كنا وما زلنا وسنبقى على قناعاتنا، أن لذكرى الإستقلال قيمتها ورونقها، في عهد الإستقلاليّ السياديّ فخامة الرئيس ميشال عون، وقرقعة الطناجر في ساحات ما يُسمَّى بالحراك، لن تصُمّ آذاننا عن عزف النشيد الوطني اللبناني، ولا عن أناشيد الإنتصارات التي تحققت على العدو الصهيوني وعلى الشيطان التكفيري لتبقى لدينا ساحات ويبقى لنا وطن…
وإننا نحمد الله، أنه العهد الأول بعد فؤاد شهاب، الذي يحمل إلينا تباشير قيام دولة، ولو أن قيامها ممنوع دولياً وإقليمياً، لأن ميشال عون إبن مدرسة الجيش اللبناني والمناقبية الوطنية “جريمته” أنه حليف المقاومة الشريفة وأبناء الكرامة، وقيامها ممنوع داخلياً، من طرف جماعة مزارع الفساد والكانتونات والدويلات الطائفية والمذهبية، التي مزَّقت العلم اللبناني مراراً، وباعته بثلاثين من فضة سواء بالدولار أو الريال مِمَّن لا يريدون لوطن الأرز أن ينعَم بالإستقلال الحقيقي الذي ارتسمت حدوده بدماء الشهادة منذ العام 2000، ولا إستقلال مُصان لهذا الوطن الفريد في كرامته وشموخه، وسط هذا المُحيط العربي الإنبطاحي الذليل، دون دفع كلفة الحفاظ على جبينه شامخاً كما قِمَم صنين فوق حضيض بادية العربان.
إن إذ نُسجِّل للفئات الشعبية نهضتها من كبوة تاريخية، للمطالبة ببديهيات العيش الكريم ضدّ مزارع الفساد، هذه النهضة التي أطلقها فخامة العماد ميشال عون منذ نهاية الثمانينات، نأسف لهذا الحراك النظيف الذي لم يتنبَّه لغاية الآن، أن صبيان سفارات وزعران أحزاب ميليشيوية يحملون مشاريع تمزيق خارطة وطنٍ مُستقلّ، قد اعتلوا أكتاف الفقراء والضعفاء والمقهورين، يستخدمون دموعهم لغسل ما يُرتَكب بحق وطن يواجه أخطر مؤامرة إسمها “صفققة القرن”، توطِّن اللاجىء الفلسطيني على أرض لبنان، وتدمج النازح السوري ضمن الشعب اللبناني، وتحاول منعنا من ترسيم حدودنا مع العدو الإسرائيلي وتحاول إهدار جهودنا للمباشرة باستخراج النفط والغاز من مياهنا الإقليمية.
لا توطين لفلسطيني في عهد فخامة ميشال عون، ولا دمج لسوري، ولا عبث لإسرائيلي بسيادتنا ومُقدَّرات بلدنا، وغيمة الصيف الداكنة التي تُخيِّم على أرضنا لن تُمطِر ما تشتيه كل البلدان التي تقتني لها في لبنان عملاء من كافة الدرجات، من أعلى الزعامات الحزبية العميلة الى آخر قاطع طريق في هذا الحراك المُنحرِف، الذي يتظلَّل زوراً بالعلم اللبناني، ويحاول أن يُدمِّر الحضارة اللبنانية والبُنية الثقافية لوطن قدموس وجبران والبساتنة والرحابنة، عبر لُغة سوقية واستعراضات غير أخلاقية تنقلها الشاشات العالمية من شوارع الإنفلات الزقاقي والخروج عن كل الضوابط.
بناء عليه، نُطمئن أولائك الذين نقلوا الحراك المطلبي الى شوارع البلطجة نقول: قد ندفع أثمان الحصار الأميركي أسوة بما حصل لفنزويلا، وقد ترفِدنا بعض دول الإرهاب الخليجية بدواعش الموت، وقد ترتوي شوارعنا بأحمر الشهادة ولكن، كما قال يوم أمس عرَّاب المؤامرة على لبنان جيفري فيلتمان، أنه لم تعُد من مصلحة أميركا أن ينهار لبنان، ليس لأن قلبه على لبنان، بل لأن هناك شارعاً يُمثِّل ثُلثي الشعب اللبناني ما زال منضبطاً أمام عدوانية أدوات أميركا والسعودية في لبنان، وحذاروا من نزول ثُلثي الشعب الى الشارع لِكَنس العملاء من زعامات وأبناء شوارع، وليكُن الإستقلال في زمن ميشال عون حقيقياً، لأنها الفرصة الأخيرة لنا لنستحقّ وطناً ونستحقّ ميشال عون…