمين أبوراشد)
ليست المسألة في مَن يؤمن بعجائب قديس لبنان العظيم ومَن لا يؤمن، لأن عدد المُسلمين الذين يرتادون عنَّايا وسواها من مزارات مار شربل يفوق المسيحيين بكثير، لكن المشكلة أن الإعلام المُتفلِّت دخل على الخط عبر الشاشات ومواقع التواصل، وصبَّ كالعادة الزيت على النار، في موضوع ظهور القديس على سيدة، وطلبه منها أن تأخذ حفنة من ترابه، وتغليها وتُصفِّيها عبر “فيلتر طُبِّي” وتُعبِّئها بوعاء زجاجي مُحكَم الإغلاق، وتحملها الى مرضى الكورونا في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، ورفض الأطباء هناك إعطاء المرضى أي شيء خارج عن نطاق العلاج الطبي، من منطلق علمي بحت، تماماً كما يرفض أي طبيب أدخال علاج طبيعي لمريضه كمُركَّبات الأعشاب على سبيل المثال.
وحيث أن إعلامياً مُثيراً للجدل، تنطَّح مع زوجته الإعلامية الأكثر إثارة للجدل، ونَوَّهَا برفض الأطباء استلام “نعمة” مار شربل، قامت القيامة بين فريقين كلاهما على حق: “فريق مار شربل” عليه السلام المؤمن بشفاعته، وفريق شاء التمسُّك بالعلاج الطُّبِّي العلمي، مما دفع بمدير المستشفى فراس الأبيض الى حسم الأمر، واستقبال العلاج الإيماني في مكتبه، على أن يُعطي جرعة منه للمريض الراغب بذلك، والحكاية حجمها ليس أكثر من ذلك، مع تنويهنا بالخطوة الواعية التي اتَّخذها مدير المستشفى.
مشهدية المؤمنين بالقديس شربل عليه السلام، الذين زحفوا بعد هذه الحادثة الى عنَّايا من مختلف الطوائف للتزوُّد ببركة التراب، كافية لحسم الجدل، لأن المؤمن لا تعنيه الحسابات الضيقة التي تجرأت على جعل عجائب القديس مادة جدلية جدالية، وهنا نتناول الموضوع من زاوية المستوى المُتدنِّي في التخاطب السياسي والإعلامي، لدرجة أن كل الأحقاد التي تراكمت خلال الأشهر الأربعة من الحراك الشعبي، وما أنتجها من ثورة دمَّرت البلد، هذا المستوى يتجرأ البعض مِمَّن يحملون الإحتقان الشوارعي الى إدخال قُدسية مار شربل فيه، وهنا بيت القصيد كل بيت القصيد في المقالة.
بناء عليه، ولأن الشعب اللبناني قد بلغ به اليأس مرحلة مُتقدِّمة وأخطر من الكورونا، بات يهرب من أهل الأرض الى حيث الله أقرب، وتحديداً الى حريصا وعنَّايا وسواهما، ليرتاح من كل ما يربطه بواقعه الأليم، يبكي الوجع عند أقدام سيدة حريصا أو يتمرَّغ بتراب مار شربل في عنَّايا لا فرق عنده، وهذا المؤمن بالذات، فقدَ الثقة بكل أهل الأرض، ولم يبقَ له سوى رحمة الله وشفاعة القديسين، دعُوه يرتاح حيث يجِد راحته، ويتداوى منكم ومن نتائج خلافاتكم، وهو يعرف أن دواءه الشافي هناك، حيث الصخر والسنديان والسلام الداخلي في أحضان مار شربل، عسى عجيبة مار شربل تشفيكم من كورونا الحقد…