لا ريب أن قراراً (أميركياً ـ إسرائيلياً) بضرب حركات المقاومة في المنطقة اتخذ، خصوصاً تلك التي تستلهم فكر الثورة الاسلامية في إيران، في العمل الجهادي.
وجهت المقاومة بوصلتها نحو العدو الحقيقي، ولن تضل الطريق، في مواجهتها للإحتلال الأميركي والإسرائيلي، وأدواتهما، تحديداً المسلحين التكفيريين، الذين حاولوا تغيير وجه هذه المنطقة الحضاري، من خلال السعي الى تفتيتها، ومحاولة إنشاء كونتونات مذهبية متناحرة فيما بينها على أرض المشرق، تنفيذاً لمشروع أميركي ـ صهيوني، يهدف الى نهب ثروات المنطقة، وإراحة العدو الإسرائيلي، وأسهم بعض الإعلام العربي الذي يدور في الفلك الأميركي، كذلك”عمائم الفتن”، في إثارة الفتن المذهبية، لضمان نجاح هذا المشروع.
وهنا استعرت الحرب الضروس مؤخراً بين مجهادي المقاومة، والفصائل الوهابية التكفيرية المسلحة، ودارت رحاها على أراضي العراق وسورية ولبنان، حسم في نهايتها محور المقاومة المعارك لمصلحته، وأسقط بذلك المشروع المذكور، بادارة بارعة للتنسيق والعمليات بين فصائل هذا المحور، بقيادة الجنرال قاسم سليماني، وبإسهام كبيرٍ وفاعلٍ وأساسيٍ من الحشد الشعبي، بقيادة الشهيد أبو مهدي المهندس، وسواهما من أركان “المحور”. فمن البديهي أن يكونوا عرضةً للانتقام والاغتيال، وسبق استشهادهما، كشف الاجهزة الأمنية الإيرانية لمحاولة اغتيال سليماني في شهر تشرين الأول الفائت، “في سياق مخطط عربي ـ عبري، أعد له من السنوات”، بحسب تأكيد رئيس منظمة استخبارات الحرس الثوري الايراني حجة الاسلام حسين طائب.
اذا لم تكن عملية إستهداف سليماني والمهندس مفاجأة بحد ذاتها، والمستجد في اقتراف هذه الجريمة، هو قيام الطائرات الحربية الأميركية، بتنفيذها مباشرة، أي إسقاط الخطوط الحمر، ما قد يدفع الى وقوع حرب شاملة بين المحور المذكور وقوات الاحتلال الأميركي في المنطقة بأسرها، وهذا ما عبّر عنه نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، فقد علّق على الجريمة، بالقول:” لقد القى ترامب أصبع ديناميت في برميل بارود”.
بالتأكيد لن تمر هذه العملية دون رد شديد، ولاهداف تؤلم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يحاول أن يوظفها في معركتة الإنتخابية الرئاسية، ولكنها ستنقلب عليه، بعد رد المقاومة الموعود، على حد قول خبير في الشؤون الإيرانية.
اذاً الرد حتمي، فهل تتدحرج الأمور، وتمتد المواجهة لتشمل لبنان؟ يستبعد الخبير ذلك، لافتاً الى “إسرائيل” لم تتدخل في الجريمة في شكلٍ مباشرٍ، بالتالي من المرجح ان الا تتلقى ضربات إنتقامية على جريمة لن تشارك فيها، الا في حال تدخلها، أو اندلاع مواجهة شاملة.
وعن تأثير كل ما ذكر آنفاً على الأوضاع في لبنان، خصوصاً مسألة تأليف الحكومة المرتقبة، تتوقع مصادر سياسية قربية من قوى الثامن من آذار ولادة الحكومة قريباً، وسط الأجواء المذكورة. على اعتبار ان هناك فرصة إنشغال دولي وإقليمي عن لبنان في المرحلة الآنية، الأمر الذي يدفع قدماً في اتجاه ولادة الحكومة المنتظرة، ودائماً وفقاً لرأي المصادر. ولكن في الوقت عينه، تؤكد استمرار المواجهة بين أدوات واشنطن في لبنان، وفريق المقاومة، قبل التأليف وبعد التأكيد، خصوصاً في حال اندلاع مواجهات مع الاحتلال الأميركي، معتبرةً أن عودة مناصري القوات اللبنانية وتيار المستقبل الى الشارع وقطع الطرق، خصوصا في نهر الكلب وجل الديب، عشية وقوع الجريمة المذكورة، ليست من باب الصدفة، الأمر الذي يؤشر الى التصعيد الشامل، على حد تعبير المصادر.
وفي السياق، يؤكد مصدر مشارك في الحراك “الشعبي”، استمرار التحركات في الشارع، حتى تحقيق مطالب هذا الحراك، تحديداً تشكيل حكومة من المستقلين- الحياديين، خصوصاً في الظروف الراهنة، والاصطفافات القائمة في لبنان والمنطقة، كاشفاً عن معلومة يتم تداولها في أروقة الأفرقاء غير المشاركة في الحكومة، تحديداً “القوات”، “المستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي، وهي احتمال استقالة نوابهم من البرلمان، بعد اعلان الحكومة الجديدة، وتسعير المواجهة معها في الشارع.