عَ مدار الساعة


“أوعا الوطن”.. وليس “أوعا خيَّك”.. (أمين أبوراشد)

عندما انطلق شعار “أوعا خيَّك”، كتبتُ مقالة بعنوان: “افرحوا ولكن، لا تقرعوا الأجراس ابتهاجاً”.

تيقَّنت يومذاك أن الوحدة المسيحية ليست أولوية عند العونيين إذا كانت على حساب الوحدة اللبنانية، وأن مصالحة معراب لا يُمكن أن تدوم بين القوات اللبنانية ذات التوجُّهات “الكانتونية”- سواء كانت على حق أو على خطأ – وبين التيار الوطني الحر الذي تمدَّد على مساحة الجغرافيا اللبنانية، وعزز انتشاره الواسع ببركة “مار مخايل”، التي جمعته بحزب الله على أُسُس استراتيجية لبنانية داخلية، وعلى ركائز ثابتة لمواجهة ما يتهدَّد الأقليات في هذا الشرق الشيطاني التكفيري.

وقد تأكد لنا لاحقاً، أن ربيع الإنتحار العربي، والأثمان التي دفعها المسيحيون المشرقيون، من العراق الى مصر الى سوريا، جعلت من فخامة الرئيس ميشال عون زعيماً لمسيحيي الشرق، وخشبة خلاصهم من خشبة صليب الجلجلة التي دفعوا أثمانها عبر التاريخ، ليستمرُّوا في أداء رسالة الحضارة المسيحية على أرضٍ وطئها السيد المسيح، وسار عليها بولس الرسول مبشِّراً بتعاليم المُخلِّص، ونحن مُلزمون بالسير بها لِنشر حضارتنا عبر تفاعُلِنا مع الآخر المؤمن بواجب وجودنا.

ولن نُسهِبَ في شرح ما أنتجته “وثيقة مار مخايل”، التي نعتبرها زواجاً مارونياً لا طلاق فيه ولا بُطلان زواج، سيما وأن طرفيّ هذه الوثيقة، وجَّها دعوة لكافة الأفرقاء اللبنانيين الإنضمام إليها، أو الإجتماع على الأقل للإجماع على وثيقة مُشابهة، تُراعي التوافقات الوطنية في بلد الثمانية عشر طائفة التي تعترف بلبنان وطناً نهائياً.

ما حصل قد حصل، ودفع لبنان أثماناً غالية وما زال يدفع، جراء رِهان البعض من اللبنانيين على الأميركي والخليجي والصهيوني وحتى على شياطين داعش والنصرة منذ العام 2011، لضرب المقاومة في لبنان، لذلك، فإن قدر فخامة الرئيس عون مواجهة الإرتدادات – قبل الرئاسة وخلالها، بصفته حليف حزب الله – في الحفاظ على الجمهورية وليس على كرسي رئاسة الجمهورية، وليتأكد العونيون ومعهم كل اللبنانيين الشرفاء، أن كل أعداء المقاومة قد استزلموا للخارج ولا يُريدون لهذا العهد أن يحكُم، لدرجة أنهم يحاربونه منذ اليوم الأول، ومؤخراً عبر مليون ونصف مليون نازح سوري، يفعلون المستحيلات لإبقائهم على الأرض اللبنانية بهدف تقويض الكيان اللبناني إقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، ثُم عبر الحراك المشبوه، تحت ذريعة الحقوق المطلبية ومكافحة الفساد، و”اجترار” الشعارات التي كان العونيون أول مَن أطلقها، لينتهي الحراك الى ثورة بلا هدف يقودها عملاء وصبيان سفارات في استغلالٍ لحكمة الرئيس وصبر الجيش اللبناني وانضباط “الشارع الآخر”.

هذا “الشارع الآخر”، لا يجِد نفسه مُلزماً بالتحرُّك الآن، لأن أزلام السفارات الذين يُديرون الساحات ويُوَجِّهون قُطَّاع الطُرق بدأت تسجيلات اجتماعاتهم تتسرَّب، وتُفشي خلافاتهم العميقة نظراً لتعارض أجندات قياداتهم، ومع تأييدنا لكل المطالب المعيشية للشعب اللبناني، وبانتظار موضوع استيلاد حكومة من رَحمِ المُعاناة، فإن الخطوات القادمة المطلوبة هي في إعادة الأمن الى الطرقات لتعود دورة العجلة الإقتصادية ولو ببطء، وكفى الشعب اللبناني البقاء رهينة الخِيَم المشبوهة وحلقات الرقص والدبكة والتصرفات الميليشيوية لقُطَّاع الطُرُق، ولا أخوَّة في لبنان سوى بالمواطَنَة تحت سقف دولة عادلة، ولا لمهزلة علاقة تحت مُسمَّى “أوعا خيَّك” ما لم نكُن مُجمِعِين على مبدأ “أوعا الوطن”…

لا مانع من “أوعا خيَّك” ولكن، أوعا الوطن!

لا مانع من “أوعا خيَّك” ولكن، أوعا الوطن!