لم يطغ على مشهد ما يجري على الحدود السورية شمالاً والنوايا التركية لشن عدوان جديدة على الأراضي السورية في منطقة شرق الفرات، والتي بدورها شغلت العالم وسياسييه، غير تصريحات الرئيس الأميركي و«تغريداته» المتناقضة، ومواقفه المتأرجحة بين حليفيه تركيا وميليشيا «قسد».
الرئيس الأميركي الذي اختتم نهاره أول من أمس بتصريحات نارية أكد فيها عزم بلاده الانسحاب من الأراضي السورية، حيث «الحروب السخيفة التي لا تنتهي»، وبأن «الأكراد حصلوا على مبالغ طائلة وعتاد هائل وهم يقاتلون تركيا منذ عقود»، وعلى «تركيا وأوروبا وسورية وروسيا وإيران والعراق والكرد، تسوية الوضع في شمال سورية بعد خروج القوات الأميركية»، عاد ليؤكد أنه بالإمكان بدء عملية الانسحاب من سورية، «إلا أننا لم نتخلَ عن الأكراد بأي شكل من الأشكال، الذين يمثلون شعباً خاصاً ومقاتلين ممتازين»!
تأكيد الرئيس الأميركي نيته الانسحاب من سورية ونفيه هذه النيات، وإعلانه تخليه عن «قسد» وامتداحهم لاحقاً، لم يكن آخر المتناقضات التي خرجت من تغريدات «التويتر» خلال الساعات الماضية، فعلى حين هدد تركيا بأن أي عمليات قتالية غير مبررة وغير ضرورية من قبلها، ستؤدي إلى تداعيات مدمرة بالنسبة إلى اقتصادها وعملتها الوطنية الهشة جداً، مذكراً إياها بأن بلاده تدعم الأكراد مالياً ومن خلال الأسلحة! عاد ليؤكد أن كثراً ينسون بسهولة أن تركيا شريك كبير للولايات المتحدة، وعضو مهم في الناتو، وعلاقات واشنطن معها في الناتو والتجارة، جيدة جدا!
التخبط في المواقف الأميركية ونية واشنطن الانسحاب من سورية، سُمع صداه مباشرة في إسرائيل، حيث شن الإعلام الإسرائيلي هجوماً عنيفاً على الرئيس الأميركي، واصفاً إياه بـ«الثرثار» و«الطائش»، وسط مزاعم بأن كيان الاحتلال فوجئ بقراره السماح للنظام التركي بتنفيذ عملية عسكرية ضد الميليشيات الكردية شرق الفرات، وأوردت الصحف الإسرائيلية، أن «إسرائيل فوجئت بقرار ترامب، السماح للرئيس التركي بالشروع في عملية عسكرية شرق الفرات».
المؤشرات المتناقضة القادمة من الولايات المتحدة دفعت على ما يبدو بالنظام التركي للتريث في تنفيذ أي خطوة لا ترضى عنها واشنطن، كما أن المواقف الثابتة والواضحة التي صدرت عن حلفاء دمشق، قدمت مؤشراً واضحاً إلى رفض روسيا وإيران لأي خطوات ميدانية تركية تمس بالسيادة السورية، ليحضر الملف السوري مساء أمس على طاولة مجلس الأمن القومي الروسي برئاسة الرئيس فلاديمير بوتين، وقال الناطق الصحفي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف: إن «المشاركين في الاجتماع بحثوا بالتفصيل الوضع في سورية على خلفية التصعيد بشمال شرقي البلاد، كما تم تبادل الآراء حول بدء عمل اللجنة الدستورية السورية»، وأضاف بيسكوف: إنه «جرى تأكيد أنه من المهم في هذه المرحلة تفادي أي أعمال من شأنها أن تعرقل التسوية السلمية في سورية».
من جانبها رفضت طهران على لسان وزير خارجيتها أي عمل عسكري، وخلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي، أكد محمد جواد ظريف على «احترام وحدة أراضي سورية وسيادتها الوطنية، وشدد على ضرورة مكافحة الإرهاب وإحلال الاستقرار والأمن في سورية».
وأمام التهديدات التركية لسورية خرج موقفان عربيان الأول عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أعلن «الرفض التام لمحاولات استخدام القوة واستقطاع جزء من الأراضي السورية، وفرض أمر واقع جديد في المنطقة، فيما يعد انتهاكاً للأعراف والقوانين الدولية».
الموقف العربي الثاني ظهر عبر وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، في تغريدة له حيث قال: إن «التطورات الخطيرة والمحيطة بسورية ما هي إلا تداعيات للانقسام العربي الحالي»، وتابع: «لا سبيل إلا العمل على عودة النظام العربي الإقليمي فما يحدث أمامنا بذور أزمات مستدامة يرويها الانقسام الحالي»!
-الوطن السورية-