أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


“داعش” يتمختر في بريطانيا والحكومة تتواطأ على المسيحيين: نعم للتكفيريين ولا للأساقفة المسيحيين

من يحكم العالم… !! من الصعب تصوّر عنوان أكثر تنافراً! فيما تتركز أنظار العالم على تحرير الموصل، ترفض الحكومة البريطانية منح تأشيرة لرئيس أساقفة الموصل لحضور تكريس أول كاتدرائية أرثوذكسية سريانية في المملكة المتحدة، كنيسة تضم العديد من اللاجئين الذين هربوا من الاضطهاد الذي يُمارسه الإسلاميون في العراق وسوريا.
شهد الأسبوع الفائت احتفالات ضخمة إذ كُرست كاتدرائية القديس توما في لندن من قبل الرئيس العالمي للكنيسة الأرثوذكسية السريانية، البطريرك اغناطيوس افرام الثاني. فوجّهت جلالة الملكة رسالة شخصية، في حين كان الأمير تشارلز ضيف الشرف وألقى كلمة في الحشد. وسجل في الاحتفال حضور أبرز المسؤولين الكنسيين في المملكة المتحدة منهم أسقف لندن، فيما وجّهت رئيسة الحكومة البريطانية المحترمة ريتا ماي رسالة لكي تُقرأ على الحشد. أوضحت رسالة السيدة ماي أن “العنف المرعب الذي ضرب عدة مناطق من الشرق الأوسط يذكّرنا بأننا محظوظون لكوننا نعيش في بلد لا تُعتبر فيه مختلف المعتقدات الدينية مقبولة فحسب، لا بل أيضاً مُرحَّباً بها”.
مع ذلك، لم يشمل ذلك الترحيب نيقموديموس داود شرف، رئيس أساقفة الموصل أو تيموثاوس موسى الشماني، رئيس أساقفة القديس متى (التي تغطي سهل نينوى في شمال العراق) اللذين رُفض إعطاؤهما تأشيرة للدخول إلى المملكة المتحدة من أجل حضور تكريس الكاتدرائية في لندن. كذلك، رفضت المملكة المتحدة منح تأشيرة لرئيس أساقفة حمص وحماه في سوريا، سلوانوس بطرس النعمة.
في هذه الحالة، قالت السفارة البريطانية أنها لن تحيد عن سياستها بعدم إعطاء تأشيرات لأي شخص في سوريا.
يُذكر أن تنظيم الدولة الإسلامية سيطر على أبرشية كل من رؤساء الأساقفة الثلاثة فأُعدم مسيحيون أو استُعبدوا أو أجبروا على قبول الوضع الاجتماعي والقانوني لأهل الذمة ودفع الجزية. وهناك، دُمرت الكنائس أو حُوِّلت إلى مساجد. في الواقع، كان رئيس أساقفة الموصل آخر رجل دين بارز يغادر الموصل في يوليو 2014 عندما استولى عليها تنظيم داعش.وتحولت كاتدرائيته الآن إلى مسجد.
مع ذلك، لم يُعطَ زعماء الكنائس البارزون الذين يقاسي أعضاء كنيستهم الإبادة تأشيرات لحضور تكريس أول كاتدرائية أرثوذكسية سريانية في المملكة المتحدة التي تؤمن الرعاية الروحية لبعض أبنائهم الذين تمكنوا من الحصول على اللجوء إلى المملكة المتحدة.
السببان اللذان قُدما لرئيس أساقفة الموصل ورئيس أساقفة القديس متى نتيجة رفض إعطائهما التأشيرة زائفان – قيل لهما أنهما لا يملكان ما يكفي من المال لإعالة نفسيهما في المملكة المتحدة وقد لا يغادران البلاد. وكل من شاهد التقارير الإخبارية العالمية الراهنة يعلم أن لدى الرجلين مسؤوليات رعوية ملحّة في ظل تحرير المناطق المسيحية التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش. علاوة على ذلك، لدى الرجلين تأشيرتان طويلتا الأمد إلى عدة بلدان غربية أخرى منها الولايات المتحدة ومنطقة شنغن، في حين أنه لدى رئيس أساقفة الموصل تأشيرة إقامة دائمة إلى أستراليا.
سأل رئيس الأساقفة أثناسيوس توما داود، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية السريانية في المملكة المتحدة: “لمَ يعاملون المسيحيين بهذه الطريقة؟”.
إن رفض إعطاء تأشيرة لهؤلاء الزعماء الكنسيين البارزين للدخول لبضعة أيام إلى المملكة المتحدة تدلّ على مشكلة أعمق في وزارة الداخلية البريطانية. في الواقع، هم ليسوا الزعماء المسيحيين المُضطَهَدين الأوائل الذين رُفض منحهم التأشيرات للقيام بزيارات رعوية إلى المملكة المتحدة، ولا تقتصر هذه المشكلة على المسيحيين الأرثوذكس. ففي وقت سابق من هذه السنة، رفض طلب مجيد رشيد كردي، الراعي الإنجيلي المتحدر من العراق الذي أنقذه برنامج الملجأ الآمن الذي قامت به جمعية صندوق برنابا من العراق. مع ذلك، رفض إعطاؤه هو أيضاً تأشيرة، على الرغم من أن عائلته باتت تقيم بشكل دائم في الجمهورية التشيكية. وقبل شهر، رفض قبول طلب راعيين بروتستانتيين من زيمبابوي اضطُهدا بشدة من قبل نظام موغابي، ورُفض إعطاؤهما تأشيرتين لحضور محاضرات في المملكة المتحدة.
بالمقابل، في غضون ذلك، يقال للزعماء الإسلاميين المتطرفين أنه بإمكانهم الحصول على تأشيرات – على الرغم من أنهم يمثلون منظمات أو حركات تحرض على ممارسة العنف والاضطهاد بحق المسيحيين. على سبيل المثال، أصدرت مؤخراً وزارة الداخلية البريطانية إرشادات تقول أنه ينبغي منح اللجوء إلى المملكة المتحدة للأعضاء البارزين في جماعة الإخوان المسلمين في مصر – على الرغم من أن الجماعة المذكورة حرضت مراراً على العنف ضد المسيحيين المصريين، ما أدى إلى إحراق حوالي 80 كنيسة منذ سنة 2013، وأعلنت جهاداً عنيفاً ضد الحكومة المصرية. وفي شهر يوليو من هذه السنة، أعطيت تأشيرات من أجل جولة على المساجد في المملكة المتحدة لمسؤولَين مسلمَين باكستانيَّين روّجا لـ “تكريم” قتل كل من يعارض قوانين مكافحة التجديف في باكستان ووجها دعوة من أجل القتل الفوري للمسيحيين المتهمين بالتجديف مثل آسيا بيبي.
سبق أن كتبنا لوزراء وزارة الداخلية طالبين منهم التعبير عن القلق إزاء هذه المسائل. رداً على ذلك، أشاروا إلى أنهم كوزراء لا يتعاملون مباشرة مع طلبات التأشيرات ولا يستطيعون التعليق على حالات فردية. وعلى الرغم من أن هذا صحيح، إلا أن هناك مشكلة نظامية خطيرة عندما يُعطى المسؤولون الإسلاميون المؤيدون لاضطهاد المسيحيين الضوء الأخضر لدى إطلاعهم على أنه سيتم البحث في طلباتهم للحصول على التأشيرة إلى المملكة المتحدة، في حين يتم رفض إعطاء التأشيرات من أجل زيارات رعوية قصيرة إلى المملكة المتحدة لزعماء مسيحيين بارزين تواجه جماعاتهم الإبادة منهم رئيس أساقفة الموصل. هذه مسألة ملحّة يجب أن تفهمها وزارة الداخلية وتعالجها.
aleteia.org/ar