أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


عن عرس قانا كما رأته ماريا فالتورتا.. يسوع: “لنذهب ونُفرح والدتي”.. “اشكروا مريم”..

maria-valtorta.org/Lieux/CanaVu


بخصوص “ما لي ولكِ بعد اليوم؟”: تذكّروا معجزتي الأولى حَصَلَت بواسطة مريم.. أنا لا أرفض شيئاً لوالدتي، وبسبب صلاتها أجعل النعمة سابقة لأوانها..
🌸 ♰ 🌸
++++++++++++++++++++++++++++

يسوع مع يوحنّا ويهوذا تادّيوس، إنما يمكنني أن أخطئ بالنسبة إلى الثاني.
عند الاقتراب من المنزل وسماع صوت الموسيقى، يَستَفسِر مُرافِق يسوع مِن أحد الرجال مِن الشـعب ويُعلمه.

يقول يسـوع مبتسـماً: “لنذهب ونُفرح والدتي”.

وينطلق عبر الحقول مع مرافقيه باتّجاه المنزل …

إنّ مريم من أهل أو من أصدقاء الزوج الحميمين، ذلك أنّني أراهم في انسجام تام.

عندما يَصِل يسوع يُخطِرُ الخَفيرُ الآخرين، فينزل ربّ المنزل للقاء يسوع ومعه وَلَده العريس ومريم، ويحيّيه باحترام، ويحيّي كذلك الآخرين، ويفعل العريس الشيء نفسه.

أمّا ما أثار إعجابي فهو تحيّة مريم لابنها المفعمة باحترام مُحِبّ، والعكس كذلك.
ليس هناك اندفاع في إظهار العواطف، إنّما نظرة تُصاحِب كلمات التحيّة: “السلام معكَ.” مع ابتسامة تساوي مائة قبلة ومائة معانقة. إنّها تَضَع فقط يدها البيضاء على كتف يسوع وتلمس تقصيبة من شعره الطويل في مداعبة عاشِقة عفيفة.

يَصعَد يسوع إلى جانب والدته، يتبعه التلميذان وصاحب المنزل، ويدخل غرفة الاستقبال حيث تهتمّ النساء بإضافة كراسي ولوازم المائدة للزوّار الثلاثة غير المنتَظَرين، على ما يبدو لي.
أظنّ أنّ مجيء يسوع كان غير مؤكّد ومجيء صاحبيه غير مُنتَظَر بتاتاً.

أَسمَع جليّاً صوت المعلّم الممتلئ، الرجوليّ، واللطيف جدّاً يقول وهو يَدخُل الغرفة: “السلام لهذا البيت وبركة الله تحلّ عليكم جميعاً.” تحيّة جماعيّة لكلّ الموجودين ومفعمة وقاراً.
يُهيمن يسوع على الجميع بقوامه ومظهره.
إنّه الضيف، وغير الـمُنتَظَر، ولكنّه يبدو ملك الحفل، أكثر من العريس وأكثر من ربّ البيت، مع بقاء كونه متواضعاً ومُتَنازِلاً، فهو يفرض احترامه.
يتّخذ يسوع له مكاناً على الطاولة الرئيسيّة مع العريس والعروس وأهل العروسين والأصدقاء ذوي المكانة الفضلى. أمّا التلميذان، فاحتراماً للمعلّم، يوضع لهما كرسيّان على الطاولة ذاتها.

ظَهْر يسوع إلى الجدار حيث الجِّرار، فهو إذن لا يراها ولا حتّى إنهماك كبير الخدّام حول أطباق اللحوم المشويّة التي تُجلَب مِن خلال بويب أرضيّ بجانب طاولات الخدمة.

لاحَظتُ شيئاً. لا يجلس مِن النساء على هذه الطاولة سوى مريم ووالدتي العروسين. كلّ النساء موجودات ويُحدِثن الضجيج على الطاولة الممتدّة على طول الجدار والتي تُخدَم بعد العروسين والضيوف المتميّزين. يسوع إلى جانب ربّ البيت ومريم في مقابله إلى جانب العروس.

يبدأ الطعام، وأؤكّد لكم أنّ الأكل على قدم وساق وكذلك الشرب. إثنان يأكلان ويشربان قليلاً، هما يسوع ووالدته، وهما كذلك يتكلّمان قليلاً جدّاً. يسوع يتكلّم أكثر قليلاً. إلّا أنّه، رغم كلامه القليل، فهو ليس عابساً في حديثه ولا متعالياً. إنّه رجل مُجامِل إنّما ليس ثرثاراً. عندما يُسأل يجيب ويهتمّ بما يُقال له ويُدلي برأيه، ثمّ بعدئذ يعود إلى خلوته كمن اعتاد التأمّل. إنّه يبتسم ولكنّه لا يضحك أبداً. وإذا سَمِع نكتة تتجاوز الحدود يتصرّف كمن لم يسمع شيئاً.

تتغذّى مريم من تأمّل يسوعها وكذلك يفعل يوحنّا الجالس على طرف الطاولة الذي يظلّ متعلّقاً بما يقوله معلّمه
تُلاحِظ مريم أنّ الخدّام يتحدّثون إلى كبير الخدم وأنّ هذا الأخير منزعج وتُدرِك أنّ شيئاً ما يجري على غير ما يرام.

“يا ابني.”
تقولها بهدوء لافتةً إنتباه يسوع بهذه الكلمة.
“يا ولدي، لَم يَعُد لديهم خمر.”

“ما لي ولكِ، بعد اليوم، يا امرأة؟”
ويبتسم يسوع لدى قوله هذه الجملة بلطف أكثر، وتبتسم مريم، مثل اثنين يعرفان حقيقة، هي سرّهما السعيد الذي يجهله الجميع.

تأمر مريم الخدّام: “كلّ ما يقوله لكم فافعلوه.” لقد قَرَأَت مريم في عيني ابنها الباسمتين الموافقة المغشّاة بأمثولة عظيمة لكلّ ‘المدعوين’.

ويأمر يسوع الخدّام: “املَأوا الجرار ماء.”
أرى الخدّام يملأون الأجاجين ماء محمولاً من البئر ( أسمع صرير البَكَرَة التي تُصعِد وتُنزِل الدلو الذي يَطفَح.) أرى كبير الخَدَم الذي يستقي القليل من هذا السائل بذهول، وهو يجرّبه بإيماءة دهشة كبيرة ويتذوّقه. ثمّ يتحدّث إلى ربّ البيت والعريس الذي بجواره.

تنظر مريم أيضاً إلى ابنها وتبتسم، ثمّ بينما يردّ عليها بابتسامة تخفض رأسها وقد اعتراها الاحمرار قليلاً.
إنّها سعيدة.
تجري همهمة في الغرفة. الرؤوس تدور صوب يسوع ومريم. يَقِفون لِيَروا بشكل أفضل. يذهبون صوب الجِّرار. صَمت، ثم سَيل مِن المديح ليسوع.

لكنّه يقف ويقول كلمة واحدة: “اشكروا مريم”. ومن ثمّ يترك الوليمة.

وعند العتبة يكرّر: “السلام لهذا البيت وبركة الله عليكم جميعاً.” ويضيف: ” أحيّيكِ أمي.”


يسوع يشرح لي معنى الجملة هذه: الـ “بعد اليوم“، التي يَـمُرُّ عليها الكثير مِن المترجِمين بالصمت واللامبالاة هي مفتاح الجملة، وهي التي تشرحها بمعناها الصحيح.

لقد كنتُ الابن الخاضع لأمّه حتّى اللحظة التي أشارَت لي فيها إرادة أبي أنّ الساعة قد زَفَّت لأكون المعلّم. فاعتباراً من اللحظة التي بَدَأَت فيها الرسالة، لم أعد الابن الخاضع لأمّه، بل خادم الله. والروابط التي تربطني بمن حَبلت بي وولدتني قد انقَطَعَت. لقد تحوَّلَت إلى روابط ذات طبيعة أسمى كثيراً.

لقد ارتَدَّت كلّها إلى الروح.

فالروح ينادي دائماً مريم، قدّيستي “ماما”.

والحبّ لم يعرف حدوداً، ولم يَفتَر، إنّما على العكس تماماً، لم يكن أبداً كاملاً بقدر ما كان عليه لحظة انفصالي عنها من أجل ولادة ثانية، حيث وَهَبَتني للعالم، من أجل العالم، كماسيا، كمبشّر.

وأمومتها الروحانيّة الثالثة السامية كانت عندما، في انفطار القلب على الجلجلة، وَلَدَتني للصليب جاعلة منّي فادي العالم.

“ما لي ولكِ بعد اليوم؟” لقد كنتُ في البدء لكِ، فقط لكِ. لقد كنتِ تأمرينني وكنتُ أطيعكِ. كنتُ خاضعاً لكِ. والآن أنا لرسالتي.

ألم أقل ذلك؟: “إنّ مَن يَضَع يده على المحراث ويلتفت إلى الوراء لتحيّة مَن بَقِيَ فهو غير أهل لملكوت السماوات”.

لقد وَضَعتُ يدي على المحراث لأفتح بالسكّة ليس الأرض بل القلوب، لأزرع فيها كلمة الله. ولم أرفع هذه اليد إلّا حينما انتَزَعوها منّي ليسمّروها على الصليب، ولأفتح بعذاب هذا المسمار قلب أبي بإخراجي مِن الجرح الغفران لكلّ البشريّة.

هذه الـ “بعد اليوم”، التي نَسِيَها الكثيرون كانت تريد قول هذا: “كنتِ لي كل شيء، أيّتها الأمّ، طالما كنتُ يسوع بن مريم الناصريّ، وكنتِ كلّ شيء في روحي، ولكن مُذ أصبحتُ ماسيا الـمُنتَظَر فقد أصبحتُ في ما هو لأبي.

انتظري قليلاً بعد، وما أن تنتهي رسالتي حتّى أعود من جديد بكلّيتي لكِ. سوف تضمّينني كذلك بين ذراعيكِ كما حينما كنتُ صغيراً، ولن يزاحمكِ أحد على ذلك، هذا الابن الذي هو لكِ والذي سيُنظَر إليه وكأنّه عار البشريّة، والذي ستُرمى لكِ جثّته لتلبسي أنتِ أيضاً خزي كونكِ أُمّ مجرم. ومن ثمّ سوف تحصلين عليّ من جديد منتصراً، وثمّ ستحصلين عليّ على الدوام منتصرة أنتِ أيضاً في السماء.

أمّا الآن فأنا لكلّ هؤلاء الناس وأخُصّ الآب الذي أرسَلَني إليهم.
هذا ما عَنَته الـ “بعد اليوم” الصغيرة الـمُحَمَّلة بالدلالات.

أعطاني يسوع هذه المعلومة:

عندما قُلتُ للتلاميذ: “هيّا بنا نُفرِح والدتي”. أردتُ إعطاء هذه الجملة معنى أسمى ممّا يبدو. فلم يكن ذلك الفرح برؤيتي، إنّما بأن تكون البادئة بنشاطي العجائبيّ، وأولى الـمُحسِنات إلى البشريّة.

تذكّروا ذلك على الدوام.
معجزتي الأولى حَصَلَت بواسطة مريم.

الأولى.

وهذا هو الرمز إلى أنّ مريم هي مفتاح المعجزة، فأنا لا أرفض شيئاً لوالدتي، وبسبب صلاتها أجعل النعمة سابقة لأوانها. أَعرِف والدتي، فهي في المرتبة التالية بعد الله في الصلاح.

أنا أعرف أنّ منحكم النِّعم يعني إسعادها لأنّها “الكلّية الحبّ”، لذلك قُلتُ أنا الذي كنتُ أَعلَم: “هيّا بنا نُفرِحها”.

بالإضافة إلى ذلك فقد أردتُ أن أُظهِر للعالم قدرتها بنفس الوقت مع قدرتي. كونها مدعوّة للاتّحاد بي بالجسد – ذلك أنّنا كنّا جسداً واحداً: أنا فيها وهي حولي، مثل بتلات الزنبق حول المدقّة ممتلئة عطراً وحياة، ومتّحدة بي بالألم ـ ذلك أنّنا كنّا معاً على الصليب، أنا بجسدي وهي بروحها، تماماً مثل الزنبقة يفوح أريجها من تويجها ومن العطر المستخرج منها على السواء – فقد كان صحيحاً أنّها كانت متّحدة بي بالقدرة التي ظَهَرَت للعالم.

أقول لكم ما كنتُ أقوله للمدعوّين: “اشكُروا مريم. فبواسطتها حصلتم على معلّم المعجزة ونلتم كلّ نِعَمي، خاصّة نِعَم الغفران”.

( الانجيل كما كشف لي- الكتاب ٢) هذا النص مُختصر