أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


المسيحيون في سوريا وأهمية بقائهم المحوري لصمود المسيحيين في لبنان(نسيم بو سمرا)

ضرب سوريا التي تشكل عصب المشرقية ومحورها يسهّل ضرب الاقليات في المنطقة

***

لمصلحة من تهجير المسيحيين من سوريا ؟ وهذا ما يسعى اليه مخطّطو التفجير الإرهابي الذي وقع أمس أمام كنيسة ​السيدة العذراء​ في مدينة ​القامشلي​، ألا يصب في مصلحة الكيان الاسرائيلي؟ والذي لا يرسّخ وجوده كدولة في فلسطين، الا بتحويل كل الدول المحيطة به الى كيانات أحادية مغلقة تشبه مجتمعه العنصري الرافض للآخر المختلف.

فسوريا هي عصب المشرقية ومحورها، وفي حال قدّر لمشروع الصهيونية العالمية والمدعوم أميركيا، النجاح بقطع هذا العصب، يصبح من السهل ضرب كل الاقليات في المنطقة، ومثال الايزيديين ما زال ماثلا امامنا، ففقدان الايزيديين للعمق الاستراتيجي، والذي كان محصورا في منطقة معينة، سهّل الاستفراد بهم وبالتالي ضرب وجودهم، فيما تفاعل هذا المكون على مدى قرون عدة، مع المكونات العراقية الاخرى، شكّل غنى للشعب العراقي.

إنّ صبغ المشرق بلون واحد، مهما كان هذا اللون زاهياً، بعدما شكّل لوحة اختلطت بها الالوان بشكل منسجم وجميل، عبر آلاف السنين، يؤدي الى انتفاء الحاجة الى شعوب دول هذا المشرق المتنوع والمتعدد، لما يختزنه من ذاكرة حضارية للبشرية، فسقوط هذا النموذج وعلى الرغم من المخاض الاليم الذي يمر به من وقت الى آخر، يناقض المسار التاريخي، ويُسقط كل المبادئ التي قامت عليها الثورة الفرنسية وكل ثورات العالم الغربي، التي استندت الى عنصر الحرية كأساس فلسفي، مع ما يعنيه ذلك من حرية فردية وكذلك جماعية، في ممارسة الافراد قناعاتهم من دون تقييد، والجماعات أفكارهم وفق ثقافتهم، ولذلك تعتبر الفلسفة المشرقية ضرورة لا بل حاجة بشرية، والقضاء على التنوع هذا في المشرق، مهد الحضارات، ومنطلق الديانات، يضرب ركائز انبثاق عصر التنوير في العالم الغربي.

إن سوريا الجيو- سياسية وكما كان مجتمعها طوال التاريخ متنوعاً، هي قلب هذا المشرق ومحوره، وبقاء المسيحيين فيها، يشكل ركيزة صمود المسيحيين في لبنان، والا سيفرغ لبنان وكل المشرق من مسيحييه في غضون عشرات السنين فقط، في حال خسروا امتدادهم الحيوي في قلب سوريا، وبالتالي تنتفي حجة وجود هذا المشرق كما جوهر رسالته الانسانية.