أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


السفير الروسي: أميركا أثارت الفوضى في لبنان..وروسيا تؤيّد موقف الفلسطينيين من “صفقة القرن”

فاطمة سلامة – تبدو السياسة الروسية في العالم على النقيض تماماً من نظيرتها الأميركية. الأولى تتعامل مع الملفات بكل هدوء وحكمة، آخذة في الاعتبار حق الشعوب في تقرير مصيرها، أما الثانية، فتقارب مختلف القضايا من منظور حساباتها الذاتية، واضعةً ما يُسمى بـ”الأمن القومي الإسرائيلي” على سُلّم أولوياتها. وهذا مردُه بطبيعة الحال الى الشخصية التي يتمتّع بها رئيسا الدولتين. لموسكو رئيس يقارب الملفات بمرونة ومسوؤلية. فشخصية الرئيس فلاديمير بوتين تطغى عليها سمة الاتزان والواقعية، وهي الشخصية التي تمكّنت من كسر الأحادية الأميركية، ومكّنت روسيا من لعب دور ريادي في العالم. بموازاة ذلك، تعاني واشنطن من رئيس يتحكّم بحاضرها ومستقبلها، منتهجاً سياسة صبيانية متهوّرة أقرب الى السريالية، الأمر الذي حدا بأميركيين الى وصف دونالد ترامب بأسوأ رئيس في تاريخ أميركا، ما يجعل التقارب في وجهات النظر بين موسكو وواشنطن شبه مستحيل، خصوصاً في القضايا الاستراتيجية، حيث تنتهج أميركا سياسة “عدائية” مخالفة للشرعية الدولية، الأمر الذي يُشدّد عليه السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين في حديث لموقع “العهد” الإخباري، مؤكّداً أنّ على الولايات المتحدة الأميركية أن تدرك أنّ هذا النهج “التفجيري” لن يؤدي الى الأمن والاستقرار في العالم. 

الفلسطينيون رفضوا صفقة القرن وروسيا تؤيّد موقفهم

القضية الفلسطينية واحدة من القضايا التي تختلف حيالها السياستان الروسية والأميركية. وفي هذا السياق، يُعلّق زاسبكين على ما يُسمى بـ”صفقة القرن”، فيؤكّد أن روسيا تؤيّد أي موقف يتّخذه الفلسطينيون، فهم أصحاب القضية. الفلسطينيون رفضوا هذه الصفقة وهذا شيء طبيعي ومتوقع، ومن هذا المنطلق فإنّ روسيا تؤيد القرار الفلسطيني لأنها تعتبر أن الشعب الفلسطيني هو صاحب العلاقة وهو المعني بدرجة أولى في أي نقاش يجري عن حقه في تقرير المصير وحقه في دولة فلسطينية. كما يشدّد المتحدّث  على ضرورة أن يكون هناك موقف عربي مما يحصل وهذا ما ننتظر معرفته عقب انتهاء اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم السبت، كي يتّضح للعالم بأكمله موقف الأطراف المعنية مباشرة من هذه الصفقة. “وأقصد هنا الفلسطينيين خصوصاً والعرب عموماً. وعليه فإن روسيا تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار”. 

وبحسب زاسبكين، فإنّ “موقف روسيا مبني على قرارات مجلس الأمن، وبالتالي فإنّ أي قرار  خارج الشرعية الدولية غير مقبول لنا. ومن هنا ندعو الى تطبيق قرارت مجلس الأمن وتنشيط الجهود الدولية للوصول الى حل للقضية المركزية الفلسطينية”. ووفق حساباته، فإنّ موضوع إحلال “السلام الشامل” في الشرق الأوسط أساسي ورئيسي ولا بد من العودة اليه واحراز التقدم نحوه لحل هذه القضية، وفق تعبيره. 

العقوبات على إيران مخالفة للشرعية الدولية والاتفاق النووي 

كيف تعلّق روسيا على العقوبات الأميركية الأخيرة على إيران؟ يجيب زاسبكين بكل ثقة بأنّ روسيا ترفض العقوبات من حيث المبدأ وخاصةً بالنسبة لإيران، اذ انها خطوة غير شرعية ومن طرف واحد. برأيه، فإنّ العقوبات على إيران مخالفة ليس فقط للشرعية الدولية، ولكن للاتفاق الذي حصل بين ممثلي المجتمع الدولي وإيران لإيجاد حل للبرنامج النووي. ولذلك فإنّ كافة الخطوات الأميركية بدءاً من الخروج من المعاهدة الدولية، وصولاً الى العقوبات، كل هذه  الخطوات “تخرّب” الشرعية الدولية -برأي زاسبكين- الذي يشير الى أنّ روسيا ضد هذه القرارات آخذة في الاعتبار أن الأميركيين يستخدمون سلاح العقوبات بشكل واسع، لعدد كبير من الدول بما في ذلك روسيا، سوريا، كوريا الشمالية وغيرها. وهنا يُشدّد السفير الروسي على ضرورة استنفار المجتمع الدولي في وجه سلاح العقوبات لأنه مضر بعدد كبير من الدول. 

على أميركا تغيير سياستها “التخريبية”

وفي معرض حديثه، يُشدّد زاسبكين على أنّ موسكو تُقيّم سياسة أميركا بشكل سلبي. ففي السنوات الماضية وبالتحديد منذ أواخر أيام ولاية الرئيس السابق باراك أوباما وصولاً الى إدارة ترامب، يتّخذ الأميركيون مواقف وقرارات تعمل على “تخريب” الشرعية الدولية بدءاً من تهديد الأمن الاستراتيجي، مروراً بالخروج من المعاهدات المناسبة، وصولاً الى التدخل في مناطق عديدة في الشرق الأوسط، وفي أوكرانيا، فنزويلا، وغيرها. هذا النهج -بنظر زاسبكين- مضر بالمجتمع الدولي، وروسيا دعت مراراً وتكراراً الى إعادة النظر بهذه السياسة، والعمل على إرساء صيغة بين الدول الرئيسية، وهذا ما بدا في اقتراح الرئيس الروسي الأخير خلال اجتماع قادة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. 

ويؤكّد زاسبكين أنّ روسيا تريد تغييراً جذرياً في المناخ الدولي لتنقية الأجواء. برأيه، فإنّ الأميركيين يجب أن يدركوا أنّ هذا النهج “التفجيري” لن يؤدي الى الأمن والاستقرار في العالم. من وجهة نظر المتحدّث، فإنّ هذا الأمر هو أهم قضية مطروحة الآن أمام البشرية. 

أميركا تثير الفوضى في لبنان 

يُعرّج زاسبكين على الوضع المحلي في لبنان، فيوضح أنّ لدى روسيا تجربة “طويلة عريضة” مع ما يُسمى بالثورات “الملونة”، تلك الظاهرة المنتشرة والمعقدة. موسكو تعرف كيف تبدأ هذه الظاهرة وما هي العوامل التي تؤثر عليها. وكل هذه العناصر المتوترة التي تمهّد لخلقها كانت موجودة في لبنان. من هنا جاء تحذيري في مقابلة مع صحيفة “الأخبار” قبل أيام من حدوث أزمة 17 تشرين الأول/ أكتوبر. حينها نبّهتُ المجتمع اللبناني من احتمال حصول هذا التطور الخطير، وهذا ما حصل فعلاً حيث أثارت أميركا الفوضى في لبنان. 

يستطرد السفير الروسي بالقول “نحن نؤمن أنّ هناك ناشطين يريدون الاصلاح ولديهم طموحات سلمية، ولكن يجب أن نرى المخاطر المتأتية من محاولات الأطراف الخارجية لتوظيف الحراك الشعبي لأهداف غير مطروحة أصلاً من قبله”. 

روسيا جاهزة لمساعدة لبنان

وفيما يتعلّق بالواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه لبنان، يشدّد زاسبكين على أنّ روسيا جاهزة للتعاون مع لبنان على أساس ثنائي، ووفقاً للمشاريع المطروحة والمعروضة من قبل اللبنانيين. كما تُرحّب موسكو بالجهود الدولية لمساعدة لبنان، كمؤتمر “سيدر” وتعرب عن استعدادها للمساعدة كجزء من المجموعة الدولية لدعم لبنان.

وحول ما حُكي عن استعداد روسي لمساعدة لبنان مالياً عبر وديعة بقيمة مليار دولار، يرفض زاسبكين التعليق على هذا الأمر. 

نعمل على تأمين الإقامة للنازحين العائدين الى سوريا

وعن المبادرة الروسية لعودة النازحين السوريين الى سوريا، يقول السفير الروسي “نحن نسعى الى عودة النازحين السوريين، وتأمين الظروف المناسبة لذلك، وبطبيعة الحال فإنّ هذه الظروف موجودة في سوريا، ونحن نعمل هناك لتأمين الإقامة للنازحين الذين يعودون الى أماكن عيشهم، وذلك بالتعاون مع السلطات السورية”. أما الخطوات اللوجستية في المناطق المجاورة، فهذا الأمر يتعلّق بالدرجة الأولى بالسلطات المحلية، ففي لبنان مثلا تؤمّن الدولة اللبنانية عبر الأمن العام كل التدابير اللازمة لأولئك الذين يريدون العودة وحسب المعايير الدولية.

المصدر: العهد