أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


باسيل: أدفع شخصيًا ثمن قيامي وتياري ثمن الحفاظ على مبدأ التعدديّة “والعيش معاً” وإحلال مبدأ الأحادية بديلاً عنها.


الربيع العربي الذي تحوّل شتاءً قارس
الكلمة الكاملة لوزير خارجية لبنان جبران باسيل المهمة جدا في بودابست عن اوضاع المسيحيين في الشرق :

اضطهاد المسيحيين ليس جسدي وعنفي فقط بل بإمكانه أن يأخذ أشكال أخرى عديدة كالإضطهاد السياسي كما حصل في بلادي؛ وأنا أدفع اليوم شخصيًا ثمن قيامي وتياري برفع هذا الإضطهاد عنهم.

بعض المسيحين في الغرب يمارسون هذا الإضطهاد المصلحي المنفعي على المسيحين في الشرق عامةً وفي لبنان تحديدًا، تحقيقاً لمصالحهم مدركين ولكن متغافلين أن هذه السياسات أدّت وتؤدي الى افراغ الشرق من مسيحييه، وتفريغ التعدّدية من جوهرها في منطقتنا وبلدنا.

لقد انتجت هذه السياسات حروبًا وصراعات في الشرق كان آخرها الربيع العربي الذي تحوّل شتاءً قارسًا, وقد أدّت الى تهجير جماعي لشعوب هذه المنطقة وخاصة المسيحيين، وفتح أبواب السفارات وبلدان الغرب لهم تشجيعًا لذلك، واستبدالهم بأفواج من النازحين واللآجئين وتشجيعهم على الاندماج أو الاستيطان, لافرق, تثبيتًا لهذا التحول الديمغرافي وتعميقًا لهذا الزوال الوجودي المتدرّج تنفيذًا.

أحبائي النتيجة هي أن مسيحيي تركيا أصبحوا أقل من واحد بالمئة، ومسيحيي العراق نزلوا في سنوات قليلة من مليونين الى أكثر من مئتي ألف، ومسيحيي سوريا نزلوا الى النصف تقريباً في أزمتها الأخيرة، ومسيحيي الأردن أصبحوا لا يذكرون، ومسيحيي القدس بالكاد يجتمعون في كنيسة القيامة، وهم في بيت لحم أضحوا أقل من 16 في المائة، أما مسيحيي لبنان، منارة التعدد في الشرق أصبحوا حوالي الثلث وهم الى تناقص في ظل ما يطال وطنهم من تهديدات إقتصادية ووجودية آتية.

ألا تدركون يا أحبائي أنه إذا زال المسيحيون من أرض المسيح، أي من منبع المسيحية، فلا جدوى من الدفاع عنهم في كل أصقاع الأرض؟ وهل تدرك الكنائس المسيحية أن الدفاع عن بضعة ملايين منهم في الشرق هو حساس أكثر من الدفاع عن مليارات منهم في القارات الستة؟

تويتر

غرّد الوزير السابق جبران باسيل عبر حسابه على تويتر قائلا: “جئت احضر اللجان المشتركة بمجلس النواب لاقرار قوانين الفساد، للأسف نقاش عام من دون اي مقاربة لمضمونهم.صدقوني ان واحدة من مشاكل البلد الاساسية هي الانتاجية. صفر شغل، وحكي بدله.على كل حال، نحنا بكرا سنقدّم قانون جديد افعَل واسرع بيفضح كلّ شي لمحاربة الفساد.لنشوف مين بيمشي فيه !”


كلمة الوزير جبران باسيل في مؤتمر بودابست

شارك وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل في مؤتمر حول “التصدي للاضطهاد الديني” في بودابست بدعوة من نظيره الهنغاري، كما اجرى سلسلة لقاءات شملت رئيسي مجلس النواب والحكومة في هنغاريا. وألقى باسيل في المؤتمر الكلمة التالية:

سيداتي سادتي،

بالرغم من الأوضاع الإستثنائية والخطيرة التي يمر بها وطني لبنان، قرّرت أن آتي لساعات قليلة للمشاركة في مؤتمركم، شاكرًا الحكومة الهنغارية وصديقي وزير الخارجية بيتر على حسن تنظيمه، وقررت عدم الإعتذار عن القاء هذه الكلمة التي أعتبرها تأتي في سبيل الحفاظ على وطني من هذه الأخطار التي تتهدّده بمسيحيّه ومسلميه معًا وليس بواحد منهم فقط، لأن اي خطر يتهدّد اي مكون من مكوّناتنا اللبنانية انّما يهدّد لبنان ككل بوجوده لأن سبب وجود لبنان هو تنوعه، وفرادته هي في تناصفه، وايّ خلل في هذا هو ضربّ لنموذجه وخسارة للعالم أجمع في إمكانية العيش معاً.
أنا لست هنا لأتكلم عن اضطهاد المسيحيين فقط، مع اقراري بإضطهادهم في كثير من الأحيان، وفي أماكن كثيرة من العالم، ومع اعترافي بقيامهم هم بإضطهاد الآخرين في حقبات من التاريخ, ومع تجربتي بأن الإضطهاد ليس جسدي وعنفي فقط بل بإمكانه أن يأخذ أشكال أخرى عديدة كالإضطهاد السياسي كما حصل في بلادي؛ وهي تجربة طويلة بإمكاني تفنيدها لاحقًا وأنا أدفع اليوم شخصيًا ثمن قيامي وتياري برفع هذا الإضطهاد عنهم. أنا هنا لأتكلم أكثر عن إضطهاد لمبدأ التعدديّة “والعيش معاً” وإحلال مبدأ الأحادية بديلاً عنها.
ليس صحيحًا أن بعض المسلمين فقط يمارسون هذا الإضطهاد, فهناك مسلمون يقاتلون لفكرة قبول الآخر أكثر من المسيحيين، والصحيح أن هناك بعض اليهود يمارسون هذا الإضطهاد العقائدي تحقيقاً للدولة الأحادية، وأن بعض المسلمين يمارسون هذا الإضطهاد الديني تحقيقاً لدولة الخلافة الإسلامية كداعش والنصرة والقاعدة، وأصحاب الفكر السلفي, والأصح أن بعض المسيحين في الغرب يمارسون هذا الإضطهاد المصلحي المنفعي على المسيحين في الشرق عامةً وفي لبنان تحديدًا، تحقيقاً لمصالحهم مدركين ولكن متغافلين أن هذه السياسات أدّت وتؤدي الى افراغ الشرق من مسيحييه، وتفريغ التعدّدية من جوهرها في منطقتنا وبلدنا.
لقد انتجت هذه السياسات حروبًا وصراعات في الشرق كان آخرها الربيع العربي الذي تحوّل شتاءً قارسًا، وقد أدّت الى تهجير جماعي لشعوب هذه المنطقة وخاصة المسيحيين، وفتح أبواب السفارات وبلدان الغرب لهم تشجيعًا لذلك، واستبدالهم بأفواج من النازحين واللآجئين وتشجيعهم على الاندماج أو الاستيطان, لافرق, تثبيتًا لهذا التحول الديمغرافي وتعميقًا لهذا الزوال الوجودي المتدرّج تنفيذًا.
أحبائي النتيجة هي أن مسيحيي تركيا أصبحوا أقل من واحد بالمئة، ومسيحيي العراق نزلوا في سنوات قليلة من مليونين الى أكثر من مئتي ألف, ومسيحيي سوريا نزلوا الى النصف تقريباً في أزمتها الأخيرة، ومسيحيي الأردن أصبحوا لا يذكرون، ومسيحيي القدس بالكاد يجتمعون في كنيسة القيامة، وهم في بيت لحم أضحوا أقل من 16 في المائة، أما مسيحيي لبنان، منارة التعدد في الشرق أصبحوا حوالي الثلث وهم الى تناقص في ظل ما يطال وطنهم من تهديدات إقتصادية ووجودية آتية.
ألا تدركون يا أحبائي أنه إذا زال المسيحيون من أرض المسيح، أي من منبع المسيحية، فلا جدوى من الدفاع عنهم في كل أصقاع الأرض؟ وهل تدرك الكنائس المسيحية أن الدفاع عن بضعة ملايين منهم في الشرق هو حساس أكثر من الدفاع عن مليارات منهم في القارات الستة؟
أنا آت اليكم اليوم من بلدٍ قام على فكرة التلاقي والتحاور والتسامح، بإنتفائهم ينتفي سبب وجوده، وها هم أبناؤه اليوم يتظاهرون في الشوارع متمسكين بوحدتهم، مترفعين بانتمائهم الوطني على إنتمائهم الطائفي. أنا آتٍ اليكم من تربية خاصة وتربية وطنية تقول ان الدولة المدنية هي الحل الأنسب لهذا التعايش وما الدفاع الذي قمنا به عن حقوق مكوناته(وخاصة المسيحية)، والذي توصلنا بنتيجته الى إعادة التوازن والشراكة والميثاقية في الحكم من أعلى الهرم في رئاسة الجمهورية مرورًا بمجلس النواب ومجلس الوزراء وصولاً الى الإدارة والإقتصاد، والذي ندفع فاتورته يوميًا؛ ما هذا الدفاع إلا وسيلة لتثبيت هذه المكونات في أرضها وفي ثقافتها وفي خصوصيتها تمهيدًا للحفاظ عليها ونقلها سالمة الى “العلمنة المؤمنة”. فنحن لم نقل يومًا بوطن مسيحي بل حاربنا وتصدينا للقائلين به والمفكرين فيه، ونحن لم نقبل يومِا بوطن إسلامي بل قاومنا القائمين به.
نحن ذنبنا أننا رسخنا عند المسيحيين المشرقيين أن جذورهم هي في هذا المشرق وهم ليسوا مستجلبين من الغرب ولو أن بعضًا من ثقافتهم هي غربية وأن مبادئهم هي الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وأنهم ليسوا امتدادًا للغرب في الشرق بل عليهم أن يكونوا امتدادًا للشرق نحو الغرب وأنهم أبناء هذه الأرض عليهم التجذر فيها عبر الريادة والإنفتاح وليس عبر الإنعزال.
ونحن ذنبنا أيضًا أننا في ثقافتنا الغربيّة وقدرتنا على الإندماج فيها والتكامل معها بمشرقيتنا، نظّرنا ضد رهاب الإسلام(الإسلاموفوبيا) وإعتبرناه خطرًا على الإسلام الحقيقي المتسامح ثانيًا وعلى الغرب العلماني أولًا، وأن نتيجة هذا الرهاب هو مزيد من التطرف في الغرب نشهده متزايدًا وسيؤدي الى مزيد من التطرف في الشرق والى تفكك المجتمعات الغربية الدامجة للآخر والمتقبلة له بعلمانيتها والرافضة له بتطرفها.
ونحن ندفع غالياً ثمن هذه الذنوب عوض أن نكرم من أجلها!
ندفع من إستقرارنا،وأمننا، ومعيشتنا، ووجودنا، ونهدد بأقسى العقاب إن إستمرينا بالإصرار على وحدتنا الوطنية سبيلًا للحفاظ على وطننا ووجودنا.

أعزائي،
تخيلوا أن مسؤولاً غربيًا سابقًا أعلن مؤخرًا أن السبيل لتحجيم مكون مسلمٍ في بلدنا هو في اضعاف المكون المسيحي المتفاهم معه لعجزه عن إضعاف هذا المكون المسلم مباشرة بسبب قوته الفائقة، بل عبر اضعافه بشكل غير مباشر بعزله وطنياً، حتى لو ادت تجارب العزل في وطننا الى فتنة وحرب داخلية ستؤدي في نهاية المطاف الى اضعاف مزدوج للوطن وللمكون المسيحي فيه. تخيلوا أنهم يعدون اللبنانيين بربيع آخر وهم يحضرون لهم شتاءً آخر في ظل إنتفاضةٍ محقّة بدأت ملونةً وقد تنتهي سوداء إذا ما إستمر النفخ فيها حقدًا وتحريضًا وشتمًا وتقطيعًا لأوصال الوطن وتسكيرًا للمؤسسات الدستورية والعامة والخاصة.

أصدقائي،
إن أردنا مقاربة اضطهاد المسيحيين علينا إيقائهم من إضطهاد أبناء جلدهم أولًا، ثم ثانيًا علينا إيقاظ أو توعية الغافلين من الغرب عن أهمية وجودهم وإنتشارهم في الشرق، وذلك نشرًا لرسالتهم الإنسانية، وعلينا ثالثًا العمل مع المعتدلين في الشرق وهم كثر على الدفاع عنهم كدفاعهم عن أنفسهم، ان اشعرناهم انهم غير مستهدفين بسبب اعتدالهم لصالح الجماعات التكفيرية المنشأة والمستولدة في كنفهم!
ومع كل هذا علينا العمل معًا، غربًا وشرقًا، لإجتثاث الإرهاب، عسكرًا وفكرًا، من خلال إستهدافه مباشرةً ومن خلال تشجيع النماذج المناهضة له كالنموذج اللبناني وعلى إجتثاثه عسكرًا وفكرًا.

اصدقائي،
أترككم وأعود الى وطني لأتابع كفاحي من أجل بقائه وطناً للحرية ولكرامة الإنسان، هذه الكرامة التي أراها ممتهنةً اليوم بسبب حاجة وعوز إنسانه، والتي علينا إستعادتها بإعادة ثقة إنسانه بدولته من خلال رؤيتها خالية من فساد مدمّر ومليئة بالأمل بالإصلاح لغد هو لشبابه المفعم وطنيةً. شكراً لكم.