الحراك “المغدور”.. لا نستبشر خيراً بمحطة تنطق بإسم هذه الثورة
( أمين أبوراشد )
يُقال أن ما تُسمَّى الثورة، هي بصدد إنشاء محطة تلفزيونية خاصة، وأن إعلامياً بارزاً سوف يتولى إدارتها، دون أن يتَّضح حجمها وتقنية إرسالها والترخيص اللازم لها، إلا إذا كانت سوف تستخدم “اليوتيوب” لِمُخاطبة الذين ما زالوا يؤمنون أنها ثورة، تضُمّ مجموعات من الحراكيين الذين لم ولن يتوافقوا على لجنة تُدير ساحات هكذا ثورة بلا قائد وبلا أهداف محددة، وهي منذ اليوم الثالث من بدء حراك 17 تشرين، مطِيَّة لكل من يرغب إعتلاء أكتافها من عملاء السفارات وزعران قطع الطرقات.
وإننا إذ نكرر تأييدنا الكامل لمطالب الحراك “المغدور”، نُلاحظ ضموراً في الساحات لمصلحة الشوارع، مع مزيد من الإنحدار في الخطاب الذي تحوَّل من شعبوي الى شوارعي / زُقاقي، يسوده منطق الرفض لكل شيء بلا طرح بدائل، بحيث يبدو وكأن هدفه الوحيد تدمير ما بقي من كيان دولة وهيكل مجتمعيّ وبُنية إقتصادية، في الوقت الذي أقفلت فيه آلاف الشركات والمحال التجارية، وغدت أعداد العاطلين عن العمل أو الذين يعملون بنصف راتب تفوق عشرات الآلاف من المواطنين اللبنانيين.
الإيجابية الوحيدة التي تتظهَّر يوماً بعد يوم، هذا الإنكفاء من مُتظاهريّ الحراك، الذين أدركوا أخيراً، أن بوصلة “الثورة” هي في الإتجاه المُعاكس للأمور المطلبية العادلة التي نزلوا الى الساحات من أجلها، وأن التمويل المشبوه من جهة والإعلام الخائن من جهة أخرى، هما العاملان اللذان يُحركان مسار الأمور على الأرض، وأن منطق قُطَّاع الطُرق المأجورين، الحاضرين غُبّ الطلب لتلبية تعليمات المُشرفين على قطع الطرقات هو السائد، طالما أن المال وفير لبعض المحطات الإعلامية التي تكاد تستغني عن مردود الإعلانات، وقُطَّاع الطرق جاهزون لنظام المُناوبة علماً بأن غالبيتهم من العاطلين عن العمل، أو من طلاب الجامعات والمدارس الذين يُوَفِّقون بين دوام الجامعة ودوام الشارع.
وبما أن فرقة “الحرائق” وفرقة “المسامير” قد انضمت مؤخراً لفرقة “الطناجر”، وبما أن ما من خيمة حوارية في ساحات “الثورة” إلا ويتخللها “الخبيط واللبيط”، فإننا لا نستبشر خيراً بمحطة تنطق بإسم هذه الثورة، سوى أنها سوف تنقل الشارع بلُغة ومشهدية أبناء الشوارع الى منازلنا، ولا هدف إيجابيّ نرتجيه من إعلام ثورة، ثوَّارها لا يعرفون ماذا يريدون سوى لغة الرفض لمنطوق الدولة، والملايين من اللبنانيين الذين يلتزمون بيوتهم سوف يعيشون من خلال هكذا محطة، الأجواء الثورجية التي نأوا بأنفسهم عنها، ولا نعتقد أن الأوادم الرافضين لمنطق الفوضى وقطع الطرقات والأرزاق، وسجنوا أنفسهم في مخادع الأمر الواقع، هُم على استعداد لِمُتابعة محطة تنقُل قذارات الشوارع إليهم، والمسؤولية في النهاية تقع على القوى الأمنية والقضاء، لوقف مسلسل الإنتحار ونحر الوطن بمنطق “ثوار” آخر زمن… …