– معراب تصطاد أخاً جديداً من بحيرة بنشعي ( أمين أبوراشد )
أخبار عالنار- قد يكون من إيجابيات 8 و 14 آذار، أن المسيحيين كانوا منقسمين سياسياً، لأن الوحدة الدينية لا تحمي المسيحيين في شرق الشياطين. والوحدة المسيحية لا مانع منها، شرط أن تُبنى على أسس لبنانية وطنية تُلاقي الشريك الآخر، وإذا كان التيار الوطني الحرّ لديه شريكه منذ العام 2006، فإن للقوات اللبنانية أيضاً شريكها، ومُخطىء من يعتقد أن الأول مسيحي شيعي، والثاني مسيحي سنِّي، كما قال البطريرك الراعي يوم كان مطراناً على جبيل، لأن الإنقسام السياسي المسيحي هو في إختلاف وجهات النظر الإستراتيجية حول سُبُل معالجة القلق الوجودي على الأقليات المشرقية، والمسيحيون كانوا طلائع الضحايا في النزاعات الشرق أوسطية، وكان آخرها خلال ما يُسمَّى الربيع العربي، وكاد مسيحيو لبنان يدفعون نفس الثمن لولا حرص الشريك الأخر في الوطن على الوجود المسيحي، وخيارات التيار الوطني الحر في ورقة التفاهم مع حزب الله أثبتت بُعدها الرؤيوي، وهذا ما أكّدته نتائج الصراعات في سوريا والعراق خاصة بعد هزيمة التكفيريين.
مشكلة مقولة “أوعا خيَّك” أنها أخذت صبغة مسيحية، وهذا ليس عيباَ، ولكنه ليس المطلوب، خاصة إذا كان أحد الأخوين، ينظر الى الوطن من منطق “كانتوني” ضيِّق من جهة، ومن جهة أخرى يرى في السلاح الوطني للمقاومة أنه “غير شرعي”، في الوقت الذي لا ضمانة لوجود مسيحي قوي سوى بشريكٍ مسلمٍ قوي، وهنا مشكلة جمهور التيار الوطني الحر الرافض لأية مُسايرة تحت باب “أوعا خيَّك”، لأن أبناء المقاومة هم أخوة حقيقيون في المواطنة اللبنانية، ولا أخوَّة مع أي طرف مسيحي على حساب الأخوَّة اللبنانية.
ومشكلة مقولة “أوعا خيَّك” أيضاً، أن القوات اللبنانية ذهبت في دعم ترشيح فخامة الرئيس عون، نكاية بالشريك المسلم الذي اختار ترشيح النائب سليمان فرنجية، واليوم تستدير القوات نحو فرنجية والمردة لأن مصيبة المواجهة الإنتخابية النيابية تجمعهما في دائرة واحدة، وقائد القوات سَمِع حتماً بيانات المردة، أنهم سَيلحَقُون بالعونيين أينما كانوا لإلحاق الهزيمة بهم في الإنتخابات، نتيجة خصومة أعلنوها على العونيين والتيار لأن النائب سليمان فرنجية لم يصل الى بعبدا، ومع ذلك يؤسس قائد القوات لعلاقة “أوعا خيَّك” جديدة مع المردة !
وفي مقولة “أوعا خيَّك” ما هو أكبر من مقعد نيابي ومصلحة ظرفية، أن فخامة الرئيس عون هو “الأخ الأكبر” في هذه العلاقة، وهو الذي يتلقى مُنفرداً كل كُرات النار التي تتساقط في عهده، والموروثة من عهود سابقة، ويتلقاها من عصابة مرتكبين يُزايدون على فخامة الآدمي في ملفات الفساد وهُم أنفسهم الفاسدون، ويُزايدون في السلسلة والضرائب والمشاكل الإقتصادية والإجتماعية التي ورِثها فخامته مع إرثٍ أثقل يتمثَّل بمجموعة الفاسدين ومخلَّفات المزرعة.
من هذا المنطلق، ولأن فخامة “الأخ الأكبر” قد غدا “بيّ الكل”، فهو بات محكوماً بواجبات رئاسية وقيادية، ولن يترك البلد وهمومه لترميم علاقة “أوعا خيَّك” بين الرابية ومعراب، طالما أن معراب تصطاد أخاً جديداً من بحيرة بنشعي، وإذا كانت القوات حريصة على الوحدة المسيحية، فأهلاً وسهلاً بها لو استطاعت أن تلعب دور الأخ بين التيار والمردة، وأن تجمع الأخوة ولكن بشرط، لا أخوَّة بين المسيحيين على حساب أخٍ في الوطن لولاه ولولا دماء شهدائه لما بقي لنا وطن، ولا بقي فيه مواطن مسيحياً كان أم مسلماُ، والسلام على كل أخٍ لنا في الدين وألف سلام على من هو أخٌ كريم في المواطنة اللبنانية، و.. “أوعا الوطن” .