أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


ما خلفية الرد الأميركي على انتصار سورية وحلفائها في حلب ومفاعيله؟

امين محمد حطيط –
 
بعد ان تيقنت اميركا و اتباعها و أدواتها  ان معركة تطهير حلب حسمت و ان كل المناورات التي لجئ اليها لمنع انتصار سورية في حلب قد فشلت ، وجدت اميركا نفسها انها امام خيار من اثنين اما  الاعتراف بالهزيمة الاستراتيجية و العملانية فضلا عن ابعادها السياسية و التسليم بان المشروع الاستعماري العدواني الذي ابتغت تنفيذه انطلاقا من سورية قد سقط ، او المكابرة و رفض الاعتراف بالواقع و اللجوء الى مناورات و سلوكيات جديدة توحي بان اميركا لم تستسلم لنتائج الميدان و بان لديها ما تفعله من اجل منع انهاء الحرب عبر إطالة امد الصراع كما يردد مسؤوليها ، اطالته فترة من الزمن تمكنها من تعويض الخسائر او على الأقل حفظ ماء الوجه و تحديد الخسائر في عناوينها كلها الى الحد الأدنى الممكنون يبدو ان اميركا اختارت الحل الثاني لأسباب داخلية و خارجية دولية و اطلسية .
فعلى الصعد الداخلي وجدت اميركا  ان الإدارة الديمقراطية التي تنهي ولايتها في البيت الأبيض بعد اربعين يوما ،وجدت انه من غير المستساغ و من غير المناسب لها ان تخرج من الحكم مثقلة بهزيمة استراتيجية في الشرق الأوسط  تبدو فيها  انها فشلت و اعترفت بالفشل ، كما ان هذه الإدارة لا تريد ان تسهل مهمة الرئيس الجمهوري المنتخب وهي  لا توافق على ما يعلنه من استعداد لتغيير السياسة الأميركية في سورية و الانتقال من مهمة تغيير النظام و محارب الدولة السورية الى مهمة محاربة داعش و الإرهاب و تجنب تغيير أنظمة الدولة الأجنبية بالقوة ، بل تريد ان تورثه في سورية وضعا يصعب عليه التراجع عنه بسهولة و سرعة ، بل يفرض عليه واقعا يمكن ان  ينزلق فيه تدريجيا الى الميدان حتى يرى نفسه غارقا فيه و يتعذر عليه الخروج ما يضطره للانقلاب على وعوده الانتخابية.
اما على الصعيد الخارجي فان اميركا تستصعب الظهور اما اتباعها وادواتها بمظهر العاجز المعترف بعجزه وغير القادر على ابتداع خطط جديدة تفسد على العدو والخصم الاستفادة من انتصاراته ومكاسبه، لا بل تمنع عليه المحافظة على الانتصار واستثماره، لان في هذا الاعتراف إثر مباشر على هيبة اميركا دوليا وتأثيرا مباشر على سوق الأسلحة الأميركية الذي تعتبر شركات السلاح الأميركية فيه ركنا رئيسا من اركان منظومة صنع او التأثير على القرار الأميركي الدولي والخارجي.
لهذه الأسباب قررت اميركا ان يكون الرد على الانتصار السوري التحالفي في حلب رفضا للاستسلام له أولا ثم يكون من طبيعة مركبة عسكرية ميدانية وسياسية وإعلامية، وفي الوقت الذي حشدت من تسميهم أصدقاء سورية للبحث في كيفية معالجة وضع حلب ووضع خطة مواجهة الانتصار السوري التحالفي فيها، أوحى وزير خارجيتها بشيء من الانكسار بان حلب باتت وراء الظهر ويجب التطلع الى ما بعدها وان يحفظ المتبقي بما يمنع تفاقم الانهيار في معسكر العدوان على سورية.
اما الرد الأميركي العملي فقد اتى على صعد اربعة كان أولها قرار من الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي لجئ اليها بعد الفشل في مجلس الامن بسبب الفيتو الروسي الصيني المزدوج، قرار ظاهره انساني وعمقه سياسي ميداني يرمي الى وقف العملية التطهيرية في حلب، ثم كان القرار الأميركي الذي كان امتنع أوباما عنه طيلة 3 سنوات خلت والان وقبل 40 يوما من انتهاء ولايته وقع قرار الكونغرس برفع الحظر عن تزويد المسلحين في سورية بالأسلحة لمواجهة الدولة السورية (وكأن قبله كان الارهابيون بلا سلاح!؟)  . اما القرار الثالث فكان في فتح جبهتين معا بعيدا عن حلب الأولى تولتها داعش الجيش العربي السوري في تدمر، والثانية تولتها تركيا عبر ما تسميه “درع الفرات” لقطع الطريق على الجيش العربي السوري في تطهير مدينة الباب وتحصين الإنجازات في حلب وأخيرا كان الفرع الرابع من الرد عبر قيام الجوقة الغربية بتسويق فكرة “ان الانتصار في حلب لن ينهي الازمة السورية” و “ان امد الصراع طويل وسيتفاقم “. فما أهمية هذه الردود وما مفاعيلها على المشهد السوري.
نبدأ بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونذكر بان قرارها هذا جاء من طبيعة معنوية غير ملزمة ولا يؤخذ بها ولا يعمل بها الا إذا وافقت الجهات المعنية بها على القرار والتزمت بتنفيذه اما إذا رفضته قلا يكون أكثر من “توصية او نصيحة”. وفي الحالة السورية ورغم الجانب الإنساني الذي حاول أصحاب القرار الإيحاء به فانه جاء قرارا غير متوازن يخدم في العمق مصلحة الإرهابيين ويعطيهم فرصا جديدة للتحصن في حلب ويمنع من استكمال المهمة السورية فيها ولذلك كان طبيعيا ان يكون القرار مرفوضا من سورية وحلفائها والنتيجة لهذا الامر ان القرار كان بمثابة اضافة الى هرم القرار ات الأممية غير النفاذة وغير المجدية والمنعدمة الفعالية والتأثير.
اما عن رفع الحظر عن تسليح إرهابيين، فان لهذا القرار ابعادا سياسية واستراتيجية تتقدم على البعد العسكري. فأميركا منذ ان قادت العدوان على سورية لم تتورع يوما عن تزويد الإرهابيين بما يحتاجون من سلاح وتجهيزات وقد كانت تفعل ذلك مباشرة او عبر الأدوات والا من اين استطاع ال 200 ألف مسلح الذين عملوا في سورية طيلة السنوات الست الماضية ان يمارسوا أعمالهم الإرهابية ويمسكوا ارضا ويقيموا كيانات وسلطة لهم عليها ومن اين أتوا بالسلاح لو لم تكن اميركا وهي قائدة معسكر العدوان على سورية هي التي تدير عملية تسليحهم خاصة وأنها هي الممسكة الى حد بعيد بالقرار الدولي في هذا الشأن. وعليه نقول من الوجهة العسكرية لن يكون للقرار الأميركي إثر في تغيير موازين القوى في الميدان لكنه من الوجهة السياسية والاستراتيجية والمعنوية قد يكون توريطا لترامب في الازمة السورية كما انه قد يكون محاولة لرفع معنويات الأدوات والتابعين، وقد يكون نوع من تسويق الصفقة الغربية لدول الخليج التي بلغت 7مليار دولار أسلحة لهم وكأن اميركا تقول لهم نعطي مجموعاتكم الإرهابية السلاح مقابل ان نبيعكم أنتم السلاح الذي نريد فشركاتنا يجب ان تعمل وتصدر.
اما الرد الميداني في مدينتي الباب وتدمر فقد  تمكنت  اميركا عبر داعش من  اتنفذ هجوم في تدمر استقدمت اليه اكثر من 6000 مسلح من الرقة و دير الزور، و رغم نجاح  الجيش العربي السوري والحلفاء في احتواء الموجة الأولى من الهجوم على تدمر و اقتياد المهاجمين الى فخ محكم أطبق ناريا على 400 مسلح حاولوا دخول المدينة فمنعوا و تم الاجهاز عليهم فقد تمكنت داعش من دخول تدمر ما سيفرض على الجيش لاحقا تنفيذ الهجوم المعاكس الذي يحضر له من اجل منعها من الاستقرار في المدينة  ، اما في مدينة الباب و بعد  ان تحركت الجماعات المدعومة من تركيا نحو المدينة فقد كان الرد الناري الذي يلزمها بالتوقف فامتثلت وفهمت ان مدينة الباب لن يدخلها الا الجيش العربي السوري.
و في الخلاصة السريعة نجد ان الرد الأميركي المركب و تحت كل العناوين لم يتمكن و لم يصل الى المس بوهج الانتصار في حلب و ان حلب كما قلنا ستكون منطلقا لتاريخ و تقويم جديد يؤكد ان العدوان لن يقوى بعد الان على اجتراح خطط و مؤامرات تنتزع من سورية و حلفائها انتصاراتهم او تؤثر على حق سورية بالسيادة و الامن و الاستقلال و الاستقرار ، فمن حلب بدأ العد العكسي لانتهاء الازمة و في حلب التي اختصرت فيها الازمة السورية التي اختصرت أزمات العالم ، ففي حلب كانت معركة انقاذ المنطقة و العالم من خطر الإرهاب الظلامي التكفيري المتوحش ، و عبثا يحاول المعتدون تغيير الحقيقة هذه .