عن العاق وغير العاق.. ما يعلمه أنا اللامحدود (الله) لا تعلمه أنت المحدود
🌸 ♰ 🌸
☦ الصلاة على الراقدين وطلب المغفرة لهم (إعداد الأب فادي هلسا) ☦
كيف تصلون على الراقدين وتطلبون لهم المغفرة والرحمة وقد انقطع رجاء المغفرة بعد الموت !!!
نجيب :
من هو الذي رقد ؟
أليس معمداً في الكنيسة وعضواً كاملاً في جسد المسيح أي الكنيسة، يقول آخر وهل كانت مسيرته ترضي الله وملتزماً بالكنيسة صلاة وعبادة وصوماً.
نجيب بأن الكنيسة المقدسة لم يقمها الله دياناً في يده سيف مسلط على رقاب الناس، ومن هنا الذي يحاسب الناس على إيمانهم وأعمالهم صالحة كانت أم غير ذلك هو الله فقط وهذا منهج ثابت في الإنجيل في مواقع كثيرة. فالله هو الذي يدين سرائر الناس بحسب إيمان القلب والضمي.
لكننا نؤمن في الكنيسة بأن غير الملتزم في الكنيسة وأمضى حياته بعيداً عنها هو ابنها على الأقل. فمن جهة الجسد الابن العاق لوالده هو في النهاية ابن، يبقى صدر الوالدين حنوناً عليه في أي لحظة يعود فيها إلى دفء الحنان الوالدي.
إذن الكنيسة كأم بالروح لأبناء الآب في السماء تصلي لجميع أبنائها العاق وغير العاق وما تبقى هو موجود في حسابات الله وحده الذي يعلم ضعف الطبيعة البشرية وميلها الدائم نحو الشر منذ الحداثة، فهو الأدرى بها لأنه خالقها.
نعود لموضوع الصلاة على الراقدين وطلب الرحمة لهم هل هو جائز؟
نقول نعم جائز. وهاكم البرهان:
في متى 12 : 32 يقول الرب (ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له وأما من قال كلمة على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي).
ليست العملية بحاجة إلى دقة كبيرة في التفسير البسيط للآية السابقة، هذا العالم يقصد به العالم الذي نعيش فيه، لكن ما هو الآتي وفي الترجمات الكاثوليكية الدهر الآتي. لا بد أن الآتي هو يوم الدينونة. نصل في النهاية إلى حقيقة ليس فيها التباس وهي هنالك مغفرة في الدهر الحالي وهنالك مغفرة في الدهر الآتي.
لكن من المؤكد أن تلك المغفرة في الدهر الآتي لن تكون للجميع، بمعنى ليس الجميع مستحقين لتلك المغفرة بل لأناس معينين، لست أعلم من هم، الله فقط يعلم.
من هنا نعلم نحن في الكنيسة أن هنالك فروقاً بين الذين يرقدون أو يمكن تصنيفهم لثلاث فئات:
- فئة بعد الرقاد فوراً ينتقلون إلى الأخدار السماوية ومثال ذلك أليعازر الوارد ذكره في إنجيل لوقا فقد نقلته الملائكة فوراً إلى حضن إبراهيم حيث التعزية العظيمة. وكذلك اللص الذي صلب على يمين المخلص. قال له الرب: اليوم تكون معي في الفردوس. وهنا لنا تعليق. يا رب إنك تخاطب لصاً بل وقاتلاً وقاطع طريق، كيف يدخل الفردوس، أين دينونتك العادلة؟ وهل الفردوس بهذه السهولة. لماذا لم تعده بدينونة سهلة وعقاب مؤقت ثم تدخله الفردوس؟ وكأن المخلص يجيب : لست أشاء موت الخاطئ إلى أن يرجع ويحيا، ويقول ما أعرفه أنا لا تعرفه أنت. وما أعلمه أنا اللامحدود لا تعلمه أنت المحدود، لا يعرف الطبيعة البشرية إلا أنا لأني جابلها وعارف بها أكثر منك. وهنا أمام حكمتي يقف عقلك. وفعلاً أنا شخصياً هنا يقف عقلي عن استيعاب رحمة الله وطول أناته.
- فئة ينتقلون مباشرة بعد الرقاد إلى مكان العذاب الأبدي ومثال ذلك الغني الوارد ذكره مع أليعازر في إنجيل لوقا ( فرفع عينيه في العذاب). وهذا هو الموت الثاني الذي يتحدث عنه كثيراً الكتاب المقدس بمعنى الابتعاد عن رحمة الله إلى الأبد، إذ انقطع رجاؤه من رحمة الله وهذا ليس من قوة في الدنيا يمكن أن تغير مصيره ولا يفيده شئ.
- فئة ينتمي إليها معظم الناس فئة لا يمكن الحكم عليها بسهولة ترى فلان من الناس يقول بأنه مؤمن بالتجسد الإلهي ومؤمن بذبيحة الصليب ولديه أعمال هي ثمرة ذلك الإيمان صلاة، صوم، أعمال رحمة ويعترف بأنه خاطئ ولديه هفواته الخاصة، وهذا لا نعرف كيف يدان، هؤلاء تعتقد الكنيسة أن ربما يحدث له مغفرة في الدهر الآتي لذلك تصلي من أجله.
لكن هل يجوز طلب الرحمة لمن رقد ؟
أخوتنا مدعي التجديد يقولون لا يجوز أن نقول (الله يرحمه) ، لكننا نفند ذلك بقراءة رسالة القديس بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 1 : 15 و 16 (ليعط الرب رحمة لبيت أنيسوفورس لأنه مراراً كثيرة أراحني ولم يخجل بسلسلتي بل لما كان في رومية طلبني بأوفر اجتهاد فوجدني ليعطه الرب أن يجد رحمة من الرب في ذلك اليوم). بولس يتحدث بصيغة الماضي ويدعو بالرحمة لبيت أنيسوفورس بمعنى أنه قد رقد ويرجو له الرحمة في ذلك اليوم، أي يوم القيامة.
وبما أن الكنيسة لا تستطيع أن تميز بين أبنائها من هو من الفئة الأولى أو الثانية أم من الثالثة فهي تصلي من أجل الجميع فالصلاة الجنائزية تفيد البعض منهم. بموجب ما ذكرناه في سياق الكلام .
لذا فقد تسلمنا من ذات الآباء القديسين الذين رتبوا لنا الإنجيل وحفظوه ونقلوه لنا بأمانة وغيرة حسنة بأن نصلي على الراقدين ونقيم القداس الإلهي على نياتهم ونقدم الصلوات عن أرواحهم بل ونحرق بخوراً وزيتاً على قبورهم فهم لمسوا بالروح بأن ذلك مقبول عند الله .
لذلك فنحن نقيم جناز الثالث للدلالة على أن الأخ الراقد قد حصل على تركيبه منذ البدء من الثالوث القدوس.
أما جناز التاسع فيشير إلى أن الأخ الراقد سينضم إلى الطغمات الملائكية التسع الغير مادية لأنه هو قد أصبح غير مادي .
أما الأربعين فعند الأربعين تنحل الجبلة وينحل القلب في الآخر مع علمنا أنه عند التكوين في الرحم يبدأ القلب أولاً في النبض.
وعموماً هي صلوات تسعى الكنيسة من خلالها الطلب إلى الرب راحة نفس الراقد والباقي عند الله.
وإلى هنا نختم كلامنا عن الراقدين والصلاة من أجلهم . ☦☦☦
المصدر: † آبائيـات †