عَ مدار الساعة


الأب ثاوذورس داود: دراسة اللاهوت لا تهبنا الخلاص.. المصلّي هو اللاهوتي..

لاهوت الروح أم اللاهوت الفارغ ؟

إن أكبر خطر على المسيحية هو إفراغها من الروحانية وجعلها لاهوت منطق بشري وطريقة حياة.

الكتَاب المقدس هو دعوة إلى العرس السماوي، إلى الملكوت ولكنه لا يضمن الدخول إليه إن لم نلبس ثياب العرس، النعمة الإلهية والفضائل التي من الروح القدس هي ثياب العرس.

ليس الكتَاب ما يغيّرنا بل الروح القدس الذي أوحى بالكتاب وجعله خريطة طريق لحياتنا. الروح القدس الذي أعطاه السيد للتلاميذ : ” خذوا الروح القدس …… وأعطاهم سلطانا إلهياً ” بما أنه لا يغفر الخطايا إلا الله …… ها هو أعطى الرسل سلطان مغفرة الخطايا قائلاً :” من غفرتم خطاياه غُفرت له ومن أمسكتموها عليه اُمسكت “

الروح القدس الذي أرسله السيد إلى التلاميذ في العنصرة بعد صعوده إلى السماء …… والذي خارجه ليس من كنيسة.

الكتاب المقدس ليس مُنزلاً، الله لم يُنزل لنا الكتاب المقدس ولم يقل احفظوه فتدخلون ملكوت السموات. الكتَاب المقدس بذاته لا يمنح الخلاص بل عيشه بالروح القدس هو ما يقودك إلى المسيح الحيّ والذي بدوره يقودك إلى الآب السماوي.

لقد رافق الرب تلميذي عمواس لساعات في الطريق بعد أن ظهر لهما بعد قيامته ولم يعرفاه، فطفق يشرح لهما الكتب والأنبياء والمزامير ومع هذا لم يعرفاه. لقد انفتحت أعينهما وعرفاه فقط عند كسر الخبز بعد أن أخذ الخبز وبارك وكسر وأعطاهم.

لم يعرفاه لا باللاهوت ولا بالكتب ولا بالوعظ حتى من على لسانه. مرقس 12:16

ليس اللاهوت ما يهبنا الخلاص، بل الحياة مع المسيح فقط بالروح القدس وليس بعواطفنا وشهواتنا وعلومنا. الشيطان هو اللاهوتي الأول وهو يعرف كل الكتَاب ولكنه هالك لأنه ليس في الروح القدس، وعلى شاكلة الشيطان وتابع له وقريبه هو كل من يتشدق بحفظ الكتَاب ومعرفة الكتَاب وتفسير الكتَاب والتخصص باللاهوت وليس يحيا حياة روحية في كنيسة المسيح في الروح القدس .

لا يخدعّنكم بشر حتى لو كانوا كهنة أو واعظين وتذكروا أن آريوس كان كاهناً.

لا يخدعّنكم بشر وإن كانوا لاهوتيين وأساقفة وتذكروا أن أبوليناريوس ـ الذي دحضه المجمع المسكوني الثاني ـ كان أسقفاً.

لا يغريّنكم ” شبوبية” وجمال كاهن أو أسقف فلوسيفوروس كان أجمل ملاك في الفردوس.

لا يخدعّنكم من يتكلم عن المسيح ويجترح العجائب باسمه فالمسيح نفسه حذرنا من مثل هؤلاء وقال إنه لا يعرفهم.

المسيحية الحقيقة هي حياة في الروح القدس، الروح القدس المحفوظ في الكنيسة الرسولية المستقيمة الرأي هو الطريق الوحيد للمسيح، والمسيح هو الطريق الوحيد إلى الله الآب، إلى الخلاص.

يقول القديس إفاغريوس : “اللاهوتي هو المصلّي والمصلّي هو اللاهوتي” ليس من لاهوت حي يصدر على لسان إنسان ميتٍ روحياً. إجعلوا هذا مقياسا” لسماعكم للمبشرين والواعظين وتجّار الدين مهما علا شأنهم أو كَبُرَت تيجانهم أو صلبانهم. تاج رجل الله وغناه هو ثمار الروح القدس في كلامه وسلوكه وحياته وصومه وصلاته ومخافته لله وللكنيسة واحترامه للقديسين عائلة المسيح وأصدقاؤه.

إنه الزمن الصعب لكنه زمن البركات، إنه زمن الشهادة والإستشهاد لكنه زمن المجد لمن ذاق المسيح وبقي أميناً. إنه زمن أحبة المسيح كي يُظهروا محبتهم و إيمانهم وغيرتهم وخوفهم عليه وعلى الكنيسة وعلى خلاص الإخوة الصغار وكل الناس.

بولس قُطع رأسه، بطرس صُلب بالمقلوب… أغناطيوس أكلته الأسود… أجدادنا سُلخوا وقّطِّعوا واستشهدوا ليحفظوا لكم الإيمان الحقيقي فلا تدعوا أقزام اللاهوت وغربانه ولا تجّار الهيكل ولا نسل قيافا ويهوذا يُذلون آباءنا في قبورهم وجردوهم ولا أن يُذلوكم في استقامة إيمانكم ولا أن يحرموا أبناءكم من الخلاص.

(الأب ثاوذورس داود)