أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


هل ينجح ترامب في إدارة سياساته مع إيران؟

مالك ابي نادر – النهار

يجمع محللو السياسات الدولية على أن أولويات صنع القرار في تحديد سياسة الإدارة الأميركية حيال أي حدث دولي هي خمس نقاط تُعتمد وفق الأولوية:
الأولى، منظور الأمن القومي والمصالح الاستراتيجية التي تحكمها أهمية بقاء أميركا قطباً عالمياً أوحد أو أحد القطبين، ومن أهدافها الحفاظ على قوة الاقتصاد الأميركي والقدرة على الردع العسكري والأمني في أي منطقة في العالم، وحتى في الفضاء والتوازن النووي العالمي والإبقاء على النظام السياسي الفيديرالي. وهي نقاط واسعة وفضفاضة تقبل الاجتهاد والتداخل، بما يسمح للإدارة بأن تتذرع بإحداها لتتدخل في أزمات دولية وإقليمية منها على سبيل المثال وضع التعاطي مع الصراع الاسرائيلي – العربي كونه يرتبط مباشرة باستمرار تدفق آمن للنفط في الأسواق العالمية، الامر الذي يحافظ على استقرار الأسواق الإنتاجية والاستهلاكية العالمية.
الثانية، منظور مصالح الشركات الكبرى والكارتلات الصناعية وجماعات الضغط المؤثرة بالرأي العام والقوى العاملة التي تستقطب فرص العمل الجديدة وتحافظ على التوازن بين دافعي الضرائب وقوى الإنتاج، إلى الجمعيات الأهلية، لأن هذه العوامل تؤثر في مزاج الناخب على مستوى انتخابات الرئاسة وعمل تكتلات مجلسَي النواب والشيوخ. وأكبر مثال على ذلك ما برز في ستينات القرن الماضي من دور لنقابات سائقي شاحنات النقل في رسم سياسات الأحزاب وقيادييها، ومنذ السبعينات تتحكم سياسات الشركات النفطية الكبرى ومصانع إنتاج السلاح ووسائل النقل والمؤسسات الإعلامية برسم السياسة تجاه الدول – الأسواق لهذه المنتوجات.
الثالثة، منظور القيادة الرئاسية المؤلفة من فريق الرئيس والشخصيات التاريخية في حزبه لأن التناوب التاريخي للحزبين على قيادة أميركا أوجد في رصيد كل حزب عددا كبيراً من رجالات الاقتصاد والأمن والعسكر والمحللين السياسيين يعود إليهم فريق كل رئيس لأخذ النصح واستيضاح الكثير من الملفات. من هنا يكتسب فريق الرئيس هذا الدور لانه يشكل امتداداً طبيعياً لسياسات سابقة، الأمر الذي أعطى للسياسة الخارجية صفة الاستمرارية والتراكم الذي يجعلها في مراجعة دائمة لخطواتها.
الرابعة، منظور المتخصصين والخبراء، أي مراكز الدراسات التي غالباً ما تدخل في منظومة صنع القرار الأميركي من باب الاستشاريين. فالكم الهائل من الاهتمامات الداخلية والدولية الطارئة، وعدم إحاطة مساعدي الرئيس من وزراء وموظفين كبار بكافة القضايا الدولية يجعل من دورهم أكثر من استشاري. وهؤلاء تتعاقد معهم الإدارة مرحلياً، لذلك يكون وجودهم مرتبطاً بإرادة الفريق الرئاسي، وتالياً لا يخرجون بمواقفهم عن الخطوط العريضة لسياسات الرئيس وحاشيته.
الخامسة، منظور الإدارة الأميركية كأقسام وفروع وزارة الخارجية والاستخبارات، وما يمثله هؤلاء من خبرات وتاريخ من التعامل مع ملفات البلدان التي تتعامل معها الإدارة الأميركية وحتى التي لا تتعامل معها رسمياً. فالخبرة وأقنية التواصل التي نمت معهم تعطيهم حيزاً في آليات صنع التصورات والمقاربات بإبداء الراي والمشورة، ولكن لا يعول عليهم كثيراً لأنهم عادة موظفون يُعرف عنهم انهم يسعون دائماً لكسب ود الإدارات المتعاقبة، فهم بذلك يقدمون الآراء فقط لأن أخذ القرارات ليس من صلاحياتهم.
بناءً على ما تقدم، يصبح السؤال التالي ملحاً، ما اهمية أن يكون الرئيس ممثلاً لثلاثة من مستويات التأثير أو القرار في السياسات المحلية والخارجية؟
قلة هم الرؤساء الذين دخلوا البيت الابيض على حصان الثروة. فأغلبيتهم كانوا إما محامين أو حاكمي ولايات أو موظفين كباراً في شركات تفصل بينهم وأصحاب الثروات بيروقراطية العلاقة بين مالك الأسهم وموظفيه ومستشاريه والمتعاملين معه أو المنفذين لخططه. ومن الطبيعي عندما يصل سدة أهم رئاسة في العالم، أن يسعى للخروج من نمطية حَكَمَته يوم كان يعمل لصالح هؤلاء.
لكن أن ياتي رئيس يمثل المستوى الثاني يعني أنه سيطر بشكل شبه كامل على أربعة مستويات، رجال الأعمال ومجموعات الضغط والفريق الرئاسي وفريق المختصين والخبراء وموظفي الإدارة. وأصبح اتخاذ أي قرار لا يمس الأمن القومي سهلاً وواجب التحقيق شرط ألا توجد موانع تمليها المصلحة القومية العليا، خاصة القرارات التي تؤمن المصالح الاقتصادية.
من هنا تعويل ايران على أن مصالح شركات النفط الاميركية ستكون المدافع الاول عن الاتفاق النووي، بغض النظر عن علاقاتها مع دول الخليج، رغم كل ما أثاره الرئيس في حملته الانتخابية، لان التقديرات الغربية للمَبالغ التي ستثتثمرها ايران في تحديث قدراتها النفطية لتعود واحدة من كبار المصدرين هو نحو 300 مليار دولار أميركي ستسعى كارتلات التكنولوجيا النفطية في أميركا للاستئثار بالحصة الأكبر منها، لأنها ستوفر لشركاتها استثمارات طويلة المدى، بالاضافة إلى شركات السلاح التي ستستثمر في خوف دول الخليج من إيران اموالاً طائلة إضافية. زد على ذلك توافق أميركا معها سيؤمن ايضاً علاقة جيدة بالعراق حيث مصالح الشركات الأميركية بتجارة الأسلحة والإعمار والنفط.
الرابط الأصلي لصحيفة النهار (إضغط هنا)